صراع شيوخ المجلس الأعلى وشبابه يضعه على شفا انشقاق جديد

بغداد/ وائل نعمة

حذّر المجلس الأعلى الإسلامي، الذي يتزعمه عمار الحكيم، من الخوض بالحديث عن “انشقاقات” شخصيات قيادية معروفة داخله، ويفضل أن يسمي ما يحدث باختلافات في وجهات النظر.ومؤخرا تسربت أنباء عن اعتزام قادة مخضرمين في المجلس الأعلى الانشقاق وتشكيل حزب جديد، مقابل تسريبات تحدثت عن استعداد الحكيم لحل المجلس الأعلى وإعلان تشكيل سياسي جديد استعدادا للمشاركة في الانتخابات المقبلة.
وأعلن القيادي في المجلس الأعلى جلال الدين الصغير، مؤخرا، بوضوح رفضه الاستمرار بـ”المجلس” نظراً لما اعتبره تبدلاً في مسار الاخير عن نهج مؤسسه محمد باقر الحكيم. وكشف الصغير بان القياديين في المجلس والوزيرين السابقين للنفط والنقل عادل عبدالمهدي وبيان جبر صولاغ، يشاركانه نفس الاعترضات على سياسة “المجلس”.
وتعود جذور الصراع في المجلس الأعلى، الذي تأسس في إيران عام 1982، الى التنافس الحاد بين جيل القيادات المخضرمة وجيل الشباب الذي يريد عمار الحكيم فتح الطريق واسعاً أمامهم.وتظهر النتائج التي حصل عليها المجلس الاعلى خلال انتخابات ٢٠١٤ ، التي خاضها في ائتلاف مكون من عدة كيانات، تراجعاً كبيرا في أعداد الاصوات عن الاقتراع الذي سبقه.
وتلمح قيادات في كتلة الحكيم الى ان الاخير سيمضي في الانتخابات المقبلة إلى الدفع بوجوه جديدة وشابة الى جانب الكفاءة.
وتعرض المجلس الاعلى الى انتقادات شديدة في الآونة الاخيرة، بسبب تبنيه “التسوية التاريخية”، واتهم بانه يحاول إعادة وجوه بعثية ومطلوبة للقضاء الى العمل السياسي.

قبل فوات الأوان !
وتسربت مؤخرا معلومات عن اجتماع قيادات منشقة من المجلس الاعلى مع مسؤولين إيرانيين في طهران لتشكيل حزب سياسي جديد تمهيداً لدخوله الانتخابات المقبلة. كما نقلت بعض وسائل الاعلام عن مصادر لم تكشف عنها ان زعيم المجلس دعا الى اجتماع عاجل لمجلس الشورى داخل حزبه لتدارك الامر والحد من تصاعد حدة الانشقاقات في المجلس.من جهته ينفي القيادي في المجلس الاعلى صلاح العرباوي الانباء التي تتحدث عن وجود “انشقاق” في حزب الحكيم. ويقول، في تصريح لـ(المدى)، “هناك مواقف ووجهات نظر مختلفة من بيان جبر صولاغ، وجلال الدين الصغير مع المجلس، لكنها لم تحسم بعد”.ويشير القيادي الشاب الى ان “الاختلافات تدور حول رؤية تلك الشخصيات لإدارة المجلس ودور الشباب”.ودفع زعيم المجلس عمار الحكيم، الشاب ذو الأربعين عامًا الذي تسلم رئاسة المجلس من والده عام 2009، بالقيادادت الشابة بشكل واضح في حزبه. وأعلن الحكيم في 2011 عن تشكيل شبابي جديد يحمل اسم “فرسان الأمل”. وأعلن زعيم المجلس في آب 2011، عن تغيير اسم كتلة شهيد المحراب إلى كتلة المواطن، مبينا أن شعار المجلس سيشهد تغييرات مهمة.
وتشكّل المجلس الأعلى الإسلامي، على يد الراحل محمد باقر الحكيم الذي اغتيل في انفجار عام 2003، بعدما كان اسمه (المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق)، وتم تغييره الى الاسم الحالي في 2007.ويخفف القيادي في المجلس الاعلى مما يحدث داخل حزبه، معتبراً ان “الاجواء الديمقراطية التي تعيشها البلاد وقانون الاحزاب الجديد يسمحان بذلك”.وفي إشارة الى التقليل من اهمية الانشقاق الجديد، يلفت العرباوي الى ان “حزب الدعوة انشق عدة مرات، ومنظمة بدر انفصلت عن المجلس في وقت سابق”.
وتعتبر منظمة بدر، جناح العسكري للمجلس الأعلى. ويعتقد ان انفصالها عن الاخير في عام 2012 يعود الى تعارض مواقف الطرفين بشأن دعم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. لكن مراقبين اعتبروا، آنذاك، ان السبب الحقيقي لانشقاق بدر يعود الى الخلاف على اختيار عمار الحكيم لرئاسة المجلس خلفا لوالده الذي توفي في صيف 2009.
ويقول القيادي المخضرم في المجلس الاعلى، جلال الدين الصغير، بانه والقياديين عادل عبد المهدي وهمام حمودي من جاؤوا بعمار الحكيم الى المنصب. وكشف الصغير، الذي يقود فصيل أنصار العقيدة ضمن الحشد الشعبي، في لقاء له في آذار الماضي بانه “مبتعد عن العمل السياسي داخل المجلس منذ سنه”. وأكد أن “لديه رؤية تختلف عن رئيس المجلس، وبان مسار التنظيم قد اختلفت عن نهج مؤسسه محمد باقر الحكيم”.
وزعم الصغير، خلال اللقاء، بان عادل عبدالمهدي، وبيان جبر صولاغ لديهما نفس التحفظات على طريقة إدارة المجلس الاعلى.

