تعقيبا على مقالة للاستاذ عدنان حسين اقول:- ان 14 تموز انجبت 17 تموز

مازن الشيخ

بنظرة عامة تعتمد مقاييس ثابتة عامة في تقييم مستوى تطور الدول وتقدمها’يمكن التأكيد’بأن العراق’كان يمكن ان تكون افضل دول المنظقة واكثرها رقيا وتقدما’لولا الانقلاب العسكري الذي,وقع في 14 تموز 1958’و اطاح بالدولة الواعدة وتركها تواجه كل انواع المخاطر والمصائب
دولة العراق تشترك مع دول الجوار باحتواء اراضيها على كميات غزيرة من النفط
’بالاضافة الى مختلف انواع المعادن الثمينة’وبكميات هائلة’
وتتميز عنهم بوجود مصادر المياه الغزيرة’والاراضي الزراعية’الخصبة’
بالاضافة الى العقول الجبارة’والتنوع العرقي والديني,
لكن من سوء حظ هذا الشعب المبتلى’انه لم يحظى بقائد مخلص حكيم
’فعدى اول رئيس وزراء للجمهورية التي اعلنت بعد اسقاط النظام المالكي بانقلاب عسكري دموي في 14 تموز(يوليو)1958’عبد الكريم قاسم’(والذي هو الاخر يتحمل مسؤولية كبيرة عما حدث’رغم مايزعم عن طيبته ونزاهته)فان جميع الذين حكموه بعد الانقلاب العسكري الدموي’والذي اطاح بالنظام الملكي الدستوري’
كانوااقرب الى رجال عصابات منهم الى قادة دولة’مهمة متحضرة كالعراق.
خصوصا ان اغلبهم كان من خلفية عسكرية’وحتى اخر ديكتاتور حكم العراق بالحديد والنار’وهو صدام حسين’فرغم بانه حكم العراق بصفته رئيس حزب مدني’فقد منح نفسه رتبة عسكرية ’وشهادة اركان!
وللتاريخ’وبتجرد’وحيادية تامة,
يمكنني القول:-ان 14 تموز1958 كان يوما اسودا حالك الظلام
فبالرغم من كل مايقال ويزعم’وخصوصا من بعض الكتاب والمثقفين ورجال السياسة’من اصحاب الميول اليسارية,من تكرارهم سرد بعض المزاعم عن سوء النظام الملكي وعمالته’
الا انه حتى اليوم لم تكشف اية وثيقة تؤكد تلك المزاعم’
بل على العكس’فنهاك اليوم اتفاق بين كل العقلاء والمنصفين’بأن العراق خسر كثيرا عندما سقط النظام الملكي’
خصوصا انه كان اتقلابادمويا’نقل السلطة الرزينة الراقية من دواوين الدولة’الى الشارع الغوغائي المنفلت’
والذي قام بتصفية جسدية بربرية للاسرة المالكة’دون ان يراعي ان الملك كان لازال شابا طيبا لم يتجاوز ال23 من العمر’وانه لم يسجل عليه اية اعمال او قرارت فيها قسوة او تعدي على المعارضين لحكمه
’والاسوأ هو قتل واحد من افضل صناع السياسة في العالم العربي’بل وفي العالم اجمع’وهو المرحوم نوري السعيد’وسحله في الشوارع’الى حد تمزيقه’وحرمانه من الدفن في قبر’كغيره من البشر
بالاضافة الى شخصية عالمية مرموقة’هو المرحوم فاضل الجمالي’والذيحكم عليه الغوغائي فاضل المهداوي (رئيس محكمة الشعب’والذي للمهزلة’لم يكن يملك شهادة حقوقي!كل مؤهلاته انه ابن خالة قاسم))
بالاعدام’مع العلم انه كان احد خمسة خبراء كتبوا ميثاقالامم المتحدة بعدانتهاءالحرب العالمية الثانية
لذلك فقد انتفض قادة دول العالم المتحضر
’واستنكروا بشدة ذلك الحكم الهمجي
وضغطوا على رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم’وطالبوه بالغاء حكم الاعدام’واطلاق سراحه فورا’وهددوا بمقاطعة النظام العراقي الجديد’فما كان امامه’الا الرضوخ’فامر بالغاء الحكم قم باطلاق سراحه’و استقر في تونس مستشارا للمرحوم بورقيبة’حتى وافاه الاجل عام 1997.
بالاضافة الى شخصيات ورجال سياسة افذاذ مخلصين مهنيين’لم يتجاوز اي منهم حدوده’ولم تمتد ايديهم الى المال العام’وتحت اي مبرر
