الشعب الكردي ضحية اخلاصه للامة الاسلامية

محمدواني
لم يكن دور الاكراد في التاريخ الاسلامي هامشيا ابدا ، بل كان دورا رائدا ومؤثرا في نشر مفاهيمه الحضارية الى العالم ، فلولا جهودهم المتواصلة واخلاصهم المنقطع النظير للدين الحنيف لما وصل الاسلام الى ما وصل اليه من رفعة مكانة وشأن عظيم بين الامم قديما وحديثا .. فكانوا بحق “رأس حربة” الاسلام ـــ على حد قول الكاتب المصري الدكتورفهمي الشناوي ــ في معظم فتراته ..
لم يصادف ان ظهر من بينهم احد يشق عصا الطاعة على الخلفاء واولياء امورالمسلمين ويثور عليهم او يدعو الى افكار وفلسفات دخيلة تناقض مباديءالاسلام ، ولم تظهر في بلدانهم فرق وجماعات خارجة عن الاسلام تدعو الى البدع والضلالة كما ظهرت في بلدان اسلامية اخرى ، والتي ما زالت الامة تدفع ثمنها وتكتوي بنارها لحد اليوم ..
فبرز منهم قادة فكر وسياسة عظام ساهموا بشكل مباشر في التقدم الحضاري و الثقافي الذي شهدته الامة عبر تاريخها الطويل ، واول ما يتبادر الى الاذهان و يبرز امامنا بقوة كلما تذكرنا دور الاكراد الحضاري في الاسلام هو القائد العظيم “صلاح الدين الايوبي” الذي اظهر براعة سياسية عالية في قيادة الامة الاسلامية ، ولم تكن عظمة صلاح الدين ( 1138ـــ 1193) تكمن في كونه قد حرر القدس من براثن الصليبيين ، واستطاع ــ بذلك ــ ان يؤخر الدورة الاستعمارية “الغربية” عن العالم الاسلامي لمدة تزيد عن سبعمائة سنة (كان من المفروض بحسب التحليل العسكرية والدراسات الاستراتيجية ان يتم احتلال البلدان الاسلامية من قبل القوات الاوروبية الصليبية المتحالفة في زمن صلاح الدين الايوبي لو قدر لها الانتصار على جيش المسلمين وليس في مستهل القرن العشرين عام1916 بعد سقوط الخلافة العثمانية وتوزيع تركتها على الحلفاء ) ، بل استطاع ان يحقق انجازا عظيما اخر ، ربما لاتقل اهميته عن تحرير القدس والانتصار على الصليبين ، وهو انه استطاع ان يتصدى للدولة الفاطمية الباطنية الاسماعيلية التي كانت تنشر ثقافة التشيع في مصر وشمال افريقيا وتشكل استفزازا مستمرا للخلافة الاسلامية في بغداد وينشيء على انقاضها دولته “الايوبية” التي استمرت لفترة تقارب من مئة عام 1174 ـــ 1342 واصل الاكراد دفاعهم عن حياض الاسلام والتصدي للبدع واهلها كلما اقتضت الضرورة ..
ولم تقتصر جهود الاكراد على الجوانب العسكرية فقط بل امتدت الى الجوانب الثقافية و الفقهية ايضا ، فكان لهم دور ريادي في مجال تجديد الفكر الاسلامي واحياء واستنهاض معالمه الحضارية ومن ابرز فرسان هذا الميدان بلا منازع الامام المجدد “ابن تيمية الحراني” ( 1263 ــ1328) رائد الاسلام السياسي المعاصر و الاب الروحي لكثير من الحركات والاحزاب والعقائد الاسلامية المعاصرة ، دخل كصاحبه صلاح الدين في حرب ضروس لاهوادة فيها مع اصحاب البدع والاهواء والفرق الضالة و انتصر عليهم واستطاع ان يظهرالوجه الحقيقي للاسلام بعد ان كاد يختفي تحت ركام من البدع الضالة والافكار الدخيلة ..
فهل عرفت اليوم لماذا ظل الاكراد بدون وطن لحد الان ومنقسمون وفق اتفاقية “سايكس بيكو” الغربية الاستعمارية على ثلاث بلدان اقليمية لها خلفية عدائية تاريخية معهم ، ولماذا فرضت الحكومة الطائفية في بغداد عليهم حصارا جائرا لامثيل لقسوته ووحشيته على مدار تاريخ المنطقة؟! ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here