مسبحة وعقل

زينب الغزي

أفرط خريزات مسبحتك أيها العابد، دعها تتدحرج بعيدا في السهول الطينية الخصبة علها تنبت نخيلا شامخا يساقط رطبا، أتبعها وهي تتسارع تارة، وتبطئ أخرى، بين أخاديد السنين التي حفرت وجه الأرض، ستوصلك لنهر الفرات الذي تعكر صفوه منذ عطش أول فارس بالقرب منه ولم يرويه، أخلع نعليك وأغتسل بماء الفرات، توضأ لكن ليس لأقامة فرض أيها العابد، بل لبناء وطن لايمس ترابه إلا المطهرون.

وحدة الصف أصبحت فرض واجب لايمكن إسقاطه بأي عذر، وقداس يوم الأحد الكل مدعو لحضوره، لن ترضى عنك حمامات المراقد وهي تراك ترمي الفتات للغربان السود، ولن يسامحك الأولاد الصغار وهم يرونك تغتصب ساحات لعبهم المحددة ببقايا الطابوق، بمصفحات وصبات كونكريتية.

كل يوم يمر تضيع منك فرصة في النجاة، وكل ساعة تفكر فيها لنفسك فقط، تسبب في خسارتك من حولك مستقبلا، إن لم يكن هناك مايؤلمك اليوم، فلن تجد غدا من يخلصك من ألمك
ولو لساعه، إجمع شتات أفكارك، لترى أن التكاتف سبيلك للعبور، والوسطية خير الأمور في كل مقام ومقال، كن شفافا ليعبر الضوء من خلالك، فتنير طريق إخوانك بالدين ونظرائك بالخلق، فتصبح قائدا يحتذى به في أكبر وأعظم مؤوسسة ألا وهي المجتمع.

لايحتاج أن تكون مثقفا أو صاحب شهادة عليا أو دنيا لتتميز الخبيث من الطيب، وبنفس الحال ستحتاج عقلك وحدسك فقط لتعرف إلى من ستلجأ في الساحة السياسية، ستحتاج إلى أن تقارن الخطابات الداعية للم الشمل وتلك المنادية بتمزيق اللحمة الوطنية، وأيهم لديه وجهة أو مشروع وطني جدي، وبما إنك قد شبعت حتى إستفرغت من وعود زائفة وكلام لايؤتي أكله، ستدفعك غريزتك البشرية الداعية للبقاء للأصلح وليس للاقوى، إلى أتباع الفريق المنادي بالتسوية الوطنية والعيش بسلام في ظل مشروع وحدوي ديمقراطي عابر للطائفية والمحاصصة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here