الوميض الوطني والقائد المَعصوب!!

الأمم والشعوب يبنيها ويصنعها القادة الأفراد , مهما توهمنا وتصورنا , فلا يمكن لوجود بشري أيا كان نوعه وصنفه أن يتحقق من غير جهد فردي متميز , ومقتدر على توظيف الطاقات وصبها في قوالب الصيرورات , والتطلعات الكامنة في فضاءات خياله ومتاريس وعيه وإدراكه.

والقادة هم أفراد ولكي يصنعوا الوجود الوطني والشعبي , لا بد لهم أن يدركوا الوميض الوطني القابل للإستثمار , والتحول إلى مشاعل إنسانية حضارية إبداعية ذات آليات تعبيرية عن قدرات الشعب والأمة , بما يؤمّن مصالحهما ويعبّد الطرقات لمسيرات الأجيال ويواشجها ويسبكها في نهران الوجود الإقتداري الفياضة , المتدفقة الغاذة الجريان إلى بحار وخلجان ومحيطات الذات الوطنية الكبرى.

وبعض المجتمعات تتوامض فيها الإشراقات وتتوالد اللحظات الصيروراتية , لكنها تذهب سدى لسيادة الغفلة وغياب القائد المؤهل لتوظيفها , وإتخاذها منطلقا لمسيرة تلاحمية وطنية ذات منطلقات جامعة متآلفة , ومعززة للقوة الإيجابية الكامنة في أعماق المجتمع الذي ينبض بالحيوية وبإرادة الحياة الحرة الكريمة الناهضة.

ومصيبة العديد من المجتمعات أنها تفتقد للقائد الموهوب , الذي يمتلك المهارات القيادية الكفيلة ببناء الوطن والشعب , وبسبب هذا الغياب فأنها تخسر فرصتها الحضارية الثمينة وتتأسن في حالات متداعية , ومتعفنة في أقبية الأوهام والإنحرافات والتضليل والدجل.

وبعض المجتمعات يكون قادتها أسرى في أقبية التبعية والخنوع للآخرين المهتمين بمصالحهم وتطلعاتهم , فتجدهم رغم رؤيتهم لوميض اللحظات التأريخية الحاسمة , لكنهم في رهن التلقي والتنفيذ , فلا يُسمح لهم بالعمل الوطني والحرص على المصالح الوطنية , وإنما على كل ما يحصل أن يتوافق مع مصالح أسيادهم والمؤتمرين بأمرهم.

وأمة العرب فيها من الومضات الحضارية سيولا دفاقة وشلالات صبابة , لكنها تذهب هدرا في صحارى الغفلة والتبعية والخنوع , وعدم القدرة على التحرر من قيود الإستعباد والإرتهان , ويبقى ناعور الويلات يدور وشلال الوميض يتلألأ ولا يخبو , لكنه يزول لعدم التفاعل القيادي الصالح معه , فينتكس الشعب ويتمزق الوطن , والوميض يبرق , والعيون السياسية لا تراه أو تشيح الطرف عنه , ولا يوجد من بينها من يتحدى ويثب بروح وطنية وإرادة عازمة نحو آفاق نكون؟

إنها محنة كبرى وعناء عظيم أن يلد الشعب إرادته وتغيب مهارات توظيفها لصالحه.

فهل سيلد الشعب قادة من رحم جوهره؟!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here