هل ستعود العافية الاقتصادية الى مناطق العراق الغربية؟

أبناء المنطقة الغربية خسروا الكثير بعد التغيير. زعمائهم من رجال الدين , شيوخ عشائر , وبعض من ساستهم اوهموهم بان التغيير , وهو سنة الحياة وسر البقاء, جاء ليقضي على حقوقهم وعلى قيادتهم ولا يمكن التعايش مع الظرف الجديد في العراق الا بالثورة ورفع السلاح , حتى وان كانت هذه الثورة نار وقودها و حطبها دول على الضد من تطلع العراقيين , وسلاحها هو التطرف والكراهية والقتل على الهوية. لقد جرت في المناطق الغربية حملة تطهير طائفية لم يحسب نتائجها , لتليها حرب طائفية طالت عامين ذهب ضحيتها الالاف من الأبرياء من جميع مكونات الشعب العراقي , وبعدها خرجت علينا التظاهرات والاعتصامات والتي ثبت من كان يمولها ويرعاها , وأصبحت حاضنة للعصابات الإرهابية والتي سهلت دخول تنظيم داعش الى الموصل ومنها الى معظم مدن العراق الغربية. لقد تبين ان داعش لم يدخل المنطقة الغربية من اجل حياة افضل , بل بالعكس , داعش استعمل كل وسائل البطش مع ابناءها وسلط اشراره على شرفاء اهل المنطقة.
أربع عشر عام من الاضطرابات السياسية والأمنية في المنطقة الغربية خلف الفقر والجهل والموت. العمليات الإرهابية في المنطقة لم تسمح للحكومة انشاء جسر جديد , او شارع يربط بين مدينتين يقلل من عناء السفر لأهل المنطقة , او مستشفى يعالج مرضاهم , او مدرسة تحفظ أولادهم من الشارع وتنتشلهم من الجهل والامية . العمليات الإرهابية افقرت المواطن من اهل الغربية , حيث اضطر الكثير منهم ترك أعمالهم ومدنهم , وفقد الكثير منهم وظائفهم واعمالهم , بينما صادر داعش مواشي ومزارع اهل المنطقة من وقف ضده. وفي عمليات التحرير اضطر مئات الالاف منهم النزوح والعيش في الخيام ينتظرون عطف المحسنين والجمعيات الخيرية. بنفس الوقت أمسى عشرات الالاف من أبناء المنطقة الغربية والذين ناصروا ودافعوا عن داعش ما بين سجين ومقتول ومغيب وهارب. باختصار , ان الجهل والأمية سوف تنتعش في المنطقة الغربية بسبب عدم استطاعة ابناءها الالتحاق بالمدارس والمعاهد العلمية وسيتخلف أبنائها عن اقرانهم من مناطق العراق الأخرى من ناحية التعليم و اقتناص فرص العمل.
كل الماسي والمعانات التي وقعت على أهلنا في المنطقة الغربية كان سببها ساستهم ورؤساء عشائرهم ورجال الدين من مناطقهم ويجب القصاص منهم. لقد كذب هؤلاء على أبناء جلدتهم من ان اهل الغربية اصبحوا مهمشين بعد التغيير ولكن الحقيقة هي ان وظائف مدنية وعسكرية وسياسية مهمة مازالت بيد أبنائها , وكذبوا عليهم عندما ادعوا ان العراق اصبح حديقة يتنزه فيها زعماء ايران , والحقيقة ان ايران لديها ما يكفيها من حدائق غناءة. وكذبوا على مكونهم بان العراق اصبح نظام صفوي وجيشه كسروي والحقيقة ان قادة العراق الجدد هم أبناء أولئك الذين سماهم الخليفة عمر بن الخطاب ” جمجمة العرب” والذين حموا العربية من الهجمة الفارسية والتركية , وان الجيش العراقي الذي كان وما يزال يقاد بقيادات عربية اصيلة من شمر و طي و الجنابات والدليم واسد وسعد وخفاجة والعبيد . وكذبوا على مكونهم من ان العراق قد خرج من “الحضيرة العربية” , واذا بالحضيرة العربية انقلبت الى حضيرة ذئاب ينهش احدهم الاخر . واخافوهم من ان التشيع سيزحف الى مدنهم ودورهم وستخرج في شوارع تكريت والفلوجة والموصل والرمادي مواكب العزاء الحسيني , واذا يتفاجىء أبناء المنطقة الغربية ان من جاء من اهل الوسط والجنوب لتخليصهم من اجرام داعش ما هم الا اخوان ومناصرين لهم في محنتهم مع داعش.

