تيّار الحكيم يبدأ بتقاسم التركة مع المجلس الأعلى ويتحدّث عن “ديون كبيرة”

بغداد / محمد صباح

كشفت تداعيات تشكيل تيار الحكمة الوطني عن وجود ديون كبيرة ومستحقة بذمة المجلس الأعلى واجبة السداد خلال الفترة الحالية بعد الأزمة المالية التي مر بها الحزب خلال الاعوام الاخيرة.
وفور إعلان الحكيم لتياره الجديد سارع إلى تشكيل لجان خاصة لتقسيم التركة المالية بين المجلس الأعلى وتيار الحكمة، الذي وضع اليد على أهم المفاصل الحيوية في مقدمتها مؤسسة الفرات الفضائية، والمقر العام الذي تعود ملكيته إلى وزارة المالية ويشغله المجلس الأعلى منذ ٢٠٠٣ مقابل عقد إيجار.
وتتحدث قيادات تيار الحكمة عن الأسباب التي دفعت الحكيم الى مغادرة المجلس الأعلى إلى اختلاف بعض قيادات الصف الاول مع الاخير حول رئاسة المجلس الأعلى، ومنح الشباب دورا اكبر منذ توليه قيادة المجلس عام ٢٠٠٩. وحسم الحكيم، يوم الإثنين، الخلافات التي عصفت بحزبه طيلة الاشهر الاخيرة، معلنا تشكيل “تيار الحكمة الوطني” ومغادرة الحزب الذي تولى رئاسته في ٢٠٠٩ بعد رحيل والده عبدالعزيز الحكيم. وكان لافتا تقديم الحكيم شكره الى المرشد الإيراني لدعمه المجلس الاعلى منذ تشكيله مطلع الثمانينيات وحتى سقوط نظام صدام لدعمه المتواصل للعملية السياسية.
مؤخرا تسربت أنباء عن اعتزام قادة مخضرمين في المجلس الأعلى الانشقاق وتشكيل حزب جديد، مقابل تسريبات تحدثت عن استعداد الحكيم لحل المجلس الأعلى وإعلان تشكيل سياسي جديد استعدادا للمشاركة في الانتخابات المقبلة.
وتعود جذور الصراع في المجلس الأعلى، الذي تأسس في إيران عام 1982، الى التنافس الحاد بين جيل القيادات المخضرمة وجيل الشباب الذي يريد عمار الحكيم فتح الطريق واسعاً أمامهم. وتظهر النتائج التي حصل عليها المجلس الاعلى خلال انتخابات ٢٠١٤ ، التي خاضها في ائتلاف مكون من عدة كيانات، تراجعاً كبيرا في أعداد الاصوات عن الاقتراع الذي سبقه.
ويقول صلاح العرباوي، مدير المكتب الخاص لعمار الحكيم في حديث مع (المدى) امس، ان “الأسباب التي دفعت الحكيم إلى تشكيل تيار الحكمة الوطني تتمثل في اختلافه مع بعض قيادات المجلس الأعلى بشأن منح الشباب فرصة في العمل السياسي”، لافتا الى “وجود مشاكل أخرى تراكمت منذ اختيار الحكيم رئيسا للمجلس الأعلى بعد وفاة والده مباشرة”.
كما يتحدث العرباوي عن “وجود أسباب خارجية عجلت بتأسيس تيار الحكمة تتمثل في التخندقات الطائفية، وشيخوخة بعض القيادات السياسية في كل الأطراف التي تتطلب المرحلة المقبلة طاقات شبابية تعمل بوتيرة مختلفة عما كان يجري في السنوات السابقة”.
ولم تحسم الكثير من المؤسسات التابعة للمجلس الأعلى مصيرها بالانضمام مع تيار الحكمة الوطني او البقاء على تشكيلاتها وتنظيماتها السياسية والحزبية ، وراحت تكثف من اجتماعاتها خلال الساعات الماضية لتقرير مصيرها في اليومين المقبلين. واعلنت اغلب تشكيلات المجلس انضمامها لتيار الحكمة، وكذلك فعلت كتلة المواطن في مجلس النواب، ما عدا خمسة نواب، وهم النائب الأول لرئيس مجلس النواب همام حمودي ورئيس كتلة ائتلاف المواطن حامد الخضري، والنواب محمد تقي المولى، وعبد الكريم النقيب، وفرات الشرع. وقررت الكتلة تغيير اسمها لكتلة الحكمة البرلمانية.
