شناشيل : حتى الأمينة ضدّ جنسها ..!

عدنان حسين

نعم، حتى في عهد أول امرأة تعتلي منصب أمينة العاصمة، السيدة ذكرى علوش، تحافظ أمانة بغداد بصرامة على ذكوريتها العريقة الراسخة.
لا أدلّ على هذا من قيام الأمانة بتنفيذ قرار اتّخذه مجلس محافظة بغداد أخيراً بإعادة تسمية عدد من الشوارع والساحات والجسور في العاصمة من دون أي اعتراض أو تحفظ أو اقتراح بإجراء تعديل في القرار لصالح التأنيث. قائمة الشوارع والساحات والجسور المُعاد تسميتها منذ يومين ذكورية بامتياز، أو مليون بالمئة كما يحلو للعراقيين القول عندما يريدون المبالغة بالتأكيد.
أمانة بغداد أعلنت الخميس عن اعتمادها تسميات جديدة لأكثر من 80 شارعاً وساحة ومجسّراً، مبينة ان القرار يأتي وفقا لقرار مجلس محافظة بغداد رقم (13) لسنة 2017.( لا أدري كيف جيء بمفردة “مجسّر” لتحلّ محل مفردة جسر.. في معاجم اللغة المجسَّر هو المُشجّع على مجابهة خصمه أو على خوض الانتخابات، فيما الجسر هو القنطرة ونحوها مما يُعبَر عليه، أو الحدُّ الفاصلُ بين أَرضيْن، أو ما يربط بين طرفين ، أو وسيلة اتِّصال وتفاهم. والأولى أن يقال في ما يُطلق عليها الآن مجسّرات إنها جسور، فالجسور ليست هي ما يقوم على الانهار وفي البحار فقط.)
الملاحظ أن الاسماء الملغية كلها ذكورية والاسماء البديلة كلها ذكورية هي الأخرى، لا مكان لاسم أنثى عراقية بينها بينما ثمة العشرات في الأقل من العراقيات اللائي يستحقّنّ التكريم أكثر من بعض الذكور المُكرّمين بإطلاق أسمائهم للتوّ على البعض من شوارع بغداد وساحاتها وجسورها.
لن يمكنني إيراد جميع الاسماء التي أراها جديرة بتكريم كهذا، وإنما فقط أشير إلى أسماء بعض الرائدات: مريم نرمة أول صحافية عراقية، صبيحة الشيخ داوود أول عراقية تدخل إلى كلية الحقوق وتتخرج منها وتصبح لاحقاً أول قاضية، سانحة أمين زكي أول طالبة مسلمة تدخل إلى كلية الطب العراقية، أختها لمعان أمين زكي أول طبيبة عراقية تختصّ في طب الاطفال، نازك الملائكة الشاعرة الرائدة، نزيهة الدليمي أول وزيرة عراقية وفي العالم العربي، فخرية عبد الكريم (زينب) وزميلتها ناهدة الرماح الرائدتان في مجال التمثيل، الرسامة نزيهة سليم، المعمارية زها حديد.
هذه مجرد أمثلة ، فثمة الكثير من النساء العراقيات المميزات إن على صعيد الريادة في مجالات اختصاصهنّ أو على صعيد التميّز في ميادين العمل والنشاط الاجتماعي والثقافي والعلمي المختلفة .. أول معلمة وأول ممرضة وأول عاملة وأول مهندسة وأول أستاذة جامعية وسواهنّ، يستحقّنّ التقدير أيضاً، ومن باب أولى أن تعمل أمانة بغداد في عهد أمينتها الأولى لتحقيق هذا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here