يجب على أبناء المنطقة الغربية التخلص من قادتهم الذين ورطوهم بحمل السلاح ورفض التغيير. يجب التخلص من قادتهم الذين تركوهم يعيشون تحت الخيام , فقراء , وتعبين , واختاروا هم العيش في فنادق خمسة نجوم في أربيل وعمان وإسطنبول . يجب عليهم رفع دعوى قضائية ضدهم في المحاكم العراقية والدولية لتسببهم بالدمار الذي أصاب الحجر والبشر في العراق عامة والمنطقة الغربية على وجه الخصوص. انها غصة وحزن وقهر ان يظهر رافع العيساوي او رعد السليمان او طارق الهاشمي او ظافر العاني او على حاتم السليمان او عبد الملك السعدي او اثيل النجيفي بأزيائهم الانيقة والغالية الثمن على شاشات التلفاز وأبناء المنطقة الغربية يعيشون تحت الخيام حرقت وجوههم اشعة شمس العراق الحارقة. لقد خان قادة المنطقة الغربية أبنائها , وما مصير الخائنين الا السجن او الموت . هذه الدماء التي سالت والارواح التي ازهقت والاعراض التي هتكت والأموال التي اهدرت كلها في اعناقهم , ويجب ملاحقتهم قانونيا حتى لو هربوا الى القمر او المريخ. لا يمكن السكوت عن جرائمهم , لان السكوت هو الظلم بعينه . هناك حرائر من اهل الغربية تطالب بالقصاص من قتل اولادهن وازواجهن.
لقد خسر أبناء المنطقة الغربية معركة واحدة , ولكن ينتظرهم الف انتصار . اهل المنطقة الغربية لا يقبلون بالظلم ومعروفون بشهامتهم وحبهم للخير وللحياة. لقد كان الدمار في مناطقهم كبير , ولكن بهمة رجالها وتكاتفهم مع المكونات العراقية الشريفة الأخرى ستعود الفلوجة الى عزها و شموخها , وستعود تكريت الى هيبتها وكبريائها , وستعود الموصل الى شموخها و عزتها , وستعود دلال قهوة اهل الرمادي مصفوفة على المواقد تنتظر خطارها و زائريها.
سيجد اهل الغربية اخوان واحباء لهم من اهل النجف وكربلاء , من الديوانية وميسان , ومن البصرة والسماوة والكوت . في مدينة الثورة والشعلة والكاظمية , وفي مدينة الشطرة والزبير والعزيزية . نعم لقد خسر اهل الغربية الكثير , ولكن تحرروا أيضا من الاغلال التي كبلتهم بها زعاماتهم الخائنة والمأجورة.
المناطق الغربية ستعود احسن واحلى واجمل , لان هذا هو منطق التاريخ . عندما يلقي اهل المنطقة الغربية قادتهم الخونة والطائفيين في المزابل والسجون , سوف لن يبقى امام المارد الا البناء للحاضر والمستقبل . انهي كلامي هذا بقصة ” ذهب مع الريح” والتي تصف فجائع واهوال الحرب الاهلية الامريكية , حرب الشمال والجنوب . بطلة القصة كان اسمها سكارلت وهي من بنات الاقطاع الذي كان يعم الجنوب الأمريكي. الحرب جعل من سكارلت ان تخسر كل شيء تملكه , قصر العائلة الفخم , أملاك العائلة , عز ومجد العائلة , شهرة العائلة , مكانة العائلة الاجتماعية والسياسية , حفلات العائلة الأسبوعية , ابنتها الوحيدة , وأخيرا زوجها الذي هجرها ورحل الى الشمال . هذه السيدة وصل بها الحال ان لا تجد ثوب تلبسه , فقطعت ستائر غرفتها لتكون ثوبا لها . الجنوب خسر كل شيء , الا إصراره على البقاء وحبه للحياة . هذه المرأة (التي تمثل الجنوب) لم تستسلم للخسارة و فراق الاحبة والاعزاء او التخلف , وانما امتطت فرسها متوجهة نحو الشمال مع كلمات خالدة سوف تذكر على مر التاريخ وهي تقول ” غدا سيكون يوما اخر”.
محمد رضا عباس

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here