الاستفتاء ورقة بيد الجبهتين الداخليتين

عماد علي
منذ اقدام السيد مسعود البارزاني على عملية الاستفتاء و تغيرت المعادلات الداخلية و لُفتت الانظار نحو هذه العملية بعيدا عن الكثير من الامور الضرورية التي كان من الاولى الاهتمام بها قبل هذه المفاجئة و ان كان الاستقلال من اولى الاولويات لشعب كوردستان عبر تاريخه ، و فعل القرار فعلته التي لا يمكن ان نعتقد بانها ستؤدي الى نهاية مرضية للجميع باي حال كان .
ما نريد ان نقصر الكلام عنه هو بروز جبهتين مضادتين من حيث الهدف، وهو تاييد الاستفتاء او رفضه و المنتمين للجانبين لهم اراء مختلفة و لكل منهم دوافع متعددة الا ان اكثرية الرافضين ينتمون للمعارضة مع اخرين من المحسوبين على المستقلين ظاهرا و دون ان نسمع عن ولو راي واحد فقط من ضمن هذه الجهة مؤيدا لاجراء عملية الاستفتاء و كذلك عدم ادلاء اي منتمي الى صاحب المقترح باي راي مخالف او مطالب لتاجيل العملية، هذا امر عجيب في عالم الديموقراطية و الحرية و تعدد الاراء و الرؤى، و هذا ان دل على شيء فهو يدل على مدى ثبوت الراعي و الرعية ان لم نقل القطيع عند شعبنا و احزابنا .
انقسم الشعب المنتمي بشكل عام الى الجهات و ان لم ينتموا تنظيما اليهم و نادرا ما نرى مستقلا بمعنى الكلمة من حيث المواقف و الخلفية و التوجه و العمل . و عليه لم نلمس من لم يدل برايه في هذا الموضوع الحساس المصيري، و اصبحت التوجهات وفق المناطقية و المعاقل الحزبية التي فرضتها الظروف الموضوعية لما فيه المناطق من حيث التاريخ و المجتمع و الثقافة عبر الزمن .
فالجبهتين المضادتين من حيث نظرتهم الى عملية الاستفتاء، ينظقون بما تمليه عليهم انتماءاتهم و مصالحهم و خلفيتهم المختلفة الشكل و اللون و البائن كلون واحد ظاهرا، اي من ينتمي او يميل الى حركة التغيير يرفض الاستفتاء جملة و تفصيلا, لانها عملية و ان تم الشعب ككل الا انها طرحت من قبل الند او المناويء لها و لهدف لا يمكن ان تصدقه هذه الحركة على انها لصالح الشعب الكوردستاني . و على الاكثر انها و بنسبة كبيرة على حق لان الاقتراح طرح في غفلة من الزمن و في لحظة و من قبل شخص و حزب منغمس في المشاكل و الازمات التي صنعها بديها محاولا انقاذ النفس و القفز على المشاكل بهذه الطريقة كهدف رئيسي له, وكما نعتقد نحن و من ثم يمكن ان يحقق الهدف الاسمى وهو الاستقلال بهذه الطريقة الغريبة و من دون اية ارضية مطلوبة . و في المقابل و الجانب الشيء من قبل حركة التغيير و من حولها لا يعلنون عن البديل المناسب الافضل غير طلبهم بتاجيل العملية و هم يعلمون بان التاجيل يعني الالغاء و من ثم مرور العقود دون اجراءها نتيجة الظروف غير المؤآتية للشعب الكوردستاني و لم نحصل على فرصة اخرى و كم من فرص هدرت دون تحقيق الهدف الاسمى، و هذا افضح من فشل العملية .
