صبيحة داوود .. أول محامية وقاضية عراقية وعربية

ولدت صبيحة الشيخ داوود في بغداد سنة 1915م ووالدها الشيخ أحمد الشيخ داود، والأب والجد من علماء بغداد وأعلامها، ومن مشاهير أساتذة علوم الدين، وكانت لهما مشاركتهما في الحركة الوطنية العراقية.ساهمت في مهرجان سوق عكاظ، الذي عقد في 24 شباط 1922 برعاية الملك فيصل الأول، بدور الخنساء راكبة جملاً مخترقة الجموع، ناشدة ما كانت تنشده الخنساء في سوق عكاظ، فكان هذا الحدث مثيراً في حد ذاته آنذاك، ومدهشاً في وسط مجتمع مشبع بالتقاليد والعادات البالية.نالت الجوائز السنوية المخصصة للطلبة الاوائل في كل مراحل الدراسة لنبوغها، وخصوصاً الجوائز السنوية التي خصصها الملك فيصل الاول للمتفوقين الذين ينالون الدرجة الاولى في الامتحانات النهائية.تخرجت من كلية الحقوق العراقية وهي اول محامية عراقية تزاول المحاماة، انتسبت الى نقابة المحامين سنة 1956م، وهي أيضاً اول قاضية لا في العراق فقط بل في الوطن العربي.شاركت في مختلف نشاطات المجتمع العراقي، فهي اول خطيبة من نساء العراق تشارك في تأبين الشاعر الزهاوي سنة 1937م، واول محاضرة ألقت عن ملامح النهضة النسوية في العراق، وأول من دعت إلى تخصيص يوم للمرأة العراقية سنوياً للاحتفاء بدورها والدعوة إلى نهوضها.*تركت صبيحة الشيخ داود اثراً واحداً هو (أول الطريق) وهو كتاب في السيرة الذاتية، تناول مختلف جوانب حياتها، فضلاً عن تطور الحركة النسوية في العراق، ومشاركتها في مختلف تلك الأنشطة الاجتماعية، حيث تعد اول ناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة، وقد قامت بجولة عربية اتصلت فيها بالشهيرات من عضوات النهضة النسوية العربية.صبيحة الشيخ داوود أول محامية عراقية في عام 1936 قررت الأستاذة صبيحة دخول كلية الحقوق آذ أنها المرأة الأولى التي انتسبت إلى تلك الكلية.. لقد كانت معاناتها في بداية تجربتها كبيرة إذ كانت ترتدي العباءة وتضع البرقع الأسود (البوشية) على وجهها.. وكم وجدت صورا كاريكاتيرية لها رسمها احد زملائها وهي ترتدي العباءة وقد كتبت تحت الصور (محامية بالعباءة). ولم تهتم لهذه الأمور كلها بل نجحت في الحصول على التعليم العالي وانتصرت في المعركة الشرسة بين الحجاب والسفور. في عام 1940 تخرجت في كلية الحقوق. فحازت على لقب (الحقوقية العراقية الأولى). بعدها انتمت إلى نقابة المحامين وفي حينها كانت المرأة الأولى والوحيدة التي حملت هوية النقابة. ثم عملت مفتشا في وزارة المعارف.. بعد عملها مارست مهنة المحاماة ثم بدأت بكتابة المقالات ونشرها بالصحف وصمدت إمام التيارات التي حاولت منعها من ممارسة حريتها. وانضم إلى صوت صبيحة أصوات مفكرين هزت أعمالهم مظلمة المرأة. فوقفوا إلى جانبها حرصا على ان يضموا أصواتهم إلى صوتها نذكر منهم الرصافي والزهاوي والجواهري ورفائيل بطي وعبد المجيد لطفي إضافة لجعفر الخليلي. ومن الأشخاص الذين حظيت برعايتهم لها الأستاذ منير القاضي عميد الكلية وقتذاك فكان لتلك الرعاية أثرها الايجابي في حياة صبيحة. وشد أزرها لمواصلة المسيرة. في تلك الفترة بدأت بالسفر إلى بلاد العرب داعية إلى اتحاد المرأة وتفعيل دورها ونشاطها في إنشاء المنظمات والجمعيات. وبعدها أقامت في بيتها مجلسين احدهما يرتاده أطباء ومفكرون وعلماء في القانون واللغة. حتى أن احد المؤرخين وصف مجلسها ذاك بأنه يضاهي مجلس شعراوي او صالون مي زيادة.. أما المجلس الثاني فكان مكرسا للآداب والمثقفين ومن رواده روفائيل بطي وجعفر الخليلي. أما عن حياتها الاجتماعية والخاصة فقد شاء القدر إن لا تتزوج فقد وهبت نفسها للنهضة النسوية العراقية التي أتت ثمارها ونتائجها في نشر الوعي الثقافي والاجتماعي بين النساء العراقيات في ذلك الوقت. ثم اتجهت الى كتابة البحوث والمقالات التي تخص حرية الفكر والأدب والقانون ونشرها في الصحف والإذاعة مع إلقاء المحاضرات في نفس هذا المجال في العديد من الكليات.. وفي آذار عام 1958 أصدرت كتابها الموسوم (أول الطريق) الذي تناول تطور المرأة العراقية منذ ثورة العشرين الخالدة آذ أشاد بكتابها هذا العديد من المفكرين والأدباء والمثقفين في ذلك الوقت نذكر منهم الأستاذ الكبير منير القاضي وزير المعارف السابق .. ورئيس المجمع العلمي وقتها .. الذي تناول في كتابها اول الطريق المقدمة التي أثنى فيها على الإعمال التي أنجزت من قبل طالبته الأستاذة صبيحة الشيخ داود.. فقد كتب في مقالته (وقد دفعني إلى كتابة هذه المقدمة قيام الصلة الوثيقة بيننا، صلة أستاذ مخلص مع تلميذة نجيبة وفية ، فقد قضيت في تدريسها مع زملائها أربع سنوات في كلية الحقوق، وهي الفتاة الوحيدة بين نحو ألف طالب يحترمونها وتقدر أدبهم وحسن سيرهم معها على وجه المساواة . وقد عملت الأستاذة صبيحة عضوا في هيئة تحكيم الرأي لدى محكمة الإحداث عام 1958 وكرست حياتها لسنوات طويلة بنشر الوعي الثقافي والقانوني من خلال تفعيل دور المرأة العراقية وإظهار نشاطها في شتى مجالات الحياة . فقد شاركت في مختلف الجمعيات الخيرية كالهلال الأحمر وجمعية الأم والطفل والاتحاد النسائي . وساهمت من خلال سفرها الكثير الى بلدان العالم بنشر المقالات التي تخص حرية وفكر وثقافة المرأة العراقية .. في عام 1975 رحلت الأستاذة صبيحة الشيخ داود تاركة وراءها ثورة عارمة من الفكر والثقافة . آذ أن النهضة النسوية الثقافية التي فتحت بابها في الدراسة العالية قد أتت ثمارها النافعة وامتد مفعولها إلى سائر مدن العراق .. وان المرأة كانت تستمد من الصعاب والمشكلات التي تحيق بنهضتها عزيمة فذة وتصميما قاطعا واندفاعا في النضال.

المشرق

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here