شناشيل : أمر معيب.. في النجف!

عدنان حسين

[email protected]

ما كان يتعيّن على محافظ النجف وعلى قيادة شرطة النجف أن يسعيا للغمز من قناة أبناء مدينتهما الذين تظاهروا الليلة قبل الماضية احتجاجاً على تردي خدمة الكهرباء. هذا أمر معيب للغاية، ولا يليق بجهتين موكلة بهما إدارة واحدة من أهم محافظات العراق وحفظ الأمن والنظام فيها.
البيانان الصادران عن المحافظ وقيادة الشرطة تضمّنا عبارات انطوت على تقريع للمحتجين ، لأنهم وقّتوا احتجاجاتهم في يوم وصول القوات المسلحة العراقية إلى ما اعتبره تنظيم داعش عقر داره ومركز خلافته في الموصل (جامع النوري)، إذ لم يتوانَ المحافظ في بيانه عن إحالة الامر إلى “مندسّين ومخرّبين”! … هذا الكلام ينتمي إلى عقلية النظام السابق البعثي التي كانت ترى حتى في أبسط الملاحظات وأدنى الاعتراضات فعلاً “إمبريالياً صهيونياً رجعياً يستهدف قيادة الحزب والثورة”.
المنطق السليم والمسؤولية الوطنية كانا يرتّبان على محافظ النجف وقيادة الشرطة في المحافظة أن يتجنبا كلّ كلام يسيء الى المحتجين ويستكثر عليهم المطالبة بحقّ أساس من حقوقهم ويطعن في وطنيتهم، فالمحتجون مواطنون عراقيون عاديون لابدّ أنهم، مثل سائر العراقيين، كانوا فرحين للغاية بانتصارات قواتهم المسلحة على جبهة الموصل، بيد أنّ هذه الانتصارات لا ينبغي أن تتّخذ منها الدوائر الحكومية حجّة وذريعة لتبرير فشلها في إدارة الدولة والمجتمع.
السؤال الحقيقي لا يتعلق بتوقيت الاحتجاجات لمواطنين طفح بهم الكيل من شدّة الحر، وإنما بالتوقيت الدائم لتردي خدمة الكهرباء .. ليس مطلوباً من أحد أن يشوي نفسه في حرّ الصيف اللاهب كرمى لعيون الفاسدين الذين بدّدوا عشرات مليارات الدولارات على مشاريع فاشلة أو وهمية في قطاع الكهرباء، لكن مطلوب من الدولة بالذات أن تكون قد استبقت الامور وأدركت منذ حين أنّ الصيف قادم من جديد وأنه يتعيّن عليها توفير خدمة الكهرباء التي ما لبث الناس منذ سنوات يواصلون احتجاجاتهم على تردّيها وضد الفاسدين إدارياً ومالياً من كبار مسؤولي الدولة الذين نهبوا المليارات وتركوا البلاد تشكو التدهور المريع لخدمات الكهرباء والصحة والتعليم والخدمات البلدية وسواها.
بيان قيادة شرطة النجف بشأن أحداث الليلة قبل الماضية أقرّ بأنه قبل اندلاع هذه الاحتجاجات بأكثر من عشرة أيام كانت “توجد مشاكل في الخطوط الناقلة للكهرباء المغذّية لتلك المناطق”.
والسؤال هو: ما الذي فعلته قيادة الشرطة ومحافظة النجف لمعالجة هذا الأمر والحؤول دون قيام” المندسّين والمخربين”(!) بتنظيم الاحتجاجات في اليوم الذي كان فيه المحافظ وقيادة الشرطة يحتفلان مع سائر العراقيين بانتصار القوات المسلحة في جبهة الموصل؟
هل يعرف محافظ النجف وقيادة شرطة النجف، أم لا يعرفان، أنّ حكم البعث الشمولي قد انتهى منذ أربع عشرة سنة؟
لماذا إذن التمسّك بعقلية البعث حتى اليوم؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here