تعقيبا على دعوة سوريين لعقد مؤتمر وطني

تعقيبا على دعوة سوريين لعقد مؤتمر وطني
صلاح بدرالدين

نشر موقع ” كلنا شركاء في 5 – 7 – 2017 ” بحثا بعنوان : ( سورييون يدعون لعقد مؤتمر وطني يستبعد قيادة المعارضة والنظام ) باسم السيدين – جمال قارصلي وطلال جاسم – وبعد الاطلاع على مضمون المشروع ظهر لي بعضا من التناقض بين العنوان والمحتوى على الأقل عندما يتم تسمية وترشيح الأطراف السياسية اضافة الى ملاحظات أخرى تتعلق بجوهر المشروع وشكله وأهدافه والجوانب المتعلقة به .
بداية واذا كانت المفاوضات( في مساري جنيف وآستانة ) قد وصلت الى طريق مسدود وهي كانت برعاية الامم المتحدة فكيف يمكن اللجوء مرة أخرى الى من فشل في الرعاية وأفرغ القضية السورية كثورة وطنية ديموقراطية من كل مضامينها المشرقة وتحويلها الى مجرد مفاوضات عقيمة دائرة بالفراغ ؟ .
. وكيف يجوز المساواة بين طرفي الصراع وهما ثورة الشعب السوري ونظام الاستبداد فقد اندلعت الانتفاضة السورية في آذار 2011 تحت أهداف وشعارات واضحة وهي اسقاط الاستبداد والتغيير الديموقراطي واعادة بناء سوريا الجديدة التعددية التشاركية وقد كانت سلمية اصلاحية في بداياتها الا أن النظام واجهها بالحديد والنار وجلب القوى الدولية والميليشيات المذهبية الغريبة لمواجهة ارادة السوريين واذا كان المنطلق خطأ فان النتائج ستكون كارثية يجب الوضوح والوفاء لتاريخ وتضحيات السوريين والتجاوب مع طموحات الغالبية الساحقة ثم أن النظام هو المسؤول عن ما آل اليه الوضع وهو من جلب الجماعات المسلحة الارهابية والمذهبية والميليشياوية ومهد بذلك لتقسيم البلاد يجب أن تكون هذه الأمور ثابتة واضحة لدى التصدي للقضية السورية .
كلنا نعلم طبيعة النظام المستبد الطائفي الأمني ومايتعلق الأمر بالمعارضة كلنا نعلم أيضا أن أحزابا آيديولوجية وخصوصا من جماعات الاسلام السياسي تسللت الى صفوف الثورة ونصبت نفسها وصية على السوريين وثورتهم مستغلة المال القطري والجغرافيا التركية ونجحت في استمالة عناصر من اليسار والليبراليين لتستولي على ( المجلس الوطني السوري ) الذي اعلن من استانبول من دون أية تحضيرات أو مشاورات مع الثوار والحراك الوطني العام وبمعزل عن أية لجنة تحضيرية متنوعة ممثلة للأطياف والمكونات والتيارات الوطنية السورية لذلك ليس من العدل أبدا أن نحصر الثورة بزمرة من معارضة متسللة علينا اعتبار الصراع الحقيقي والتاريخي بين غالبية الشعب ممثلة بانتفاضته وثواره ووطنييه من جهة والمنظومة الأمنية الحاكمة بكل مؤسساتها الأمنية والعسكرية والاقتصادية والحزبية والرئاسية من الجهة الأخرى .
.
نعم خرج الأمر من أيدي السوريين ومن أجل اعادة القرار اليهم وهم من أشعلوا الانتفاضة وقدموا التضحيات لابد من العودة اليهم أي الى سوريي الانتفاضة والثورة لأنهم مصدر الشرعية الوطنية والسبيل الى ذلك هو عقد المؤتمر الوطني الجامع لممثلي كل المكونات والأطياف والتيارات الذين ثاروا أو وقفوا مع الثورة ودافعوا عن أهدافها ورفعوا ومازالوا يرفعون شعاراتها وبذلك وحده يمكن الوصول الى سوريا ديموقراطية تعددية تشاركية ويتعايش فيها الجميع بأمان وتتحقق المصالحة ويسود السلام وهذا لن يتحقق بوجود الاستبداد والمنظومة الأمنية .
لن تحل القضية السورية بأنصاف الحلول ولن يتحقق السلام بتنازلات هنا وهناك فالصراع تناحري بين الحق والباطل والعدالة والاستبداد والديموقراطية والدكتاتورية والوطنية الحقة والفئوية المذهبية ودعاة السلام وقارعي طبول الحرب وبين الأحرار والمحتلين وبين غالبية الشعب وأقلية ضئيلة لقد جربت – المعارضة – هذا المنطق منذ أكثر من ستة أعوام فأين أوصلت با القضية ؟ .

