عمار الحكيم… الخروج من شرنقة الصبى

ليس حلم ليلة صيف مقمرة، هذا الذي استفاق عليه السيد عمار الحكيم فجأة ليعلن انقلابه على نفسه في رئاسة المجلس الاسلامي الاعلى.. وانما هو نتيجة مخاض نفسي وفكري طويل.. قد تعود جذوره لمرحلة ما قبل ترؤسه للمجلس.

ومعضلة السيد الحكيم هي كونه رجل دين، يمارس السياسة.. فلا هو حر، كسياسي، مثل بقية السياسيين بتولي مناصب تنفيذية كالوزارات، ولا هو قادر، كرجل دين، ان ينافس على موقع متقدم في الحوزة او المؤسسة الدينية، كونه خاض غمار السياسة…

وربما الخطا الذي ارتكبه والده السيد عبد العزيز الحكيم عندما كان رئيسا لكتلة الاغلبية الشيعية في برلمان 2005، ولم يتقدم لشغل منصب رئاسة الوزراء، الذي كان يستحقه بحكم المنصب، هو بالتحديد ما يعاني من ارثه السيد عمار منذ تسلمه لمقود هذه السفينة..

الحكيم الاب، لم يكن يتمتع بكاريزما دينية، تؤهله للبقاء بعيدا عن البرلمان، والتحضير لخلافة الحوزة العلمية في النجف، ولا سياسية بحيث يستطيع ان يقود من خلالها دولة مثل العراق.. ويترك المناصب الفقهية.. فلم يكن موفقا في اختيار وسط العصا.. وكان عليه حينها ان يختار طرفا ليستطيع رفعها.

مقابل هذه التجربة غير الناجحة لال الحكيم، كان هنالك مشهد اكثر نضوجا من عائلة الصدر، فقد ورث السيد مقتدى عن ابيه محمد الصدر قاطعيته في اختيار المناصب الدينية على السياسية رغم قلة حظوظه في قيادة الحوزة، وانعدام اي فرصة للوصول لمنصب “المرجع” الذي كان لا يخفي طموحه له.

محمد الصدر مهد الطريق لخليفته الشاب ان يقود انصاره برؤيا واضحة وكانه يعرف بالضبط ماذا يريد، من الدين، ومن السياسة. على عكس عبد العزيز الحكيم الذي كان لضياعه بين الوجهتين اثر بليغ على سياسة خليفته الشاب، والذي خسر كما يبدو سباق التنافس مع الشاب الاخر من ال الصدر سواء في الدين او في السياسة.

ومن هنا تاتي حركة السيد عمار الحكيم الانقلابية، على نفسه، في الخروج من التنظيم السياسي الذي يتراسه، وتشكيل “تيار حكيمي” اسماه “تيار الحكمة” هي بمثابة بحث عن الهوية وتقرير مصير جرئ جدا، وان متأخر كثيرا، من اجل وضع نهاية لازمة الهوية التي لازمته طوال فترة ترأسه للمجلس الاسلامي.

وبرايي اذا كانت عين السيد الحكيم على انتخابات نيسان 2018 القادمة، بحيث يقود التيار الحكيمي بنفس اليات القيادة المتبعة في قيادة التيار الصدري، فقد تاخر كثيرا، وليس هنالك ثمة متسع في الافق كي يستطيع بناء “الهيكل العظمي”، فما بالك ببث الروح بهذا التيار..

اما اذا كان قراره هو “ضربة معلم” واعية يستطيع من خلالها الخروج من شرنقة الصبى السياسي لبناء شخصية دينية-سياسية ناضجة، واضحة المعالم، يستطيع الناخب ان يميزها ويقامرعليها، فبامكانه ان يفرض نفسه دينيا، وتياره سياسيا، في سوق البورصة الانتخابية للدورات البرلمانية التي تليها..

حسين القطبي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here