شناشيل : المطلوب لوقف هذه الظاهرة الخطيرة

عدنان حسين

[email protected]

كان مخموراً، وادّعى انتسابه إلى أحد فصائل الحشد الشعبي .. هذا ما قالته قيادة شرطة محافظة ذي قار في خصوص الشخص الذي هدّد بتفجير قنبلة يدوية في مستشفى الحسين التعليمي بمدينة الناصرية مساء الاثنين الماضي، ما لم يُسمح بزيارة والده الراقد في المستشفى.
سواء كان هذا الشخص مخموراً بالفعل أو لم يكن (اعتدنا على إلصاق تهمة تناول الخمور أو تعاطي المخدرات أو المعاناة من وضع نفسي أو عصبي مَرَضي لتفسيىر سلوك غير طبيعي)، فإن العنصر الأهم في الحادث هو أن ظاهرة الاعتداء على المؤسسات الصحية والاطباء وسواهم من الكوادر الصحية، يرتفع منسوبها بهذا الحادث إلى مستوى خطير للغاية هو التهديد باستخدام القنابل، ولو لم تنجح القوات الأمنية بالقبض على هذا الشخص في اللحظة المناسبة لكان قد نفّذ تهديده وتسبّب في كارثة حقيقية كانت ستترتّب عليها تداعيات خطيرة على صعيد النظام الصحي شبه المنهار في الأساس.
حوادث اقتحام المؤسسات الصحية عنوة والهجوم المسلّح على الكوادر الطبية والصحية، صارت ظاهرة، لأنها تجري على نحو متواتر شهرياً أو أسبوعياً، بل يومياً في بعض الأحيان. وفي حوادث عدة قُتل بالرصاص أطباء وممرضون، وجُرح آخرون، وفي حوادث أخرى جرى تهديد الأطباء وسواهم بالفصل العشائري.
في تاريخ العراق الحديث، بعهديه الملكي والجمهوري، لم تحصل حوادث من هذا النوع، فالمؤسسات الصحية كانت لها حرمة يراعيها الجميع، وكان للاطباء والكوادر الصحية موقع مميز في نفوس الناس. حتى في عهد نظام صدام، وهو الذي نعدّه الأسوأ في تاريخنا، لم يشهد العراق ظاهرة كهذه. ومن أسوأ نتائج التجاوز على حرمة المؤسسات الصحية ومكانة الاطباء الاجتماعية أن البلاد خسرت أفضل أطبائها الذين قُتل الكثير منهم وأضطر الآخرون إلى الفرار خارج البلاد.
هذا “المخمور” المدّعي انتسابه لأحد فصائل الحشد الشعبي ما كان يمكنه القيام بعمل كهذا لو لم تتكرّر الاعتداءات من هذا النوع عشرا ت المرات، بل مئات المرات، في مختلف مناطق البلاد من دون قيام الدولة وأجهزتها بواجب الردع الحازم والحاسم، وما كان له أن يجازف بالاقدام على فعلته لو لم يكن يعرف أن عدداً غير قليل من منتسبي البعض من الفصائل المسلحة (التي التحقت لاحقاً بالحشد الشعبي) وغيرهم، كان على الدوام يتصرّف على هواه من دون ضوابط .
قبل أربع سنوات شرّع مجلس النواب قانوناً لحماية الأطباء تضمّن سلسلة عقوبات على مرتكبي الاعتداءات على الاطباء، بيد أن القانون لم يفلح في الحدّ من هذه الظاهرة. والآن يوجد أمام المجلس مشروع لتعديل القانون لجهة تشديد العقوبات وشمول ذوي المهن الصحية بأحكامه. العبرة ليست في القانون، ففي الماضي لم يكن هناك قانون خاص بحماية الاطباء. الشيء الأساس أن تكون هناك إرادة حقيقية لتطبيق هذا القانون أو قانون العقوبات، والوقوف بحزم في وجه كل المتجاوزين، حتى لو كانوا من فصائل الحشد الشعبي أو من الشرطة أو الجيش وسائر الأجهزة الأمنية أو من عناصر الأحزاب الحاكمة أو من منتسبي الرئاسات وسواها من دوائر الدولة العليا.
( بعد الانتهاء من كتابة هذا العمود، أفادت الأخبار بتعرض عيادة لطب الأسنان في مدينة الناصرية ذاتها لهجوم مسلح قاده موظف حكومي، والسبب تصريح للطبيبة صاحبة العيادة حول التجاوزات على أملاك البلدية لم يُعجب الموظف .. البلدي)!!!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here