وأصدرت الهيئة القيادية للمجلس الأعلى مساء الإثنين بيانا عاهد جماهيره “بالمضي على نفس الثوابت”، مؤكدة العمل على “وحدة أبناء هذا التيار وتوحيد مساراته السياسية مهما اختلفت العناوين”، داعياً جماهيره الى انتظار الخطوات اللاحقة. وتضم الهيئة القيادية كلا من باقر جبر، وجلال الدين الصغير، وصدرالدين القبانجي، وهمام حمودي.
وحول تقسيم التركة المالية، يقول القيادي في تيار الحكمة ان “بعضا من الأموال ستبقى للمجلس الأعلى والبعض الآخر سيكون من حصة تيار الحكمة الوطني “. ويضيف “هناك ديون مالية كبيرة جدا في ذمة المجلس الأعلى لبعض الجهات والشخصيات تتطلب من قياداته تسديدها”، مبينا أن “هذه الديون تعود إلى الازمة المالية الخانقة التي تعرضنا لها في الفترات الماضية “.
ويؤكد العرباوي ان “المؤسسات التي فضلت البقاء مع المجلس الأعلى ستكون أموالها وعائديتها للمجلس، والمؤسسات التي اختارت الانضمام إلى تيار الحكمة الوطني ستكون أموالها له”.وكشف عن “انضمام مؤسسات تجمع الامل، والجهاد والبناء، والشباب والرياضة، والشهداء وشهيد المحراب وكذلك مؤسسة الفرات الإعلامية وملحقاتها إلى تيار الحكمة الوطني الجديد”.
ويوضح القيادي المقرب من الحكيم ان “عائدية هذه المؤسسات وغيرها ممن فضلت الانضمام إلى التشكيلات الجديدة ستكون من حصة تيار الحكمة الوطني”، مشددا على أن “المقر الحالي تابع إلى وزارة المالية نسدد أجوره بشكل منتظم إلى الدولة العراقية”.
وتعذر على (المدى) الحصول على توضيح من القيادات، التي قررت البقاء في المجلس الاعلى، إزاء هذا التغيير، إذ امتنع أغلبهم من الإدلاء بأية معلومات تخص مستقبلهم والخطوة المقبلة لهم.
واكتفى النائب عبد الكريم النقيب، أحد النواب الذين اختاروا البقاء مع المجلس الأعلى، ان “القيادات التي بقيت قررت التزام الصمت لليومين المقبلين”، رافضا التحدث عن تفاصيل اخرى.
في حين اعتذر النائب عن البصرة فرات الشرع عن الكشف عن تداعيات انسحاب الحكيم وتشكيله لتيار الحكمة الوطني.
فيما اعتذر مكتب الصغير بسفر الاخير لغرض العلاج. وأغلقت هواتف كل من القيادي بيان جبر الزيبدي والنائب محمد تقي المولى.
من جانبه يؤكد القيادي في تيار الحكمة الوطني محمد الربيعي “وجود اختلاف بين قيادات المجلس الأعلى على إعطاء فرصة للشباب ليكونوا بدلا عن بعض القيادات من أجل لعب دور أكبر في المرحلة المقبلة التي ستكون مرحلة استقرار وبناء”.
ويضيف الربيعي، في تصريح لـ(المدى)، “هناك الكثير من الاختلاف في وجهات النظر بين قيادات المجلس الأعلى انتهت بإعلان الحكيم عن تياره الجديد”، كاشفا ان “من ضمن هذه الخلافات كانت تدور حول رئاسة المجلس الاعلى التي تم طرحها في اجتماعات الهيئة السياسية”. ويتابع عضو مجلس محافظة بغداد ان “شريحة الشباب في تجمع أمل وغيرها من التجمعات الأخرى تصر على بقاء عمار الحكيم رئيسا لها وتطالب بمنحها فرصة للمرحلة المقبلة لأخذ الفرصة، في حين كانت بعض القيادات ترى أن الشباب غير جاهزين في الوقت الحاضر”.
إلى ذلك يشير رعد الحيدري، القيادي في تيار الحكمة الوطني، الى “وجود ترتيبات تجري للبدء بتسجيل تيار الحكمة في دائرة تسجيل الأحزاب التابعة إلى مفوضية الانتخابات”، مؤكدا أن “75% من نواب كتلة المواطن البرلمانية والمحافظات والمنظمات والهيئة العامة للمجلس الأعلى انضمت إلى تيار الحكمة الوطني”.
ويضيف الحيدري، في تصريح لـ(المدى) امس، “هناك لجان خاصة شكلت ستكون مهمتها توزيع التركة المالية بين المجلس الأعلى وتيار الحكمة الوطني”، مؤكدا “بقاء الحكيم رئيسا للتحالف الوطني الذي سيكون ملزما بالبدء بإجراءات التسوية قريبا ضمن سقوفها ومواعيدها المحددة لها”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here