كان الشخص المناسب في المكان المناسب
كان هناك فعلا اضطهاد’ومطاردة لمعارضين’وكان هناك معتقل اسمه نقرة السلمان’وهناك وزير داخلية اسمه سعيد قزاز ومدير امن عام اسمه بهجت العطية’قيل لنهما اضطهدوا المعارضين’خصوصا الشيوعيين’الا ان مافعله انقلابيي تموز ’كان اسوأ بالف مرة’وفي عهد صدام مليون مرة’واليوم؟فحد ث
ولاحرج,
حيث هناك عشرات الالاف من المعتقلين والذين مضى على اعتقال بعضهم 14 عاما دون تحقيق او محاكمة
كان في العهد الملكي مجلس اعمار وخطط طموحة من اجل بناء دولة مؤسسات’كان هناك تبادل سلمي للسلطة’رغم حدوث بعض انواع الانقلابات العسكرية’الا انها كانت بسيطة التأثير,لم تتعرض لهيكل الدولة’وبقى العراق يسير بخطوات ثابتة وكل المؤشرات تدل على مستقبل واعد,
ولم يكن هناك اي مبرر منطقي لاسقاط النظام الملكي الدستوري
وحتى الذين نفذوه’لم يكونوا اصحاب اجندات بناءة’
بل توضح انهم خليط من شخصيات عدوانية لاهدف لها الاالتسلط وحكم الاخرين وفرض اجندتها على الشعب بالحديد والنار
حتى وصل صدام حسين الى السلطة’فاستولى على كل السلطات’وجير الدولة لصالح خيالاته المريضة’الى الحد الذي توهم انه قادرعلى تحدي ارادة امريكا’بل ومحاربتها والانتصار عليها!
’وهاهي النتيجة.
اعجب ماقرأت هو مقالة للاستاذ عدنان حسين ’حيث زعم’وتبريرا للجريمة التي اشترك فيهاالمرحوم عبد الكريم قاسم’بأنه حتى لو يقم هو بالانقلاب’لتولى الامر غيره من بعده’وان الانقلاب كان سيكون تحصيل حاصل’وضرب مثلا بشاه ايران!
نقول للسد حسين:-ان الشعب الايراني ثارضدالشاه’بسبب غطرسته وتكبره’خصوصا عندما اقام احتفالات اسطورية في بداية السبعينات’بمناسبة مرور 25قرنا على ولادة كورش مؤسس الدولة الفارسية’
حيث صرف 10مليارات دولارمن ميزانية الدولة’في الوقت الذي كانت ايران فيه تعاني من ازمة اقتصادية
بينما يعلم الناس جميعا مدى تواضع وبساطة العائلة الهاشمية التي حكمت العراق’
وكم كانوا حريصين على اموال الشعب’وهناك الف خبر وتحقيق يؤكد مزاعمي هذه
فما هو وجه المقارنة؟
كان يجب ان تقارن بين ملك العراق وابن عمه ملك الاردن’حيث هما من نفس المدرسة السياسية والاخلاقية
يكفي ان اذكرك بتوديع المغفور له الملك حسين الى مثواه الاخير’حيث انه كان اكبر تشييع في تاريخ العالم’كل رؤساء امريكا الاحياء انذاك حضروا’رغم صغر مساحة الاردن وفقره كدولة
لكنهم فعلوا ذلك احتراما للنضال الذي خاصه من اجل شعبه الفقيربالنفط’أو اي من الثروات الطبيعية
بالختام اود القول’ان كل انسان يمكن ان يقول ويزعم’لكن الحقيقة
واضحة’
وحتى انها تكاد تنطق’فتخرس ابواق واصوات نشاز يطلقها بعض الامعات’او اشباه الكتاب وحتى بعض لكتاب’من المتعصبين الى ميولهم وانتمائاتهم السياسية’والتي تعميهم عن رؤية الحقيقة
والذين للاسف لم يكتشفوا حتى اليوم خطأ حساباتهم’رغم ولادة الف دليل على خطل تفكيرهم وحساباتهم خلال 59 عاما من عمر الزمن
اليوم تمر الذكرى التاسعة والاربعون لنكسة 17 تموز’والتي بدأ من خلالها العد التنازلي’والذي ادى الى وصول العراق الذي كان عظيما الى هذا الدرك!
وهي بحق الابن غير الشرعي ل14تموز1958
وتحصيل حاصل
انه كان هناك دولة اسمها العراق بين عامي 1921 و1958
ثم اسقطت

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here