الاسلام والعالم الانكلوسكسوني، 8 (*)

العالم الانجلوسكسوني،4 (اقتباس) !
بقلم د. رضا العطار

ان العقل الانكليزي تجاوز نفسه في خلق نظرية الاخلاق النفعية. او كما يصفها البعض بانها (الدائرة المربعة)، فهي على كل حال نموذج نمطي للتفكير الانكليزي الانتقائي التأليفي. فقد اتخذت هذه النظرية طابعا لاهوتيا (دينيا) في تطوراتها الاخيرة وظهرت كأتجاه جديد تحت اسم (النفعية اللاهوتية). وينتمي الى هذا الاتجاه (بتلر) بتأكيده على ان (الضمير والانانية) يسلكان طريقا واحدا الى السعادة. وينتمي الى هذا الاتجاه كذلك ( هارتلي) فهو صاحب اتجاه مادي في علم النفس، ولكنه يؤكد فكرته عن الله واعتقاده في الخلود في الوقت نفسه. وينتمي ايضا الى هذه النظرية (بالي). ان فكرة (بالي) عن (الارادة الالهية) واتفاقها مع مصالح البشر مبنية على ملاحظاته عن الطبيعة. وهو منهج اسلامي خالص يذكرنا بآيات كثيرة في القرآن الكريم.

بين هذه النجوم من رجال الفكر الانكليزي اصحاب (الطريق الوسط) يوجد اسم من المع اسمائها هو (ادم سمث). الذي الًف كتابين بينهما تناقض ظاهري ولكنهما متكاملان من حيث المضمون. احد هذين الكتابين هو (نظرية المشاعر الاخلاقية) والثاني هو (بحث في طبيعة واسباب ثروة الامم). يعتبر الكتاب الاخير من اكثر الكتب تأثيرا في فكر القرن الثامن عشر. يعالج الكتاب الاول موضوع الاخلاق ويتخذ مبدأ التعاطف نقطة انطلاق له. اما الكتاب الثاني فيتناول الاقتصاد ويتخذ لفكرته الرئيسة مبدأ الانانية. وهذا ما يجعلنا نعتقد ان الكتابين متناقضان. ولكن ليس هذا صحيحا، لأن (سمث) – وكان استاذا في جامعة كلاسكو، يدرس الاخلاق والاقتصاد والسياسة كأجزاء من برنامج دراسي متكامل في الفلسفة. وعلاوة على ذلك اشار (سمث) صراحة في مؤلفاته الى العلاقة بين علم الاخلاق وبين ثروة الامم.
يقول في كتابه (نظرية المشاعر الاخلاقية) : ( كلاً من الانانية والمشاعر الاخلاقية حقائق واقعية، وفي الاقتصاد الكوني للمشروع الالهي اخذ معا في الاعتبار. ان الانسان وحدة (تجمع بين هذا وذاك) ولا يستطيع الانسان ان يكون في حياته الاقتصادية شيئا مختلفا عن ذلك.

ومن الممكن ان نتخيل ان كتاب (هربرت سبنسر) في التربية قد ألًفه احد المسلمين (ولا نجد في ذلك عضاضة) ومع ذلك فهو فكر اندليزي صميم. يقول (سبنسر) ان الاخلاق في جوهرها حالة من الاتساق بين الفرد والمجتمع وانه يوجد اتجاهان للتطور متزامنان، تزايد في الفردانية وتزايد في التواقف (اي ان نمو طرف يتوقف على نمو الطرف الاخر)
الى الحلقة التالية !
* مقتبس من كتاب ( الاسلام بين الشرق والغرب) لعلي عزت بيجوفيتش.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here