قانون حريّة التعبير تضمَّن عقوبات قاسية وأتاح لرئيس الوزراء منع التظاهر

بغداد / وائل نعمة

أرجأ مجلس النواب للمرة الثالثة، في غضون أُسبوع واحد، طرح قانون “حرية التعبير والتظاهر” المثير للجدل.
وجاء التأجيل إثر ضغوط مارستها عشرات المنظمات الناشطة في مجال حرية التعبير وحقوق الإنسان التي ترفض تشريع القانون في الدورة الحالية، لوجود بنود تهدد حرية التعبير. وتخشى تلك المنظمات، بحسب برلمانيين، من اعتماد نسخة القانون القادمة من الحكومة التي تحمل بنوداً عقابية وتعطي حرية للحكومة بقبول أو رفض إجراء التظاهرات.

وتسربت، يوم أمس، إلى الإعلام آخر مسودة لقانون حرية التعبير التي كان مفترضاً أن تطرح في جلسة أمس، قيل إنها قدمت من التحالف الوطني وتضم معظم البنود التي أثارت الانتقادات.
وكان البرلمان قد تراجع عن عرض القانون للتصويت في جلسة الخميس الماضي، وقرر تأجيل ذلك الى جلسة السبت، ثم قرر تأجيل عرض القانون الى جلسة أمس الإثنين، لكنه تراجع ثانية.
ووجه رئيس مجلس النواب سليم الجبوري اللجان المختصة، القانونية وحقوق الإنسان والأمن والدفاع والثقافة والإعلام والأوقاف والشؤون الدينية، بـ”الإسراع في إنضاج مشروع القانون لغرض التصويت عليه في الجلسة المقبلة” ونجح عدد من منظمات المجتمع المدني، في أيار الماضي، في إقناع مجلس النواب بسحب مسودة مشروع قانون حرية التعبير، نظراً لمخالفة المسودة المطروحة لجوهر حرية التعبير المكفولة دستورياً.
وعرض البرلمان مطلع أيار الماضي، مسودة (قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي ). ونظم (تحالف المادة ٣٨)، وهو مظلة لمنظمات مدنية وناشطين يحمل اسم الفقرة ٣٨ من الدستور التي ضمنت حرية التعبير، مؤتمراً صحفياً وقتذاك، عبر فيه عن رفضة للعودة الى صيغة القانون الحالية. وطالب بإجراء تعديلات جوهرية عليه.
وطرح القانون للمرة الاولى في البرلمان عام 2011 وشهد حينها معارضة شديدة من اوساط النشطاء والمهتمين ومنظمات المجتمع المدني، التي اعتبرت ان القانون يمثل انتهاكاً صارخاً لمبادئ الدستور العراقي والمواثيق الدولية. واضطر البرلمان العراقي، بفعل ذلك، الى تأجيل تشريع القانون لحين الأخذ بملاحظات ممثلي المجتمع المدني.
وعن كواليس ماحدث في جلسة أمس، تقول النائبة أشواق الجاف، عضو لجنة حقوق الإنسان، ان “منظمات المجتمع المدني اعترفت لأول مرة بأنها لاتريد تمرير القانون في البرلمان الحالي”. واضافت الجاف، في تصريح لـ(المدى) امس، “كانت المنظمات تعطينا ملاحظات ونحن نضمّنها في المسودات، لكنها لاول مرة تكاشفنا بأنها تخشى تمريره من الأساس في الوقت الحالي”.
وتؤكد النائبة الكردية ان “المنظمات تخشى ان يتجاهل البرلمان المقترحات والمسودات المتعددة حول القانون وتأخذ بالنسخة الحكومية”. وتتخوف منظمات المجتمع المدني، بحسب الجاف، من فقرتي “الإخطار وإجازة التظاهرات في القانون”، و”العقوبات”. وعرضت المسودة الجديدة، التي طرحت امس على البرلمان، مقترحين حول المادة 7، التي تشرح آلية تنظيم التظاهرات والحصول على موافقة الحكومة. ونص المقترح الاول على ان يتم إخطار الحكومة قبل 5 أيام على الاقل، ولرئيس الوحدة الادارية ان يرفض في حالة “تهديد الامن القومي أو النظام العام”.
فيما ينص المقترح الآخر على سحب الحق من الجهات الحكومية بقبول او رفض الإخطار. لكن المادة ذاتها تعود في الفقرة ثالثا، لتقول “في حالة رفض رئيس الوحدة الإدارية الطلب، فيحق للجهة المنظمة للتظاهرة ان تطعن بالقرار أمام القضاء”.