اما الديموقراطي و رئيسه البارزاني يريد ان يلتف حول المستحقات القانونية و يجانب الكثير من الامور الضرورية المطلوبة قبل هذه العملية و يهدف بشكل رئيسي ان ينقذ ذاته من الاخطاء الكبيرة المتكررة التي ارتكبها هو و حزبه دون عقاب سياسي, و يهدف بهذه الخطوة ان يضرب عدة عصافير بحجر واحد و احدها وهو الاهم لديه ان يكون في المقدمة و هو المتنفذ دائما و ان اهدر اكبر الفرص لخلاص الامة الكوردية من هذه الحال . اي ان يبقى على راس السلطة و ان يتحايل على تداول السلطة بشكله الديموقراطي و بحجج اكثرها واهية و بعيدة عن الديموقراطية الحقيقية . و عينه على المجد و الفخر الحزبي و الشخصي دائما و اكثر من تحرير الامة الكوردية و مستقبله مهما ادعى غير ذلك و كما تدلنا عليه فترة حكمه و تكتيكاته من اجل البقاء على حساب القانون و الديموقراطية و تداول السلطة .
اما الاتحاد الوطني و الاحزاب الاخرى الذين يريدون ان يبقوا بعيدين عن اية جبهة لاسباب حزبية ايضا و كاولوية و من ثم ما يمكنهم من ان يبقوا في الوسط لتقارب وجهات النظر و اختيار الاصح في النهاية، اضافة الى الكثير من العقد الذي يحملونها هم ايضا مع ما تتداخل مع هذه المهمة من المشاكل الدخلية التي يحملونها و ربما قد تعيق الطريق امامهم اضافة الى تعنت الاخرين في افعالهم و توجهاتهم و استنادهم على الاتكيتات السياسية الحزبية البعيدة عن المصالح العليا للشعب، ان لم نتكلم عن العقدة الانتخابية التي يحملها الاتحاد الوطني منذ انشقاق حركة التغيير عنه .
من المؤسف اننا نسمع يوميا اراءا متناقضة من مختلف الجهات و كل له حجته معتبرا نفسه على الطريق الصواب، و الاكثر اسفا ان نرى الكثير من المثقفين المحسوبين على الجبهتين يتبجحون باراءهم و ان كانوا على الخطا و توزعوا على الجبهتين و لم نر مستقلا بمعنى الكلمة يطرح رايه حول هذا الموضوع المهم و الحساس و المصيري بموضوعية . هذا في الوقت الذي نفتقر الى مؤسسة مستقلة للبحث و التطرق في الموضوع ونحن نعيش في ظل تحزب المؤسسات المهمة كالقضاء و الجامعات و مراكز البحوث الضعيفة و هي المنقسمة على الجهات السياسية ايضا، عدا ما نراه من المواقف الدولية المناوئة للعملية في ظل انعدام موقف دولي مخلص و بعيد عن المصلحة و داعم للعملية. اي اننا نعيش في اصعب مرحلة و في مفترق طرق خطير لابد ان يُردس جيدا قبل اية خطوة، و لكن يجب ان نحسب بان التراجع عن العملية سوف يؤدي الى ما يمكن ان يصل لحد الكارثة المعنوية و فقدان الامل، و هذا له افرازاته السلبية اكثر من اجراء العملية و بدقة في اتخاذ الخطوات المطلوبة مهما كانت النتائج فيها . و لكل منا حججه و اسبابه في بيان الراي الاصوب لديه، و لكننا نحن من بين القليلين ممن يدلون بارائهم بصراحة و استقلالية و لكوننا مستقلين روحا و انتماءا و امام اعيننا المصلحة العامة و لا يمكن ان يدخل اي مؤثر حزبي في تفكيرنا، و عليه يمكن ان يتخذ ما هو الاصوب من اراء و مواقف امثالنا غير المنتمين حزبيا و بعيدونين عن اية مصلحة ولو قليلة جدا و هم ندّر في كوردستان, و مع ذلك نحن نعلم من انعكف عن كل شيء و له الراي و الموقف الاصوب في هذا الجانب و لكن المتنفذين لم يلتفتوا الى عمل اي كان ان لم يكن لمصلحتهم الشخصية و الحزبية الضيقة، و هذا ما ابتلينا بهم و لم ننتظر الخير منهم الا قليلا .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here