الحشد للداخل … وليس للخارج

ماجد زيدان

الحشد الشعبي يأخذ حيزاً ليس بالقليل في النقاش الدائر بين القوى السياسية، بل يتعداه الى المواطنين الذين يعبرون باشكال مختلفة عن مواقفهم.

يشيد الجميع بما قدمه من تضحيات في جبهات القتال ضد الارهاب والدفاع عن البلاد، ولكن بعضهم يشكل عليه دوره في ما بعد تحرير وتطهير البلاد من التطرف والارهاب، وهذا الاشكال قائم في معسكره ايضاً، اذ ترى بعض اطرافه ضرورة دمجه مع القوات المسلحة الوطنية وعدم تجزئة الجيش الوطني عملياً، ويشيرون الى انه يتعذر تحقيق الانضباط والخضوع الى الآليات والاجراءات العسكرية المتعارف عليها والصارمة.

طبعاً الكل في انتظار القانون الخاص به لتنظيمه ومعرفة كيفية علاقته مع بقية القطاعات، والالتزام بآمرية القائد العام في كل شؤونه، التي هي اليوم موضع خلل وتضارب بين قياداته الميدانية من جهة والقائد العام من جهة اخرى، وقد برزت الى العلن في اكثر من جانب وتناقضت الاقوال والافعال.

وكان آخرها في الحادثة التي وقعت على الحدود العراقية واختلاف الروايات، كما شدد رئيس الوزراء على عد كل المجموعات والعناصر التي تقاتل خارج العراق هي ليست من الحشد الشعبي وما يترتب على ذلك من تداعيات على صعيد الحقوق الجهادية الفردية والجماعية.

والاهم من ذلك ان هذا التحديد لمن يكون في الحشد او خارجه يستند الى الدستور واعلان حالة الحرب ومسؤولية الجهات التنفيذية عن اعلانها وتحريم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار وغيرها.

هذه نقطة خلاف ليست هينة ولا يمكن حلها بناء على توصيات او تمنيات او رغبات، وهي مرشحة الى ان تكون مشكلة صراع وصدام.

الواقع يقول انه لا يمكن تجزئة مشروعية جهة حشدية ما في ان تكون قواتها داخل البلاد شرعيه وتتمتع بالحصانة والخضوع الى التسلسل الهرمي المتبع في الجيش العراقي، وبين قوى تنطلق بنشاطها الى خارج الحدود من الاراضي العراقية في مخالفة صريحة للدستور ولقوانين القوات المسلحة الوطنية والحكومة، القتال خارج الاراضي العراقية مسألة سياسية بامتياز يقررها البرلمان وليس الحكومة، لانعرف كيف يتم التمييز بين هؤلاء المجاهدين من الناحية العملية، فهم اعضاء في هذا التشكيل او ذاك الذين يمارسون نشاطهم لا سباب دينية وسياسية ومذهبية على غير الاراضي السيادية العراقية، واذا كان اليوم موجوداً في العراق، فانه غداً سيكون في المكان الذي يختاره التنظيم الذي ينتسب اليه لاداء مهامه.

هذه المسألة شائكة، وان كان الاحتكام في حلها هو الدستور، وهي يعكس بشكل من الاشكال ضعف الحكومة التي لا تستطيع الاشراف والتحكم بالسلاح ما لم يكن حصراً في معسكراتها.

ان الاسراع في حسم المسألة القانونية بشأن الحشد الشعبي سواء بتشريع قانونه الخاص الذي يكون جزءاً من القوات المسلحة وبروابط وثيقة والتخلي عن ارتباطاته السابقة في المنشأ التنظيمي والسياسي أمر في غاية الاهمية، كما ان ترك الحرية لفصائله ولعناصر فيه للانظام الى القوات المسلحة والالتزام بكل ما يصدر عنها وينظم حياتها اليومية وطريقة عملها امراً ضرورياً لاذابة الفصل الواقع الان سواء كان معنوياً ام مادياً.

ان الهدف هو بناء قوات مسلحة موجودة تحت أمرة واحدة. من دون تمييز، وليس جيوشاً متعددة في القوانين الناظمة لعملها ومهامها وولاداتها.

لا يمكن القول بوجود حكومة ام دولة ديمقراطية ومدنية وتقرر عنها المسائل السيادية مجموعة مسلحة قد تورطها وتزجها في مهالك تدمرها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here