الكتل تُسرِّب أسئلة الاختبارات لتمرير مرشّحيها فـي مجلس المفوضيّة

بغداد/ محمد صباح

كشف عضو في لجنة الخبراء البرلمانية عن توصل الكتل لاتفاق يقضي بتوزيع أعضاء مجلس مفوضية الانتخابات الجديد على أساس الحصص لكل المكونات، إذ حصل التحالف الوطني على ٥ مقاعد، ومقعدان لكل من العرب السنّة والكرد من أصل ٩ مقاعد. وتأتي هذه الاتفاقات، التي جرت خلف الكواليس، بعدما تفاجأت الكتل البرلمانية بسقوط أغلب مرشحيها أثناء المقابلات التي أجرتها معهم لجنة الخبراء البرلمانية، وعدم حصول أغلبهم على درجات تقيمية عالية مقارنة بالمرشحين المستقلين، الذين نالوا أعلى الدرجات التي تكفل لهم حجز مقاعد في مجلس المفوضية الجديدة.

ولجأت الكتل السياسية، عبر ممثليها في اللجنة البرلمانية، إلى تسريب الأسئلة والاجوبة، التي تطرح على كل متقدم في المقابلات، إلى الموالين لها من اجل تأمين حصولهم على أعلى الدرجات التقيمية التي تسعفهم بالوصول إلى المرحلة النهائية.
ويبدي عضو في لجنة الخبراء البرلمانية تخوفه من محاولات الكتل السياسية الساعية إلى العودة للمحاصصة في تقاسم مجلس مفوضية الانتخابات الجديد، لافتا الى أن لكل كتلة برلمانية مرشحاً تدافع عنه بضراوة داخل اللجنة لتأمين حصوله على أفضل التقييمات لتشفع له بالفوز بأحد المقاعد التسعة”.
وشكّلت لجنة الخبراء من 29 عضوًا لاختيار أعضاء مفوضية الانتخابات، في شهر كانون الثاني الماضي. وحصل التحالف الوطني على 14 مقعداً، مقابل 7 مقاعد للمكون السنّي، و6 مقاعد للكرد، ومقعدين لكل من المكونين التركماني والمسيحي. وفتح باب الترشيح لمجلس المفوضية الجديد في شهر نيسان الماضي. وتسلمت لجنة الخبراء 1200 طلب ترشيح، خضعت إلى عملية تقييم أفضت الى اختيار 116 مرشحا فقط، بضمنهم 6 أعضاء من المفوضية الحالية”.
وبلغة يشوبها التشاؤم يتحدث لـ(المدى) طالبا عدم الكشف عن هويته، بالقول ان “هذه التدخلات ستؤثر على حيادية ومهنية عمل مفوضية الانتخابات القادمة التي ستكون مشابهة للحالية، التي توصف بأنها أسيرة لمزاجية الكتل البرلمانية “.
ويشرح عضو لجنة الخبراء البرلمانية الأساليب التي تلجأ إليها الكتل لتمرير مرشحيها في كل مراحل التقييم، كاشفا عن اتصالات يجريها رؤساء الكتل مع اغلب أعضاء لجنة الخبراء، بالاضافة الى تحركات ممثليها لرفع الدرجات التقيمية لمرشحيهم بهدف عبورهم إلى مرحلة لاحقة”.
ويضيف عضو لجنة الخبراء ان “الكتل السياسية ابتكرت وسائل جديدة تتيح لمرشحيها الحصول على أعلى الدرجات عن طريق تسريب الأسئلة إلى مرشحيها مع أجوبتها”، لافتا إلى ان “هذه الإجراءات تعطي لهؤلاء المرشحين، الذين يجرون مقابلاتهم حاليا في لجنة الخبراء، درجات تأهلهم للعبور إلى مرحلة قادمة”.
ويلفت النائب الى ان “الكتل البرلمانية لجأت إلى عملية تهريب الأسئلة بعدما أيقنت بوجود مرشحين مستقلين نالوا درجات عالية تكفل لهم الحصول على مقاعد في مجلس المفوضين الجديد مقارنة بمرشحيها الذين حصلوا على درجات متواضعة قياساً بالمستقلين”.
