الموصليون يحيون الذكرى الثالثة لتفجير مرقد النبي يونس على أمل المشاركة بإعماره

يستذكر العراقيون بجميع دياناتهم وأعراقهم الذكرى الثالثة لقيام تنظيم داعش بتدمير مرقد النبي يونس وما يرمز إليه هذا الضريح المقدس.عند مشاهدة الصور الأولى لهدم المرقد في 24 تموز 2014، شعر الجميع بالصدمة وعدم الارتياح العميقين. وكانوا يتابعون أخبار العراق في الأسابيع الماضية، وأصيب الجميع بالحزن وبالأسى بسبب الأعمال التي قام بها تنظيم داعش وكان منظر تدمير داعش للمرقد رهيبا جدا”.

والمرقد، هو أحد المعالم الأثرية في العراق، وكان موضع تقديس من قبل المسلمين والمسيحيين واليهود على حد سواء. وكان يعتقد أن هذا هو المكان الأخير لاستراحة النبي التوراتي يونس، الذي ابتلعه الحوت الذي حذر سكان مدينة نينوى الآشورية (الآن الموصل) أن الله سوف يدمرهم إذا لم يتوبوا عن خطاياهم.
وتظهر قصة يونس في الكتاب المقدس وكذلك القرآن الكريم. ويقبع قبره على تلة عالية تحتوي على عدة معالم تاريخية: فهناك معبد آشوري قديم وقصر لليهود، وكنيسة مسيحية، ومسجد من القرن الثاني عشر.
وفي عام 1924، تم إضافة مئذنة كبيرة من قبل مهندس معماري تركي وصف توهج الموقع كهدية من الله لمدينة الموصل.المرقد كان أكثر بكثير من مجرد وجهة سياحية. كان رمزا ثابتا وقويا وبإشرافه على المدينة، كان يذكر جميع أبناء الموصل بالرابطة التي تجمع بين سكان العراق رغم اختلاف دياناتهم. وكان هذا نقيض للطائفية.
وعلى هذا النحو، فإن قرار داعش بتفجيره ينظر اليه على أنه محاولة لمحو التاريخ المشترك للعديد من السكان من مختلف الاديان الذين يعيشون في الموصل، ومحو فكرة أن هؤلاء السكان يمكن أن يجمعهم شيئا واحداً على الإطلاق. ولكن الآن بعد أن تم تحرير الموصل من داعش، يأمل الجميع ان تتاح لهم الفرصة للمساهمة في إعادة بناء المدينة وأماكنها المقدسة.
ولدت سارة، من أصل أرمني عربي، وترعرعت في الموصل. وفي سنوات طفولتها كانت مفتونة بمرقد النبي يونس، كانت حجارته الصفراء تعكس أشعة الشمس وكانت هي وشقيقها يطاردان بعضهما البعض صعودا وهبوطا على السلالم التي كانت تبدو بلا نهاية، وكانا يصعدان على المدرجات الزقورية، ويلعبان بين أشجار النخيل الموجودة.
وقد سمعت أن الموقع يضم سن الحوت الذي ابتلع يونس كما كانت تدرك تماما أن الأيزيدين في الموصل يقدسون المكان أيضا، لا سيما وأن أحد الاضرحة المقدسة عندهم يقع بالقرب من مرقد النبي يونس.بدورها، نشأت عطور كجزء من المجتمع المسيحي الآشوري في العراق وهي تتوق للعديد من ذكريات طفولتها، ولكن لا شيء أكثر غموضا وأكثر إيلاما لها الآن من قبر يونس.
وتحيي الكنائس الشرقية توبة نينيفيتس التوراتية لمدة ثلاثة أيام كل عام، وهو تقليد هام للمجتمع الآشوري. وبعيدا عن هذا الارتباط الديني بيونس، وما وراء الحنين الى الذكريات المرتبطة معه، فان ما يجعل فقدان القبر امرا مؤلما هو المبدأ الذي غرسه في بلدها. استيعاب التقاليد الثقافية السابقة ومصادر المعرفة التي ورثت من الماضي كان دائما مصدرا للقوة لحضارات الشرق الأدنى، من العصور القديمة إلى العصر الحديث. وان تدمير مرقد النبي يونس يشير إلى أن هذا المصدر من القوة تحت التهديد.
أما سيجال فقد عاشت وسط عائلة من اليهود العراقيين، ولكنها لم تتمكن أبدا من زيارة العراق. بعد هروب عائلتها من الاضطهاد الذي تعرضت اليه في أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، فهرب جدها من العراق، جنبا إلى جنب مع جميع السكان اليهود تقريبا.
وعلى الرغم من أنها لم تشاهد ابداً مرقد النبي يونس، إلا أنها شعرت بأنه جزء أساسي من تاريخها وهويتها الشخصية. فقد نشأت وهي تسمع كتاب يونس وهو يقرأ في الكنيس اليهودي. وان المرقد هو شاهد واضح على أن اليهود عاشوا في العراق لعدة قرون. كانت الموصل في السابق موطنا لكثير من المعابد اليهودية، على الرغم من أنها تستخدم الآن كمكبات للقمامة.
وفي وقت سابق من هذا العام، اكتشف علماء الآثار الذين وثقوا الدمار في مرقد النبي يونس، قصرا آشوريا يبلغ من العمر 2.600 سنة، لم يتم حفره من قبل.
فبعد تفجير المرقد، حفر تنظيم داعش الأنفاق العميقة تحته، ومن المحتمل ان يكون قد نهب العديد من القطع الأثرية لبيعها في السوق السوداء. وفي اجتماع لليونسكو في باريس، اتفق خبراء أجانب ومسؤولون عراقيون على العمل معا على ترميم المرقد. في خضم هذا النشاط، قد يكون من السهل أن ننسى أن إعادة بناء المرقد ليست فقط مسألة مثيرة للقلق بالنسبة للسكان المحليين والخبراء في الشرق الأدنى، ولكن أيضا للمسيحيين والمسلمين واليهود الذين لهم صلة بالعراق. هذه الجماعات الدينية المختلفة، جنبا إلى جنب مع الايزيديين، لها مصلحة في ما يحدث للموقع، وأي عملية صنع قرار عادل يجب ان تشمل وجود ممثلين عن كل منهما.

عن: ذا اتلانتيك
ترجمة: المدى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here