وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ

علي عبد الحسن ناصر

لا يصح الا الصحيح، هي قاعدة ، او مبدأ، أو نظرية، لا تهم التسمية، فالمهم التطبيق. ففي خضم التجارب والممارسات، تواجهنا الكثير من الخيارات، منها ما يعزز الافكار ويدفع بها الى امام، ومنها ما يقف حائلا بينها وبين التطبيق لتبقى حبيسة الملفات والاروقة، لا يرى النور منها الا ما يتوافق مع مصلحة ما، ومنها ما يقف في الظل بين العتمة والضوء، يختار الراجحة من بين الكفتين.

شهدت الحقبة المنصرمة تقاطعات وتناقضات، كادت ان تقصم ظهر المسيرة، لولا حكمة ورشاد ربان السفينة، الذي كان المتسامح الأكبر، الذي يعيد الأمور دائما الى نصابها، من أجل وحدة الصف، فكان الباذل، والمضحي، وبرغم نظرته الثاقبة، وتطلعه الدائم الى امام، كان ينظر الى مواقع أقدامه، فيصحح هنا، ويغير هناك. ولما لم تجد كل تلك التضحيات نفعا، ووصلت المسيرة الى الخيار الواحد، الى القول الفصل، الى مفترق الطرق، كان لا بد من القرار، فالثلة القليلة المخلصة تؤمن ان ما لله ينمو، وان الوقوف لمصلحة الوطن اكبر من مداراة خواطر من ترعرع في نفوسهم الكبر والخيلاء، وان لا مسيرة بدوننا.

وجاء القرار الجرئ الشجاع، ”لكم دينكم، ولي دين”، لكم الإرث والإسم وكل ما يطيب، ولنا الشباب الجديد المتسلح بالفكر والعنفوان، لكم الماضي بكل جذوره ، ولنا اليوم وكل غد آت بكل جديد، يامن تستهويكم المزايدات، والمناكفات، في وقت نحتاج فيه وحدة رأي، ووحدة صف، ووحدة موقف، فلله در من ملأ القلب قيحا، ونكأ الجراح، ولم يلتفت الى أنين ثكلى، أو دمعة يتيم.

جاء القرار لنقف الى جانب العراق، نضمد جراحه، ونعيد بناء مجده، ونفتح له آفاق المستقبل، نريده عراقا متصالحا مع نفسه، واثقا من مستقبله، كما نريد شعبا متعلما مثقفا مدركا لأدواره، تبدأ ركيزته الأساسية من العلم والمعرفة وبناء القدرات لإعادة تشكيل الشخصية الوطنية الجديدة، عندها نضمن دولة عصرية شامخة تنطلق من الواقع بأفكار وأطر جديدة نحو غد جديد تشارك في بنائه كل الطاقات الوطنية الخلاقة.

هكذا تأتي الحكمة،عندما تجعل العراق جسرا للتواصل وتبادل العلوم والمعارف والثقافات، بتفعيل الثورة الإدارية والمعرفية،ليكون التعليم حجر الزاوية في بناء مجتمع يفتح ذراعيه لأبنائه كافة، وليس ساحة للصراع الوطني او الإقليمي،

انها الحكمة ان يقود البلد تيار الحكمة، ليحرر الإقتصاد من تحكم الدولة الى نظرة عصرية بالاقتصاد، نجد فيعا توزيعا عادلا للثروات، والانفتاح على العالم من اجل فرص عمل للشباب، انها الحكمة ان نقود مسارنا كما ينبغي من دون مثبطين، اولئك الذين لا يرتقون بنظرتهم ابعد مما يرى ، ولا يتركونك تنفتح على العالم بآفاق جديدة لتلحق بركب الامم المتطورة

لقد حباك الله بالحكمة، كي لا تخسر أحدا، كما حباك باليقظة والفطنة، فلم تنطل عليك مخططات الغرف المعتمة، فانتفضت لتعلن بحكمة : تأسيس تيار الحكمة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here