“العراق مقبرة للعالمية”

للكاتب: سعد السلطاني
المُصاب جلل، بالأمس ودعنا جنرال إليكترك الأمريكية، وقبلها ودعنا سيمينز الآلمانية، واليوم نودع هيل إنترناشيونال الأمريكية، بعد أن فشلت أكبر ثلاث شركات عالمية على وجه الكرة الأرضية، أن تصنع إنجازاً في العراق، بعد نزاع طويل مع الإبداع والنجاح العالمي، الذي دفنتهُ في أرض العراق، وذهبت تمتطي الفشل.
الطريف إن بعض القنوات الإعلامية العراقية، تُروج لفشل هذه الشركات بنكتة أقرب للطرفة منها للجد، ولا عجب في ذلك، هُم يُراهنون على غباء وبلادة وجهل قاعدتهم الجماهرية، تارة صوروها شركات وهمية، وفاسدة تارةً أُخرى، فهل يعلمون إن ميزانية هذه الشركات، تُعادل ميزانية ثلاث أو أربع دول مُجتمعة؟ وهل يعلمون إن بصمة هذه الشركات مُسجلة في أغلب دول العالم، بإنجازات إبداعية خالدة؟ وهل يعلمون إن نظام إدارة هذه الشركات وسياساتها، قادر على إدارة دول مُتقدمة كاملة بجميع مفاصلها؟ تثقفوا قليلاً يرحمكم الله، يا قنوات صناعة وتدريس الجهل بطُرق علمية ورصينة، جعلتم منا إضحوكة لا سامحكم الله.
الجهل والفساد، يؤثر تأثيراً شديداً على دعامات وأسس الدولة، ويهبط بالمستوى الأخلاقيّ للفرد، وسقوط الواقع الخدمي في العراق، لا يختلف كثيراً عن طريقة سقوط الواقعين الإقتصادي والأمني، القاتل واحد والنتيجة واحدة، إختلاف سلاح الجريمة لن يهب المقتول روحاً جديدة، الجهل والفساد الآفة التي أهلكتنا و وطننا، ولا شك إنها إحدى مُنجزات المُحاصصة، فإما أن تفرض علينا جاهلاً وإما فاسداً إلا مارحم ربي، ولو قُدر أن يُمثل الجهل والفساد بعلاقة رياضية، سنجد المُنحني يتجه نحو الإسفل وعلى خط واحد، صانعاً مع المحور المُقابل إنحرافاً يُسمى الباطل.
يعترينا الشعور والرغبة برؤية نموذج الدولة الناجحة يتحقق أمامنا، لأنه حُلم اليقظة والأمل الحقيقى، رغم كل الويلات والمحن، مازلت أومن بهذا الوطن، وبأحلام كبيرة ترتكز على الثروة الشبابية، التي لا تُقدر بثمن في هذا الوطن الفتي، بشبابه الواعي العاشق للتقدم والحداثة، المُتيم بحب وطنه، المُسلح بإرادة الفكر والعزيمة والروح، فالعمل والإنجاز لا يتحققان بالتمنيات بل بإرادة تصنع المُعجزات، متى تُصدرون الشباب لقيادة هذا الوطن؟.
قصص الفشل المُتكررة في الواقع الخدمي تحديداً، ألا تدفعكم لإعادة النظر في حساباتكم، سيما وإن الفشل هذه المرة طال ثلاثة شركات، كان لها دور كبير في إعمار العالم وليس العراق فقط، ألا تعتقدون معي إن لهذا الفشل مصدرين لا ثالث لهما، إما المُتصدي في موقع تقييم العمل لا يملك الكفاءة، هندسياً أو قانونياً أو إدارياً، قابع في منصبه غير مُستعد للتنازل عنه حتى يموت، لا يملك من شهادته إلا صحة صدورها، لم يواكب التطور السريع في العلوم، فكره يدور في فلك مناهج درسها في ستينيات القرن الماضي، وإما فاسد ساهم في وجوده من لا يملك الكفاءة والمهارة القيادية على التشخيص الصحيح والإختيار السليم، الى متى تسري بعض تشريعات وقوانين مجلس قيادة الثورة المُنحل، في آليات العمل الإدارية والقانونية، ومنها قوانين إدارة المشاريع وإبرام العقود؟!.
التغيير وتجديد الدماء بقيادة شابة، قادرة على القيادة والعطاء وتسليمهم المناصب، أصبح ضرورة حتمية، الهدف من التغيير ليس الإستمرارية بالآلية ذاتها، إنما تغيير ذلك كله إلى ما هو أفضل وعلى كافة المستويات، فعندما يمس التغيير رأس الهرم فهذا يعني، أن كل من هو في ذلك الهرم قابل للتغيير، سواء كانت المواقع أو الأشخاص أو حتى الأفكار، فالثورة التكنولوجية الكبيرة تُلازمنا وتُحيط بنا من كل جانب، كما ولم تعد أمراً كمالياً أو نوعاً من التحضر بل ضرورة حتمية، وعدم تجديد الدماء والتغيير لمواكبة هذا الانفتاح، يعني الذوبان والانقراض والتقهقر، والتحديات التي سنواجهها لا قِبل لمُجتمعنا بها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here