وكانت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، قد رفضت التعديلات الأخيرة للجان المعنية بمشروع قانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي. ودعت الجمعية، مؤخرا، رئاسة البرلمان إلى سحب القانون من جدول الاعمال، ومنحه وقتاً أطول من اجل التوصل مع النواب الرافضين لفكرة الإخطار الى حل معقول .
وأشارت الجمعية الى ان “التعديلات التي أدرجتها أَغلب اللجان المعنية لم تفلح، على الرغم من مساعيها، في تعديل المادة السابعة التي تمنح رئيس الوحدة الإدارية صلاحية استنكار التظاهرة او التجمع”.
وأعلنت عضو لجنة الثقافة النائبة سروة عبد الواحد، أمس الإثنين، عن جمع تواقيع لتأجيل التصويت على قانون حرية التعبير، مبينة ان ذلك جاء بعض وضع التحالف الوطني عقوبات إضافية في القانون.
وقالت عبدالواحد، في بيان صحفي اطلعت عليه (المدى)، ان “اللجان المعنية بتشريع قانون تنظيم التظاهر السلمي اجتمعت يوم امس مع ممثلي منظمات المجتمع المدني لتعديل مشروع القانون بالشكل الذي يخدم هذا الحق الإنساني وتم الاتفاق على صيغة معينة”، مشيرة الى أن “التحالف الوطني عقد اجتماعا مساء أمس (الأحد)، وقاموا بتعديل بعض فقرات القانون بإضافة فقرات عقابية إضافية”.
واضافت النائبة الكردية “نرفض تلك التصرفات وقد جمعنا تواقيع 51 نائبا بغية عرضها على رئاسة البرلمان لتأجيل التصويت على مشروع القانون”، مشددة على ان “القانون ينبغي التوافق عليه داخل اللجان المعنية وليس تمريره بهذا الشكل”.
وأضيفت مادة جديدة على مسودة القانون في الفصل الرابع (أحكام عامة وختامية)، تعطي الحق لرئيس الوزراء لمقتضيات المصلحة العامة او الامن القومي “منع أي اجتماع او تظاهرة سلمية وإن كان فيها إخطار مسبق”.
كما اضيفت فقرة اخرى لذات المادة تنص على معاقبة كل شخص لم يقدم طلبا تحريرياً الى الجهات الحكومية لتنظيم التظاهرات، بالسجن لمدة لاتقل عن 6 أشهر ولاتزيد على عام واحد. كما رتبت الفقرة الجديدة فرض غرامة لاتقل عن 10 ملايين دينار ولاتقل عن 25 مليون دينار للتظاهر من دون طلب تحريري، كذلك وضعت المسودة عقوبات مالية وبدنية في مواضع اخرى تتعلق بخرق قائمة محظورات ترافق التظاهرات.
واوضحت النائبة سروة عبد الواحد ان “من جملة العقوبات التي تمت إضافتها حول المادة المتعلقة بعقوبة الحبس لسنة وغرامة مليون، حيث تم رفعها الى الحبس 3 سنوات وعقوبة مالية لاتقل عن عشرة ملايين ولا تزيد على 25 مليون دينار، إضافة الى وضع مادة تجيز لرئيس الوزراء إلغاء اي نشاط جماهيري بحسب المقتضيات التي يراها”، لافتة الى ان “القانون تضمن إخطار الجهات المعنية بوقت التظاهر قبل 72 ساعة”.
إلى ذلك دخل زعيم التيار الصدري على خط الرافضين لقانون حرية التعبير، معتبرا أن حرية الرأي والتعبير مكفولة في الدستور ولا يحق للبرلمان ولا غيره التعدي عليه.
وقال الصدر، في رد له على سؤال وجهه أحد اتباعه بشأن موقفه من مشروع قانون حرية التعبير الذي يناقشه البرلمان، إن “حرية الرأي والتعبير مكفولة بالدستور ولا يحق لا للبرلمان ولا لغيره التعدي عليها”. وشدد الصدر أنه “ليس للبرلمانيين التصويت على ما يرفضه الشعب”، مشيرا الى أن من أهم ما أنجز بعد سقوط النظام السابق “إعطاء العراقي حرية إبداء رأيه”. ودعا الصدر “كل الاحرار العراقيين الى منع تكميم الأصوات الناعقة التي تريد تأخير عجلة الإصلاح”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here