الازدواجية في خطاب السيد اياد علاوي

محمد رضا عباس
في زيارته الأخيرة الى القاهرة , صرح السيد اياد علاوي , رئيس ائتلاف الوطنية والأمين العام لحركة الوفاق الوطني حول الازمة القطرية , معتبرا ان أساس الانشقاق العربي هو الحرب العراقية الإيرانية والتي انقسم العرب فيها الى مخيم ينتصر الى ايران والأخر ينتصر الى العراق . ثم اعتبر ان الازمة القطرية الخليجية سيكون لها تداعيات على القضية الفلسطينية والعراق وسوريا واليمن والبحرين ولبنان و مصر والأردن , مطالبا الى عقد حوار ” حقيقي يضع النقاط على الحروف” .
لا نختلف ان أي خلاف عربي –عربي سيكون له تداعيات على الدول المحيطة ومن العقل والحكمة , كما جاء في تصريح السيد علاوي, حله بالسرعة الممكنة . ولكن المشكلة مع خطاب السيد علاوي هي الازدواجية في الخطاب , أي بالوقت الذي يطالب بالحوار البناء والحقيقي لحل المشكلة الخليجية , الا انه لا يتحرج من محاولة خلق تأجيج اخر في المنطقة , وهو اتهام ايران بكل ما يجري في المنطقة من أزمات وكان ايران حلت محل روسيا والصين وامريكا وفرنسا وبريطانيا وأصبحت اله الكون لا منازع لها ولا احد يستطع ان يقول لإيران على عينك حاجب على قول المثل العراقي. ان تركيز السيد علاوي على خطابه التحريضي ضد إيران من اجل كسب ود بعض الدول العربية انما هو بالحقيقة إهانة للشعوب العربية وابعاد الشعوب العربية عن معرفة الأسباب الحقيقية لتخلفهم عن الركب الحضاري.
الانقسامات العربية والتي اعتبرها السيد اياد علاوي أساسها الحرب العراقية الإيرانية ليست لها من الصحة من شيء، لان احداث الحرب مازالت قائمة في ذهن المواطن العربي ويتذكر كل تفاصيلها , والحقيقة ان جميع الدول العربية ايدت العراق في حربه ضد ايران عدى سوريا والجزائر على خجل. وعليه ان وضع الانقسام العربي على الحرب العراقية الإيرانية غير دقيق وغير معقول وان الانقسامات العربية جاءت بعد الربيع العربي المزعوم والذي دعمته ومولته دول الخليج. من مول المجاميع الإرهابية في سوريا؟ في العراق؟ في ليبيا؟ وفي مصر؟ ومن الذي أرسل جيوشه الى اليمن والبحرين؟ اذن من شارك في جريمة التبعثر العربي هي السياسات العربية والتي ظهرت بعد ما يقارب الخمسة والعشرون عام من بدء الحرب العراقية الإيرانية.
ثم ماذا يعني السيد علاوي بتداعيات الازمة الخليجية على الدول العربية الأخرى؟ هل يعني ان الدول العربية تعيش بسلام ووئام حتى يخاف السيد علاوي عليها من الاضطرابات والقلاقل. يا سيد علاوي , أموال الخليج ادمت  المواطن العراقي من اعلى جمجمته الى اخمص قدميه وكذلك المواطن السوري والليبي و اليمني . ولا ننسى حال المواطن البحريني الشيعي والذي أصبح اسيرا في بلاده وهو المكون الأكبر على الرغم من محاولات السلطة البحرينية بتقزيمه عن طريق تجنيس الهندي والبنغالي والباكستاني والعرب السنة من غير البحرينيين. سيدي علاوي من يريد حل المشاكل العربية , فان قضية البحرين قضية واضحة وضوح النهار في يوم تموز عراقي مشمس , ابدا بالبحرين وقل لهم الله الله في شعبكم , الله والتاريخ والإنسانية لا يرضون بما تصنعون بأبناء البحرين الاصلاء والذين رفضوا الحكم الفارسي في الستينات من القرن الماضي وكتبوا الدستور بأيدهم , والان مطاردين من قبل القوى الأمنية والتي اغلب اصولهم غير عربية.
