إصْباحٌ ومصْباحٌ!!

إصْباحٌ ومصْباحٌ!!

في مدينتنا كان الصباح معطرا بعبق لا إله إلا الله…”

فالمآذن تصدح عند الفجر بالآذان والمدائح النبوية والتراتيل الشجية , فيستيقظ الناس وقد إرتشفوا طاقات روحانية وقدرات إيمانية , تمنحهم الهدوء والسكينة , والشعور بالأمان والسلام.

وكانت الأطيار تتناجى وتصدح بترانيمها العذبة وهي تتهادى على ضفاف الأنهار , والنوارس تتمواج مع إيقاع الرياح وتهادي المياه التي تطعمها بنعيمها الوفير.

وتسدل الأسحار جدائل نورها على أكتاف الساعين في دروب الحياة , وتغذيهم بشهد الألفة والمحبة , وتذكّرهم بمهدهم الإنساني وإنتمائهم الإيماني وكونهم الرحماني.

وتنبلج في أعماقهم أضواء الإبتداءات , وترتفع رايات النهايات , وتستيقظ الخطوات لتجد مكانها المتناغم مع زمانها العفيف , المحلى بأطياب السلوك اللطيف , الذي يعزز الألفة ويجعل الإيمان حرفة.

الصبح يتنفس في مدينتنا ويستحضر الضياء فتبسط الشمس أشعتها العسلية لتعطر وجه النهار وتمنح البسمة العذبة للصباح المشعشع بالأحلام والأمنيات والتطلعات المشرقة , كالشمس المتضاحكة فوق الأشهاد.

ويرتعد النيام , وتسري في عروقهم طاقات الكينونة وإرادات الصيرورة الجديدة التي تحدوهم لمشوار مكلل بالعطاء الجزيل , والتفاعل الأصيل , والأمل الجميل.

وتبدو المدينة وكأنها زهرة تفتحت , وبثت عطرها , وجذبت الناظرين إليها , ليأنسوا بضوعها وبهائها وحسن مقامها وفيض وجودها الرقراق الدفاق المُعيل.

وينبثق المكنون ويورق ويتألق , بعد أن إرتوى من سلاّف لا إله إلا الله..” , عنوان الوحدانية , وكنه الرحمانية , وايقونة الإنسانية وجوهرها الذي يدعونا للسعي الخالص نحو بارئنا , وواهبنا نعمة الحياة والقدرة على الجد والإجتهاد , والتحليق في مدارات الوعي والإدراك الكوني الخلاق.

لا إله إلا الله…” نداء كوني يتردد في دنيا الأحياء , وتبثه المآذن , وتترنم بصداه الموجودات , وتختزنه الأحياء طاقة عُظمى لإنجازات كبرى , تترجم رسالة البقاء الجارية بقدراتها الإيمانية لبناء صرح كينونتها , وشواهد مرورها وإمتدادات وعيها , ومسارات سعيها , وهي تتناجى بأبجديات الصلاح والفلاح , لتنطق الكلمة الطيبة الهادية العاصمة من مفردات الخبيث.

لا إله إلا الله…” أول ما نطق بها البشر , وسار على هديها الرسل والأنبياء وتنزلت من محرابها الرسالات , فهي جوهر المبتدأ والمنتهى ومعدن التنامي في مدارات إنتشر!!

لا إله إلا الله…” عنوان وجودنا , وبرهان السعادة البشرية , فأين نحن من سحرها وقيمومتها السرمد؟!!

دصادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here