باي باي … عبد الحسين عبدالرضا

فراس الغضبان الحمداني

وأخيرا وقع سيف العرب على أرض لندن وسط ضجة كبيرة و مدوية .. التي قال لها يوما باي باي لندن لكنها غلبته وقالت له باي باي عبد الحسين عبد الرضا .. انه فنان الكويت والعرب ، صاحب الشفاه الباسمة التي كانت تتحرك وفقا لحركاته وهمساته على المسرح وعلى شاشة التلفاز طوال عقود من البهجة بين الأمل والألم .

بعد خروج صدام من الكويت وعودة الحياة نجح في اضحاك الشعب العراقي قبل الكويتي في سخرية لا توصف وهو ينتقد سلوكا سياسيا لنظام خرق كل القوانين وهاجم الكويت صبيحة يوم أسود دفع العرب ثمنه نزفا ودما وهجرة وعذابات وموت ومعارضات وحروب وحصارات وكان العراقيون ضحيته الناطقة الصارخة التي ضحكت وهي تتلوى من ألم الحصار والعزلة عن العالم والرضوخ لسلطة طاغوت أرعن لايملك غير آلة الموت والقتل والترهيب .

في درب الزلك والحيالة ومسلسلات أخرى وأوبريتات كبساط الفقر مع سعاد عبدالله وفي مسرحيات عديدة كان عبد الحسين عبد الرضا خفيف الظل ويصنع الضحك لكنه لم يكن يتقافز مثل قرد كما يفعل غيره من مهرجي مسارح العرب بل هو المتسيد للمسرح بلباس عربي أنيق وقوام فارع ومعان يبعثها للمتلق دون أن يتكلف فكأنه يعيش مع المشاهد في مكان وجوده ولا يكلفه بذل جهد كبير.

مات عبد الحسين عبد الرضا وترك فراغا لاداع لأن يحاول أحد ملئه فنوعية هذا الفنان لاتتكرر ولا يمكن تقليدها وهو مدرسة فنية تستحق الدراسة وقد جعل المسرح والدراما في الكويت في المقدمة وهيأ ظروفا موضوعية لدوام العبقرية الفنية المبدعة في هذا البلد الصغير.

عبد الحسين عبد الرضا مات وهو في القمة لكن مرضه ومشيئة الله كانا في القمة فغلبت قمة القدر قمة الابداع وصارت الحياة بعيدة عن قلب الرجل الفنان الذي أحزن العراقيين وأبكاهم لأنه بقي في ذاكرتهم حين سخر بعلانية من حاكم ظلمهم وتجبر عليهم وقتل روح الأمل فيهم ولم يستهدف التقليل من شأنهم لكنه رسم صورة مؤلمة لواقعهم ألمر والحزين في تسعينيات القرن الماضي وحفزهم لأنتظار أمل جاءهم متاخرا وصادما في ظروف قاسية بعد 2003 حيث تغيرت الأمور وتسارعت الاحداث وأكتشف العراقيون انهم ضحايا مستمرون .

وداعا يارجل السخرية الناجحة والهادفة والرائعة..سنحزن عليك لفترة طويلة.. تأكد من ذلك .

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here