وحول طبيعة الاختبارات التي يخضع لها المرشحون، يوضح عضو لجنة الخبراء انها “أعدت في وقت سابق نماذج لعشرين سؤالا عن طبيعة النظام السياسي وأنظمة الانتخابات والتصويت وغيرها لاختبار قدرات المرشحين وقابلياتهم”، مشيرا الى أن اللجنة “خصصت لكل مرشح يجري مقابلةً ٣ أسئلة، من الاسئلة العشرين المحددة، يتم اختيارها مسبقا”.
ورأى عضو اللجنة ان “عملية اختيار المفوضين الجدد اصبحت شبيهة بسيناريو معد يهدف لاستغفال الشارع العراقي الذي يتحفظ بقوة على عمل الكتل السياسية ومفوضية الانتخابات”، مؤكدا أن “هناك مرشحين تم إبعادهم وقسم تتم مقابلتهم لا يعرفون بهذه المسرحية”.
وتنقسم الكتل السياسية بين مؤيد لمفوضية الانتخابات وبين رافض لبقائها بعدما صوّت مجلس النواب، في نيسان الماضي، بعدم القناعة بأجوبة مجلس مفوضية الانتخابات. ورجح صوت واحد معسكر غير المقتنعين بإجابات المفوضية بـ119 صوتا ضد الأخيرة، مقابل 118 لصالحها، وفضل 15 نائباً الإبقاء على أوراق الاقتراع بيضاء. وأرجأت صفقة أبرمتها كتل سياسية، في شهر أيار الماضي، سحب الثقة عن مفوضية الانتخابات حتى 45 يوما، بعد ان كان مقررا لها في الأول من شهر ذاته. وتقضي الصفقة أن تلتزم القوى السياسية ولجنة الخبراء البرلمانية بتقديم مجلس مفوضية جديد امام مجلس النواب خلال الفترة المتفق عليها.
ويكشف عضو اللجنة البرلمانية المكلفة باختيار مجلس المفوضية عن “اتفاق بين الكتل السياسية على توزيع مقاعد مجلس مفوضية الانتخابات المقبل بحسب المكونات، إذ خصص للتحالف الوطني (5) مقاعد، والعرب السنة (2) مقعد، والكرد(2) مقعد، بعدما تم إبعاد الأقليات (المكون المسيحي والإيزيدي) من هذه المحاصصة”.
ويلفت النائب الى أن “التحالف الوطني حاول استمالة المكون التركماني إلى جانبه عندما منح احد مقاعده إلى شخصية تركمانية شيعية، مما ادى الى تحفظ التركمان السنة الذين دفعوا بمرشح خاص بهم”، مشيرا إلى ان “المكون المسيحي يطالب ايضا بمنحه مقعدا من هذه المقاعد “.
ويضيف عضو لجنة الخيراء بالقول “بعد هذه التوزيعة، التي أقصت الأقليات ومنها المكون الايزيدي الذي قدم مقترحا لتعديل قانون المفوضية يتيح اضافة مقعدين جديدين إلى مجلس المفوضية يتم تخصيصهما للمكونين المسيحي والايزيدي”. ويؤكد النائب ان “الكتل الشيعية مازالت تتفاوض في ما بينها بشأن توزيع المقاعد الخمسة التي خصصت لها، وكذلك الكتل السنية لم تتوصل إلى اتفاق بهذا الشأن”.
وتستمر اللجنة بشكل يومي بإجراء المقابلات لعدد من المرشحين الذين تضاعفت أعدادهم مؤخرا لتصل إلى ١٢٦ مرشحا. وتعود هذه الزيادة إلى قبول الكثير من طعون المرشحين الذين تم استبعادهم في مراحل التقييم الماضية.
وكشفت لجنة الخبراء البرلمانية لـ(المدى)، مطلع شهر تموز، عن تلقيها طعونا لبعض المرشحين الذين تم إبعادهم من دائرة المنافسة في مرحلة التقييم. واشارت إلى ان الطعون رفعت أعداد المتقدمين من 116 إلى أكثر من 200 مرشح. وتلقت لجنة الخبراء إشعارات رسمية بشمول بعض المرشحين بإجراءات المساءلة والعدالة، وعدم صحة الشهادات الدراسية للبعض الآخر.
