لا أمن ولا حماية.. مسيحيو الموصل يخشون العودة

لا يرى المسيحي العراقي هيثم بهنام الذي يسكن اليوم في إقليم كوردستان ، أن العودة إلى منزله في الموصل ستكون قريبة بعد طرد داعش منها، مكتفيا بالقول “هناك لا أمن ولا حماية للمسيحيين”.

ويقول الرجل الأربعيني الذي انتقل إلى كوردستان بعد اقتحام المتشددين مدينته في صيف 2014 بلهجة ساخرة، “من الأفضل البقاء هنا وعدم التشكي”.

وخير داعش بعد سيطرته على الموصل المسيحيين الذين كان عددهم آنذاك في المدينة 35 ألفا، بين إعلان إسلامهم أو دفع الجزية أو المغادرة تحت طائلة القتل.

اليوم، وعلى الرغم من إعلان السلطات العراقية في 10 تموز/ يوليو 2017 استعادة السيطرة على الموصل كاملة، يبدو أن خيار العودة لا يزال صعبا أمام آلاف المسيحيين الذين حاولوا إعادة بناء حياتهم في مكان آخر.

“غسيل دماغ”

ويقول بهنام بتحسر “حتى لو أردنا العودة فإننا لا نستطيع ذلك”. ويوضح أنه “خلال السنوات الماضية، حصل غسيل دماغ وحتى الأطفال تعلموا القتل وأصبحوا دواعش”.

ومن أجل إعالة زوجته وولديه تحول تاجر الثياب إلى ميكانيكي يعمل في ورشة صغيرة لتصليح السيارات استأجرها في مدينة أربيل.

ويقول عمر فوزي (29 عاما) وهو مهندس مسلم من الجانب الشرقي لمدينة الموصل وأحد زبائن بهنام “أنا لو كنت مسيحيا لما عدت إلى الموصل قبل أن يؤكد لي سكانها أنهم مستعدون للقبول بي”.

ويضيف أن والديه عادا إلى المدينة بعد توقف المعارك فيها، لكنهما وجدا أن منزلهما تحول إلى مقر للقوات الأمنية. ويتابع قائلا “على الفور نصحهما الجيران بأخذ منزل مسيحي مجاور”.

ويوضح “إنها العقلية نفسها (…) في المسجد تركز الخطب على الهجوم على داعش (…) لكن السلفيين يعتبرون أنه لم يعد هناك من مكان للمسيحيين في المدينة”.

“لم يبق أحد”

عصام بطرس تاجر الملابس المسيحي أيضا يستذكر كيف فقد كل شيء لدى مغادرته الموصل في 2014 “كنا نملك خمسة محلات ومنزلين، وبات علينا الآن أن نبدأ من الصفر”.

وكان على بطرس أن يبيع سيارته ليتمكن من استئجار محل تجاري في أربيل، وتمكن من إقناع مورديه في تركيا بإرسال بضائع له من دون دفع مقدم.

ويبدو أنه نجح في أعماله التجارية، إذ يمتلك الآن محلا مؤلفا من طابقين يبيع فيهما العطور ومستحضرات التجميل والحقائب اليدوية والفساتين.

ورغم ذلك لم ينس محلاته في الموصل التي لم يتفقدها بعد حتى الآن. ويقول في هذا الإطار “أريد أن أعود إلى العمل هناك، وأنا متفائل، لكن من دون العائلة لأن المجازفة صعبة مع العائلة”.

وتعمل البائعة المسيحية سماهر كيرياكوس حنا في المحل بعد أن فرت من بلدة برطلة ذات الغالبية المسيحية، الواقعة غرب الموصل.

وتستذكر هذه السيدة وهي أم لثلاث بنات أكبرهن في الـ13 من العمر، تلك المرحلة قائلة بصوت مرتجف “كنا خائفين أن يقتلنا داعش أو يأخذ بناتنا، كنا مرعوبين”.

وتضيف “إذا كان هناك ضمان لأمننا سنعود” إلى الموصل، “لكن جيراني وأختي وإخواني كلهم هاجروا، لم يبق أحد لم يبق غيري”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here