رشيد الخيون.. كذبة ام غباء؟

مع هزيمة العثمانيين وتاسيس الدولة العراقية الحديثة بدات عمليات تعريب مناطق كوردستان، فمن الملك فيصل الاول وتعريب مناطق هويزة (حاليا الحويجة) مرورا بعهد ياسين الهاشمي وليس انتهاءا بحقبة علي كيمياوي، لا يحتفظ الكورد بذاكريات اخوة مع الحكومات العراقية…

ولعل اخر جدران الثقة قد انهار مع احتدام حكم المنطقة الخضراء، على يد حكام فاقت ايديولوجياتهم عنصرية البعث، من نوري المالكي الى صالح المطلك وانتهاءا بقيس الخزعلي!

هنا، يحاول الكورد دائما اللجوء للنخب الثقافية، التي من المفترض ان تكون على درجة من الوعي، مما يطلقون على انفسهم صفة باحث ومؤرخ واكاديمي.. كونهم الاقرب للتعاطي مع الانسان وحقوق الشعوب بتقرير مصيرها، ولكونهم تعلموا من دفاعهم عن الشعوب العربية المضطهدة، على الاقل في ايران وتركيا وفلسطين… فيصطدم الكوردي البسيط بنماذج على شاكلة سليم مطر ورشيد خيون وكتاب مواقع الاخبار وعراق القانون…

واذا كان احد اكبر المؤرخين العراقيين المعاصرين (حسب وصفه الذاتي) في اخر “نتاج” جيوسياسي له عن حق الشعب الكوردي في الاستقلال يستهل سرده بالجملة التالية :
“اقول كوردستان ولا اقول شمال العراق لكي لا يستفز اهل الشمال”

فحين يقول: “لا اقول شمال العراق” هل هو كاذب؟ لانه في نفس الجملة يقول عنهم “اهل الشمال”… فكيف يكون الكذب اذا يقول “لا اقول” ثم في نفس الجمله يقول “الشمال”…

لست في وارد الاعتراض على التسمية “شمال العراق”، فقد دأبنا على سماعها من الاخوة القوميين، المتطرفين خصوصا، الذين فاقوا عنصرية الرئيس الاسبق صدام حسين، وهذه التسمية للامانة ما تزال هي الرسمية في اعلام الدول المجاورة ايضا، كتركيا وايران.. الخ

ولكن ما يجلب الانتباه هنا، هو انه واحد من كبار المثقفين العراقيين، حسب وصفه الذاتي، ويستنسخ احيانا اسلوب الدراسات الاكاديمية في ذكر الشخصيات على غرار ثيمة “رشيد الخيون (ت مازال حيا)” ويصل به التوتر العنصري لحد ان يقع في جملة ركيكة يضحك من تناقضها مع نفسها طلاب المرحلة الابتدائية..

فالقول “لا اقول شمال العراق” متبوعة بـ ” شمال العراق” هي كذبة تثير سخرية الاطفال.. اولا ولا سبيل لاعتباره صادقا، الا بالقول ان الكلمة الاخيرة سقطت منه سهوا… وكاتب ومؤرخ من كبار المؤرخين (كما يقول) ويقع في هكذا سهو يعتبر غباء في عرف الاكاديميين…

فهل يا ترى، الكاتب الذي يتأبط حقيبته السوداء حين يتمشى بالازقة اللندنية الماطرة، مع مجموعة اقلام في جيب سترته الامامي، للايحاء بانه “كاتب”، هل يعتبر كاذب، وطبيعته السيئة تبزغ بين طيات جمله، ام انه فعلا على درجة من الغباء بحيث لم ينتبه لمستهل طروحته التي تناقض نفسها بهذا الشكل الساخر من التناقض؟؟؟

واخيرا، اذا كانت ذاكرة المجتمع الكردي لم تحتفظ بابرز ما تحتفظ به غير تعريب الحويجة، وقصف ياسين الهاشمي، وانفال علي حسن المجيد.. واذا كان لجوء الكورد الى النخب، من فئة المثقفين والمؤرخين (؟) يصطدمون بما يسطره رشيد خيون وسليم مطر، فهل يلام هذا الشعب على طموحه بالاستقلال والخلاص من حكم فيه السياسي تائه بين كونه عسكري أو ايديولوجي، والمثقف فيه يحيرنا بين كونه كذاب ام غبي…؟

حسين القطبي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here