بين الكلاسيك والشباب
بالمقابل نفى الصغير ان يكون موضوع زج قيادات شابه في صفوف المجلس الأعلى وراء قرار انشقاقه. وقال بان وصوله الى قرار الانفصال عن “المجلس” جاء بعد “معاناة طويلة وصل فيها الى اللاعودة”. وأكد انه سيكشف أسراراً أخرى عن سبب انشقاقه في أوقات أخرى.ويؤكد باقر جبر، وعادل عبدالمهدي، ماذهب اليه الصغير، بأنهما لم يعارضا أي دور لجيل الشباب.وكشف وزير النقل، الذي يعتقد بانه أرغم على الاستقاله العام الماضي من قبل كتلته، بانه قد قدم ملاحظات حول ادارة المجلس قبل عام من الاستقاله. وقال في لقاء متلفز، قبل عدة اشهر، بانه “لن يعود الى العمل السياسي في المجلس بدون الموافقة على ملاحظاته”.وقبل ايام حسم عبدالمهدي الجدل حول موقفه من المجلس الاعلى، وكشف بانه لايدعم الانشقاقات، ولن يعود لعمله في حزب الحكيم. وقال وزير النفط السابق، في مقالة نشرها، “لست من أنصار الانشقاقات او المحاور او الصراعات الخطية.. ولست ضد الشباب ولا الشيوخ.. ولست في منافسة وخصومة مع اي قيادي او كادر في المجلس الاعلى او غيره…”.
وأكد عبدالمهدي بانه “قدم مذكرة داخلية لرئيس المجلس في أيار 2015 بتجميد كافة نشاطاتي التنظيمية، متزامنة مع إطلاع سماحته على كتاب الاستقالة من وزارة النفط…”.
في غضون ذلك يعتقد، عزيز العكيلي، النائب عن المجلس الاعلى، بان “التنظيم يحتاج الى رؤية واضحة لتحديد دور كل من الشباب والمخضرمين”.وحذر العكيلي، في تصريح لـ(المدى) امس، من “استغلال بعض الجهات لمايحدث في المجلس الاعلى”، مؤكدا ان “الذين يختلفون مع الحكيم لن يذهبوا مع كتل اخرى”. واعتبر العضو في المجلس الاعلى ان “الحل بات قريبا وبان هناك برنامجا سيجمع كل المختلفين”. وشدد على ان “اختفاء بعض الشخصيات من المجلس لن يؤثر على شعبيته في الانتخابات”.وتراجعت حظوظ المجلس في الانتخابات الاخيرة، حيث حصل ائتلاف المواطن، الذي شكله الحكيم في 2013، المتكون من 23 كيانا، على 29 مقعدا فقط. بينما حصل المجلس الاعلى لوحده، في انتخابات 2010، على 21 مقعدا من اصل 70 مقعدا حصل عليها الائتلاف الوطني، الذي تزعمه الحكيم ايضا.ويؤكد صلاح العرباوي أن “المجلس لم يحسم أمر تغيير اسمه في الانتخابات المقبلة، أو الإبقاء على الشكل الحالي الذي خاض فيه اقتراع 2014″، لكن يشدد على ان “المجلس سيشارك في الانتخبات المقبلة وفق ستراتيجية جديدة، تتمثل بدفع الوجوه الجديدة والشبابية الكفوءة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here