يا سيدي يا اياد ماذا بقي من القضية الفلسطينية حتى تخاف عليها من تداعيات ازمة الخليج. لقد أصبحت بعض الدول العربية لا تخجل بالتعامل العلني مع الكيان الصهيوني , بل ان الدول العربية أصبحت تفضل مليون إسرائيل على دولة ايران . بكل الأسف , الاعلام العربي وبالأخص الاعلام الخليجي نجح بان يمحوا اسم إسرائيل من العداء العربي الإسلامي وحل محله العداء ضد ايران . في المؤتمر الإسلامي الأمريكي ذكر اسم إيران 300 مرة بينما لم يذكر اسم إسرائيل مرة واحدة , الدولة التي إهانة العرب والإسلام منذ احتل اليهود المتطرفين حيفا ويافا!
أستاذ علاوي من يريد ان ينزع فتيل الازمة في المنطقة لا يطلق التصريحات النارية والتحريضية على إيران دون سواها. كل دول الجوار اشتركوا في قتل العراقيين , فلماذا التركيز على ايران وترك السعودية والأردن وقطر و الامارات ؟ ولماذا هذا الميل , كل الميل , الى السعودية والطلاق مع دولة قطر بعد الازمة ؟ كلا البلدين ساعدوا في محاولة تقسيم العراق , قطر والسعودية , فلماذا تتهم قطر دون السعودية ؟ ولماذا لم تنطق بحرف واحد ضد قطر ومشروعها التقسيمي قبل الازمة الخليجية؟ اليس هذا يدعوا الى الشك في نوايا تصريحاتك؟ ان اتهام قطر بمحاولة تقسيم العراق سنيا وشيعيا وهجومك على ايران لا يعني انك تقف على بعد واحد كما يزعم بعض الطائفيين , لان من يدفع بالمليارات لتقسيم العراق ليس مثل من يعلن نهارا جهارا انه ضد تقسيم العراق.
الكل يعلم ان القائمة العراقية التي تقودها كانت هي الأداة وهي من جاءت بساحات الاعتصامات وما تلاها من تدمير المنطقة الغربية. الكل يعلم ان هذه الاعتصامات أصبحت وكرا للإرهابيين ومركز من مراكز التخطيط للإرهاب ضد الشعب العراقي. من يريد السلم والوئام يا سيد علاوي عليه ان يبدا في بيته قبل غيره. من يريد السلام والعافية للعراق لا يصرح مثل ” على ايران كف تدخلاتها في شؤون العراق والدول العربية” , ” على ايران الكف عن دعم الجماعات الشيعية”, ” ايران ضد المصالحة الوطنية  ” “ايران ترفض عودة سكان جرف الصخر” , وتصريحات مماثلة أخرى. أستاذ علاوي انت تعلم وتعرف ان هذه التصريحات لا تدمل جراحات الشعب العراقي ولم توحده , ومن يريد الوحدة الوطنية عليه ان يعمل بكل صمت ومثابرة نحو هذا الهدف السامي لا بالثرثرة الإعلامية والتي تخرب ولا تصلح .
أتمنى مخلصا ان يكون الدكتور اياد علاوي عميلا للعراق فقط لا كما يزعم المجرم الهارب طارق الهاشمي ان السيد علاوي كان يستلم الأموال من قطر ,  لان العراق وحده سيبقى وسيكنس كل السياسيين الذين باعوه من اجل حفنة من الدولارات , وبنفس الوقت سيخلد العراق ابناءه الذين وقفوا معه أيام المحنة . لقد وقف مع الحسين الشهيد 72 مؤمنا بتعاليم الإسلام الحنيف امام جيش جرار بقيادة عبيد الله بن زياد. النتيجة : الحسين واتباعه استشهدوا وأصبحت قبورهم مكة يحج لها القريب والبعيد وعليها قبة ذهبية تعانق السماء , ولكن  هل يستطع احد ان يدلينا على قبر واحد من وقف وقاتل الحسين ؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here