أما من اجراء لحصر السلاح بيد الدولة ؟

محمد عبد الرحمن
حصر السلاح بيد الدولة مطلب شعبي عام، بل حتى الحاكمين والسياسيين، ومنهم من له فصائل مسلحة، صاروا يقولون بذلك. فأين المشكلة إذن ؟ ومن يعيق تنفيذ هذا الشعار الذي كان صحيحا قبل غزوة داعش المندحرة والفاشلة والهمجية والظلامية، واصبح أكثرصحة بعد هزيمتها عسكريا في الموصل؟
يبدو ان الفهم متفاوت بل ومتقاطع في ما بين الداعين الى حصر السلاح بيد الدولة، وربما الصحيح والادق في ما بين الداعين الى تطبيق هذا الشعار ممن لا يمتلكون قطعة سلاح واحدة، وهم من عانوا حالة الانفلات وفوضى السلاح وتضرروا كثيرا منها وقدموا تضحيات غالية بسببها، وفي نيتهم وغايتهم تفعيل مؤسسات الدولة واستعادة هيبتها وصولا الى بناء دولة المؤسسات والقانون، وبين من يمتلكونه فعلا. وهؤلاء حتى الان لم يتحدثوا بصراحة ووضوح عن سلاحهم هم، فهل يريدون ان يقننوه في الوقت الراهن فقط، تحت الضغط المتزايد المطالَب بان تتولى مؤسسات الدولة التعامل مع قضايا السلاح، ولكنهم في ذات الوقت حريصون ان يبقى في حرز وامان بحيث يمكن اللجوء اليه وامتشاقه متى ما دعت الحاجة الى ذلك! وكنا شهود عيان على حصول هذا في أوقات سابقة ولمرات عدة، وفي الغالب استخدم في الصراعات السياسية، وفي أيام الفتنة الطائفية، وأيضا للتلويح به واستخدامه مع من يعتقد حامل السلاح بانه خصم له تتوجب تصفيته او في أحسن الأحوال الحؤول دون ان يتفوه بكلمة واحدة! واستخدم كذلك في نزاعات عشائرية اصبح الكثير من المراقبين يعتقدون ان معظمها او قسما غير قليل منها وراءه اجندات سياسية .
وهنا أيضا تتوجب الإشارة الى ان البعض من الكتل والمنظمات السياسية يعتقد ان رأسماله هو سلاحه، بل ويتفاخر بذلك، فهو لا رصيد شعبيا له، بل ان سلاحه هو من جلب له الأنصار والمؤيدين، وهؤلاء تتكاثر إعدادهم كلما كانت الدفوعات المالية قوية. ولم يعد خافيا ان البعض يقر ويعترف بان هذه الدفوعات قادمة من وراء الحدود، وفي المحصلة هذا السلاح يحمل اجندة سياسية هي التي تتحكم في مصيره.
ومن الطبيعي ان ارباب الجريمة المنظمة في حاجة الى سلاح، وهنا يتوجب القول ان تماهيا بقدر معين حصل بين الجماعات المسلحة المتنفذة ومنظمات الجريمة المنظمة، ما عقّد المشهد كثيرا حتى غدا من السهل بمكان تضييع مسؤولية العديد من حوادث القتل العمد والخطف التي ما انفكت تتصاعد، وكل يوم يحمل الينا خبرا محزنا. فيما مؤسسات الدولة المعنية تجهد النفس في إصدار بيانات وتعليقات، كاتبوها اعرف من غيرهم انهم بلا حول ولا قوة، ولعل اسهل الطرق ذرا للرماد في العيون ان يعلن عن تشكيل لجنة تحقيق للكشف عن الجاني في هذا الفعل او ذاك، او ان يقال بان الفاعل مجهول الهوية، فيما هو معروف وقد جرى التفاوض معه. اولم يحصل هذا في حادثة اختطاف الناشطين السبعة مثلا؟!
المواطنون حقيقة لا يعولون على من مر ذكرهم في وضع حد لفوضى السلاح وتطبيق شعار حصره بيد الدولة، فهم قد جربوهم مرة بعد مرة. انما التعويل أولا وأساسا على الدولة والحكومة والمؤسسات المعنية. ففوضى السلاح والتهديد به واللجوء اليه واستخدامه، واستمرار ذلك كأمر واقع، معناه المزيد من الضحايا، والمزيد من امتهان الدولة والقانون، فيصبح الحديث عن دولة المؤسسات في مهب الريح.
ان من عنده السلاح معروف، وهو في رابعة النهار يجاهر به، ولم يعد ينفع ان يرفع المسؤولون عقيرتهم مطالبين بحصر السلاح بيد الدولة !
انها مسألة عجيبة غريبة ان يلجأ من في يده القرار والسلطة الى المطالبة بدل ان يتخذ الإجراء المناسب! فمتى نرى هذا الإجراء ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة “طريق الشعب” ص2
الاحد 23/ 7/ 2017

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here