من یستحق تسمیة الجحش فی كوردستان اليوم

عماد علي
لكل مرحلة مرت على كوردستان خصوصيتها و سماتها و مميزاتها وفق الاحداث التي اثرت عليها، و من بين تلك الاحداث و المعادلات السياسية الجتماعية بقت لدينا جملة من الامور و من بينها التعاريف و الامثلة و العبر، و اصبح لكل منها طعم المرحلة و معنى خاص بها . ان كان الجحش من بطن الحمار و صغيره كما هو حال جميع الحيوانات الاخرى، الا ان الوصف اصبح له معنى و جوهر اخر في كوردستان، فله خصوصية في دلالة الكلمة في كوردستان بحيث يمكن بمرور الزمن ان تنقرض المعنى الاصلي للكلمة لغويا و يتحول الى دلالة اخرى، اي اصبحت الكلمة من بين الاخريات التي كلما تُذكر لا يفكر او يصوره العقل الكورديبجانب معناه الاصلي ان يفكر و يعتقد المعني هؤلاء الذين كانوا يوما خدما للمحتل و متعاونين مع الظالمين، و هكذا سارت العملية و اصبحت قاعدة بحيث لكل مرحلة شكل و طبيعة مثل هؤلاء الذين دخلوا خانة هذه الكلمة سياسيا .
نحن في مرحلة لا نريد ان نتكلم عن من يناويء ابسط حقوق المواطن الكوردي في كوردستان من القومية السائدة او الدول التي تحتل كوردستان، و انما نريد ان نتكلم بشكل مقتضب عن هؤلاء الناسالذين ينتمون الى دائرة الجحوض في المعنى و السيرة فقط من بين الجمع الخير للشعب الكوردي الذي يشكل الاكثرية المطلقة، و ليس هؤلاء الا شواذ و منحرفين بطرق شتى .
بغض النظر عن من يكون وراء تحقيق الاهداف الوطنية السامية التي هي في مصلحة الشعب و مستقبله، فان من ينحدر عنه او يلتف حوله او يعاديه يدخل الاطار العام للذين ينظر اليهم عموم الشعب كجحش وفق سياقه التاريخي من حيث المعنى الذي يثبت نفسه بانه من يتعاون مع الاخر المحتل الغداربثمن بخس .
كنا في مرحلة فصلت القياسات على هؤلاء وفق ما بدرت منهم او اقترفوا من الجرائم و تعاونوا عسكريا مع العدو، فمن كان عمله ان يقف دائما ضد طموح الشعب و من يدافع عن الاخر بكل قوته و امكانياته و ثقله سُموا بالحجوش الثقيلة، اما اخيرا و اثناء الحرب العراقية الايرانية استحدث صنف اخر ممن هربوا و سجلوا اسماءهم في هذا الصنف من الذين سمتهم الحكومة بالفرسان قديما، و هؤلاء انظموا الى افواج اسسها السلطة من الهاربين من الحرب العراقية الايرانية و خوفا من الموت و ليس ضدا بقيم و واهداف الشعب الكوردي فسُموا من قبل الشعب الكوردي بالجحوش الخفيفة، لكونهم اقل تاثيرا سلبا على الاهداف العامة النبيلة، و هكذا كانت الطموح المادية من اكثر المؤثرات و الاغراءات لهؤلاء و رؤساء الافواج و السرايا بشكل خاص .
اما اليوم و بعد التحرير و الخلاص من ظلم الاخر بشكل ما، فنجد ان الجحوش تبرز بشكل اخر بعيدا عن المهمات العسكرية التي كلفت بها من قبل و في المراحل السابقة، فاليوم ما يمكن ان يطلق الجحش على من يواكب مع من يقف ضد احلام الشعب الكوردي في الاستقلال و التحرر النهائي او من يصطف او ينسق سياسيا سواء من السياسيين او البرلمانيين او الوزراء او المواقع الحكومية مع المركز في مواقفهم المضادة لتحرير الامة . و الاخطر في الامر ان مراكز تخرج هؤلاء الجحوش لم تعد المركز فقط و انما تتدخل المخابرات و مراكز القوى الاقليمية و العالمية لتسجيل مثل هذه الارهاط من الجحوش سواء بتمويلهم او حثهم او دفعهم الى الوقوف الى جانبهم في تحقيق مهامهم الخبيثة مهما كانوا ضد احلام و امنيات الامة الكوردية، و انهم على اشكال و اصناف؛ منهم من السياسيين اصحاب المراكز او اصحاب الثروات و المستفيدين من الوضع الراهن و التغييرات التي حصلت بعد سقوط الدكتاتورية، و منهم من باعوا كل ما يملكون في سبيل خدمة الاخر من اقلامهم و عقولهم و لهذا و ذاك حجج اكثرها واهية . و الاهم في التسمية ان كان اي شخص او طرف يدخل ما يفعله بالضد من تحقيق اهداف الكورد المصيرية، فانهم جحوش من الدرجة الاولى وفق التسمية السياسية لا التصنيفية البايولوجية . و اليوم اننا امام مهام كبيرة و هي تحقيق الحلم الاكبر وهو الاستقلال و في ظرف يمكن ان نعتبره مجازفة و مغامرة سياسية كبيرة، والاصعب في الامر ان من يقف وراءه ليس بالنموذجي و غير مقبول الى حد ما من قبل الشعب، و ان اقدم على هذا لاسباب حزبية شخصية في غير محلها و ليس الهدف بذاته، الا انه لا يمكن ان ينحرف اي مواطن كوردي من مسار الهدف اي كان وراءه، و من هذا التوجه يمكن ان يصنف من يقف ضد تحقيق الاهداف المصيرية الكوردية السامية بالمتعاون مع العدو و ان يدرج في صنف الجحوش و بدرجات و حسب افعالهم فمنهم الثقيلة و منهم الخفيفة مهما تحججوا .
الا انه في جانب اخر فهناك من له الحجج السياسية و التوجه المخلص النابع من ايمانه بالقضية الكوردية وممن يعتقد بان الوقت غير ملائم او لا يثق بمن وراء العملية او يعتقد بان الفشل مصير العملية، فانه لا يمكن ان لا يُقال عنهم الا كل الخير و لهم حقهم السياسي الديموقراطي في بيان ارائهم و مواقفهم و اعتقاداتهم حول الموضوع الاهم في هذه المرحلة للكورد فقط . و مع ذلك فان هناك من اتعبه ضنك العيش و الازمات الاقتصادية و السياسية المؤثرة على حياته و اخذ يسلك كل طريق مناويء لاي كان له صلة بالسلطة و ما يخرج منها، و ثقل العيش اجبرته على التفكير برد فعل لما هو فيه بشكل خاص و ان كان الموضوع يهم العام و يفيده في النهاية، فله كل الاحترام و التقدير و انه يستحق تحسين معيشته . الا اننا ما نلاحظه، ان من يقف ضد هذه العملية هم من ميسوري الحال و من المستفيدين من هذه السلطة و يريدون بعملهم الشعبوي ان يركبوا موج المعارضة العامة للسلطة و فسادها و فشلها من اجل اهداف خاصة، فهؤلاء من اثقل الجحوش في هذه المرحلة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here