ليس بالضرورة أن نقلد – الأفغان – وغيرهم في موضوعة المؤتمر الوطني حيث كان حينذاك ظرفا خاصا مشخصا للمسألة الأفغانية فلم تكن هناك ثورة شعبية واضحة الأهداف والمعالم كما في بلادنا كما ليس بالضرورة أن يعقد المؤتمر في دول حتى لو كانت ( صديقة ) على غرار الدول الستين الصديقة للشعب السوري ؟!! فهذه الدول لاتؤمن باسقاط الاستبداد بل مازالت تعتبر نظام الأسد شرعيا يجب التعاون معه في محاربة الارهاب وهي وقعت على اتفاقية – فيننا – وقرارات كل – الجنيفات – التي تحمل مثل تلك المواقف وهناك من تلك الدول من تتعاون – أمنيا – مع نظام الأسد حتى اللحظة فيمكن عقد المؤتمر على مراحل أو بطريقة مؤتمرات مناطقية او في التجمعات السورية في الوطن والمهاجر ثم يجتمع الممثلون المنتخبون في مؤتمر عام يمكن عقده في مكان مناسب وبدون تكاليف باهظة وبعيدا عن المظاهر والشكليات واللجنة التحضيرية هي المنوطة بذلك .
ليس بمقدور الموفد الأممي وفريقه ولا من صلاحياتهم اختيار المندوبين الى المؤتمر الوطني السوري فالموفد بالنهاية يمثل مصالح الدول الأعضاء بهيئة الأمم المتحدة وحكوماتها وانظمتها ويعتبر النظام السوري ممثلا شرعيا الى جانب معارضة غير منتخبة وغير شرعية خاصة بعد تخليها عن أهداف الثورة ثم اذا كان الأمر يقضي بتسليم مصير السوريين الى آخرين من الخارج فهو قائم الآن ولاقرار ولاكلمة للسوريين ولماذا تكرار المسالة بنفس الصيغة المتبعة الآن ؟ .
اذا كنتم تحددون مسبقا مواصفات من يشارك بالمؤتمر وجدول أعماله وتفاصيل ماسيصدر من قرارات فليس هناك أية حاجة لجمع واحضار الناس الذين لاصوت لهم الآن ولا في مؤتمركم المنشود وأين الديموقراطية وأين حق السوريين في تقرير مصيرهم السياسي ؟.
كما هو مطروح في مشروعكم يتم مشاركة السوريين با ( المؤتمر العام ) بحسب المناطق والقومية والدين والمذهب والاتجاه السياسي بمعزل عن مقياس من من هؤلاء كان مع الثورة ومن كان ومازال مع النظام واذا كان أحدكم على دراية مثلا بتفاصيل الحالة التركمانية وبامكانه اختيار الأنسب بينهم فليس من حقه ترشيح جماعات حزبية وسياسية كردية مثلا لأن هناك كرد الثورة وهم أدرى بشعاب حركتهم .
نحن في حركة – بزاف – لاعادة بناء الحركة الوطنية الكردية السورية قيد التشكل كنا قد طرحنا منذ عام 2013 مقترحا ضمن برنامج متكامل بشقيه القومي والوطني يقضي بعقد ( المؤتمر الوطني السوري الجامع ) من الثوار الوطنيين الديموقراطيين وأنصارهم والمستقلين والحراك الشبابي ومنظمات المجتمع المدني من كل المكونات والأطياف من أجل المراجعة ومساءلة المسؤولين في كيانات المعارضة عن الاخفاق والانحراف واعادة صياغة البرنامج السياسي وانتخاب مجلس سياسي – عسكري لمواجهة تحديات السلام والمقاومة وذلك باشراف لجنة تحضيرية مستقلة نزيهة غير متورطة في أعمال الفساد والصراعات العنصرية والدينية والمذهبية وملتزمة بالثورة وأهدافها وحتى الآن لم نجد تجاوبا جديا مع مسعانا سوى بعض الملامسات العابرة هنا وهناك .
نحن السورييون بأمس الحاجة الى الحوار المسؤول حتى التوصل الى الحقيقة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here