ديدن الاعتدال

حسين وسام

في السياسة ربما لا تجد مبدأ الاعتدال والوسطية لدى الجميع، وهذا ما جعل عامة الناس يكرهون السياسة، معتقدين ان السياسة هي فن الكذب، والنفاق، والدجل، وفي بحثي في شبكة الانترنت وجد بعض التعريفات عن السياسة، منها “أكبر غلطة في التاريخ، عندما إنفصلت علوم السياسة عن علم الاخلاق” و”وعد السياسي اسهل من تنفيذه”، وغيرها من التعريفات التي بَينت للناس ان السياسة طريق الكذب والغدر والخيانة.

ربما هم على حق، فمن كان محباً للجاه او المنصب سيفعل المستحيل من اجله، ولكن من كان همه الشعب والامة، سيكون تعريف السياسة مختلفاً، وسنتكلم عن هذا النوع الذي نحن بحاجة اليه الان.

ربما يتفق الجميع، ان من افضل الشخصيات السياسية، التي مرت على البشرية، هو محمد ابن عبد الله (صلى الله عليه واله وسلم)، حيث جعل سياسته، الحب، والتسامح، والرحمة، حيث قال “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر”، وها هو يصف الشعب بالجسد الواحد، ويحثهم على ان يكونوا كذلك، وقال “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.

خير مثال نذكره عن حكم الاعتدال، لدى النبي محمد (صلى الله عليه واله)، هي قصة “نصارى نجران”، وبعد كل الذي حدث، لم يأمر النبي بقتلهم او تعذيبهم، او حتى توبيخهم، بل قابلهم بالكلام الحسن، والاستماع للراي الاخر، ودعاهم للمباهلة، واليهود لم يقاتلهم حتى خانوا العهد والميثاق، فكان جار النبي يهودياً وهو الذي زاره في مرضه بعد ان عانى الرسول منه.

استمرت مسيرة الاعتدال، حتى وصلت للقائد السياسي علي ابن ابي طالب (عليه السلام)، والذي كان ينظر للجميع سواسية، فقال عندما راى نصرانياً هرماً يتكفف، فقال امير المؤومنين (استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه، أنفقوا عليه من بيت المال)، اما قمة الاعتدال السياسي، كانت في وصاياه لمالك الاشتر، فقال (وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق ، وأعمها في العدل ،وأجمعها لرضا الرعية، فإنّ سخط العامّة يجحف برضا الخاصّة، وإنّ سخط الخاصّة يغتفر مع رضا العامّة). وقال (فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح ، فاملك هواك ، وشح بنفسك عمّا لا يحل لك ، فإنّ الشح بالنفس الإنصاف منها فيما أحبت أو كرهت . وأشعر قلبك الرحمة للرعية ، والمحبّة لهم ، واللطف بهم ، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم ، فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك في الدين ، أو نظير لك في الخلق ، يفرط منهم الزلل ، وتعرض لهم العلل ، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه ، فإنّك فوقهم ، ووالي الأمر عليك فوقك ، والله فوق من ولاك، وقد استكفاك أمرهم ، وابتلاك بهم).

اما في هذا الوقت فأين نجد الاعتدال السياسي؟، فالجميع يرى السياسي ثعباناً، والسياسة باب من ابواب جهنم، والعراقيون خير مثال على ذلك، فهم اعرف الناس بالسياسة والسياسيين بعد عاشوا، في ازمنة الظلم والدكتاتورية، وحتى بعد سقوط هذه الانظمة، لم يجدوا سياسياً، يحكمهم بحكم الامام علي(عليه السلام) المعتدل، حتى قالوا ( كلهم حرامية)، لكن لغة التعميم خاطئة احياناً، فالمرجعية الرشيدة كان خطابها معتدلاً دوماً، ولا يحض على الكراهية، والتفرقة، والطائفية، فنجد المرجعية هي من قالت ( انفسنا السنة)، وفتوى الجهاد الكفائي، كان لرد الشر عن العراق والعراقيين، بغض النظر عن القومية والطائفة.

اما ديدن الاعتدال فنجده عند (ال الحكيم)، فكان السيد محسن الحكيم (قدس الله سره) معروفاً بمواقف الاعتدال، والوسطية، حين حرم قتال الكرد، لانهم جزء مهم من هذا البلد، ورأينا الاعتدال عند شهيد المحراب، وعزيز العراق (رحمهم الله)، فكانوا يحثون الناس بأن يكونوا يداً واحدة، وكلمة واحدة، اما اليوم فصوت الاعتدال السياسي، هو سماحة السيد عمار الحكيم( دام عزه) ، ويشهد على ذلك الجميع، فهو مع العراقيين جميعاً، السني، والشيعي والمسيحي، والكردي، واصبح ( تيار الحكمة الوطني) هو تيار الاعتدال والوسطية، حيث يؤمن ان العراق للجميع، والجميع يجب ان تبني هذا الوطن، واقربكم الى قلب العراق اكثركم اعتدالاً.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here