ويقول عضو اللجنة البرلمانية زاهر العبادي لـ(المدى) ان “اليومين المقبلين سيشهدان الانتهاء من مقابلة ١٢٦ مرشحا، مؤكدا “اعتماد تقييم جديد للمفاضلة بين المرشحين “.
ويوضح العبادي أن “الأسئلة التي وجهت للمرشحين أثناء المقابلات، ركزت على الوضع السياسي والقانوني والفني”، لافتا إلى ان “إجابات المرشحين تخضع إلى تقييمات أعضاء لجنة الخبراء لمنحهم الدرجات”.
واضاف عضو لجنة الخبراء ان “درجة النجاح غير متفق عليها بين أعضاء اللجنة لحين الانتهاء من جميع المقابلات”، لافتا الى ان “درجة النجاح ستكون من ٥٠٪‏ ، لكن درجة العبور والنجاح ستكون معتمدة على نسبة النجاح، والدرجات كلما كانت عالية ستكون درجات العبور للمرحلة النهائية عالية وبالعكس”.
ويبين النائب عن كتلة الإصلاح بزعامة إبراهيم الجعفري ان “الأسئلة التي توجه في المقابلات موجودة لدى الموظفين ولانعتمد فيها على التسلسل المحدد في مقابلة المرشحين”، مشيرا إلى ان “أعضاء اللجنة يقومون بالتقديم والتأخير للمرشحين”.
ويؤكد النائب البصري “وجود توصيات من بعض الكتل لمرشحين بعينهم”، لكنه يشدد على “عدم وجود فرض هذا المرشح او ذاك”. ويقول ان “الموضوع متروك إلى قناعة لجنة الخبراء باختيار أعضاء مجلس المفوضية الجديد”.
وبشأن الموقف من أعضاء المفوضين المرشحين للمجلس الجديد، يوضح النائب أزهر العبادي ان “القسم الكبير من أعضاء مفوضية الانتخابات سحبوا ترشيحاتهم، وقسم آخر ستتم مقابلتهم خلال اليومين المقبلين في الوجبة الاخيرة” ، لافتا إلى ان “المتبقين مفوضان اثنان فقط من مجموع سبعة مفوضين”.
تخوض كتل سياسية، مخولة من قبل رئاسة مجلس النواب، مفاوضات سرية غير معلنة مع بعض أعضاء مجلس مفوضية الانتخابات الحاليين بهدف إقناعهم بسحب ترشيحاتهم لمجلس المفوضية الجديد.واصطدمت هذه التحركات بإصرار عضوين من أصل ستة أعضاء من مجلس المفوضية يرفضان سحب ترشيحهما، مهددين البرلمان باللجوء إلى الطعن أمام المحكمة الاتحادية في حال تم إقصاؤهما من دائرة المنافسة.
وستضطر لجنة الخبراء البرلمانية إلى تحديد موعد لمقابلة العضوين منتصف الأسبوع الجاري أسوة بالمواعيد التي حددت لـ (123) مرشحا الذين يتنافسون على تسعة مقاعد. وأنهت لجنة الخبراء البرلمانية مؤخرا مقابلة ٣٥ مرشحا ، وتأمل استكمال مقابلة أكثر من (80) متقدما.
وأتم مجلس النواب القراءة الأولى لتعديل قانون مفوضية الانتخابات، في جلسة يوم السبت، من أجل ضمان تمثيل واسع للمكونات حسب المادة 125 من الدستور العراقي.
وفي هذا السياق تقول النائبة الايزيدية فيان دخيل ان “محاولاتنا قائمة من اجل ضمان تواجد ممثل للمكون الايزيدي في مفوضية الانتخابات من خلال تعديل قانون المفوضية بإضافة مقعدين على المقاعد التسعة”.
وتضيف دخيل، في حديث مع (المدى)، “هناك الكثير من النواب يدفع لتخصيص مقعدين للاقليات في مفوضية الانتخابات المقبلة”، مبينة ان “المقترح سيشرع في مجلس النواب في وقت قريب لضمان حقوق الاقليات”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here