الجريمة واحدة الجزاءآت متعددة

الجريمة واحدة الجزاءآت متعددة
عندما حوكم ( صدام حسين ) الرئيس العراقي السابق بأعتباره المسؤول الأول في الدولة في تلك الجلسات الشهيرة من المحاكمة العلنية و التي اعقبها صدور حكم الأعدام الذي نفذ فيما بعد بحقه و من ضمن التهم الموجهة و التي استحق عليها تلك العقوبة القصوى كان في تعريض الوحدة الوطنية للخطر و تقطيع اوصال البلاد من خلال انتهاج سياسة قومية عنصرية و تقسيم الوطن بين خطي عرض جغرافي و كذلك ( حظي ) عدد من كبار ضباط الجيش العراقي بأحكام عقابية قاسية بتهم عديدة منها التقيد الدقيق في تنفيذ الأوامر هذا في العلن اما في الخفاء فهي عقوبات ايرانية طالت اغلب الضباط الذين شاركوا في الحرب العراقية الأيرانية بما في ذلك اغتيال الطيارين العراقيين و المتهم بها فصيل عسكري عراقي عميل لأيران .
سقطت محافظة نينوى و عدة مدن في محافظات أخرى و احتل بضع مئات من مقاتلي ( داعش ) اكثر من ثلث مساحة العراق و انسحب الالاف من الجنود يتقدمهم ( الضباط الكبار ) تاركين اسلحتهم و معداتهم الحربية الثقيلة هدية ثمينة و سخية و غير متوقعة يستولي عليها ( داعش ) غنائم حرب لم تحدث اصلآ و كما كان من المفروض و الحال متشابهة ان يطبق القياس نفسه و ان يحال المسؤول الأول في الدولة حينها الى المحاكمة مع ( ضباطه ) الذين اصدروا اوامر الأنسحاب و التقهقر امام نفر قليل من ( داعش ) لا بل هم قد انسحبوا و تركوا مواقعهم قبل جنودهم و فروا هاربين .
ان ضباط الجيوش المرموقة هم الأكثر التزامآ بالقوانين العسكرية و الأكثر انضباطآ و اقدامآ و تكون الشجاعة الصفة الملازمة لأولئك الضباط الذين يتقدمون جنودهم في ساحات الحرب و ميادين القتال حفاظآ على الروح المعنوية للجندي الذي يرى قائده امامه مندفعآ بكل بسالة بأتجاه الأعداء و تشحذ الهمم من ذلك الأقدام و العزيمة في نفوس الجند و يدفعهم للقتال و الأندفاع و عندما كانت الهزيمة النكراء تحل بالجيش و تثلم كرامته و تنال من كبريائه كان الضباط و ليس الجنود ( الا ما ندر ) من يطلق الرصاصة الأخيرة على رأسه اتقاءآ للخزي و العار المكلل بالهزيمة التي لحقت بالجيش او الكتيبة التي هي بقيادة ذلك الضابط .
كان المعتاد من القادة الحقيقيين للبلدان التي يحكموها و عندما تتعرض تلك الدولة الى كوارث و أزمات مثل الأحتلال الأجنبي او الهزيمة العسكرية سرعان ما يضع ذلك القائد السياسي نفسه تحت تصرف القضاء و العدالة و على الأقل ان يقدم استقالته من منصبه مع الأعتذار و ان لم يكن هو المسؤول المباشر عن تلك الهزيمة او الأزمة لكنه يتحمل تلك النتائج السلبية بأعتباره المسؤول الأول في الدولة و هو الذي في قمة السلم الوظيفي للحكومة .
بعد حرب تحرير الكويت و تلك الهزيمة النكراء التي حلت بالجيش العراقي و على الرغم من الكارثة الرهيبة التي اطبقت على الجيش و الشعب الا ان الرئيس وقتها اعتبر تلك الهزيمة الشنيعة ( انتصارآ ) و بالتالي فهو غير مضطر للأستقالة او حتى الأعتذار عن تلك السياسات الحمقاء و التي ادت الى هذا الأنهيار المريع الذي شمل مفاصل الدولة كلها و استمر على هذا النهج الخاطئ ذاته ما جعل تلك النهاية الكئيبة مصير حكمه و تلك القضبان الحديدية و ذلك الحبل المفتول الذي التف حول عنقه .
حتى سقطت اجزاء مهمة من البلاد و اصبحت تحت سيطرة شرذمة من المجرمين و القتلة و قطاع الطرق حتى باتت العاصمة مهددة هي الأخرى بالأجتياح و الأحتلال امام الزحف الأرهابي القادم و هكذا عجز رئيس الوزراء السابق و هو المسؤول الأول في الدولة وقتها عن التصدي له و ايقافه لسؤ في التقدير و قصور في الرؤيا و التدبير و الأعتماد على مجموعة من ( الضباط الدمج ) الذين لا يفقهون من العسكرية شيئآ و ليس لهم في الوطنية نصيب .
الأول حوكم و عوقب و أعدم و ما زال العديد من ضباط الجيش في السجون و المعتقلات اما الثاني فما زال حرآ طليقآ و نائب رئيس الجمهورية و كذلك هم ( ضباطه الدمج ) المهزومين احرارآ ينعمون بالرواتب و الرتب الأول جاء بالأحتلال اما الثاني فقد جاء به الأحتلال .
حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here