شاكر فريد حسن
لم تختلف المرأة المصمصية عن غيرها من النساء العربيات والفلسطينيات في سعيها الى تطوير مجتمعها ورفع مكانة المرأة في المجتمع ، الذي لا يزال يتعامل معها من خلال نظرة تقليدية وذكورية سلبية .
وهناك عدد من السيدات اللواتي اغتنمن الفرصة لترك بصماتهن في التاريخ عبر الانخراط في العمل الاهلي الاجتماعي ، من هؤلاء السيدات الاخت احلام عبد الحفيظ اغبارية ، احد الرموز النسوية الطليعية الفاعلة على الساحة المحلية ، التي لم ترض ان تكون خارج معادلة الكفاح في مواجهة القهر والظلم الاجتماعي ، وذلك انطلاقا من ايمانها بالمقولة ” ان المرأة التي تهز السرير بيسارها تهز العالم بيمينها ” .
احلام عبد الحفيظ من مواليد قرية مصمص ، انهت الدراسة الابتدائية والثانوية ، ولم تتمكن من مواصلة دراستها الجامعية ، نتيجة زواجها في جيل مبكر ، لكنها حققت حلمها متأخراً ، اذ انها انهت دراستها العليا ، ونالت اللقب الاول في علم الاجتماع من الجامعة المفتوحة ، وادارة اعمال من جامعة حيفا ، وتتعلم دورة فنون في جامعة حيفا للتحضير للقب الثاني في موضوع العلاج بالفن ، وكانت تثقفت على نفسها ، وتسلحت بالفكر التقدمي المتنور .
احلام عبد الحفيظ اغبارية ترى ان المرأة والرجل منذ وجد الكون وجدا ، وبوجودها بدأت الحياة تتحرك وتتطور والحضارة تتكون وتتشكل ، وطالما بقيا معاً فان الحياة تحافظ على توازنها وتستمر الحضارة في تقدمها وعطائها ، وهي تدرك جيداً دور المرأة ووقوفها الى جانب الرجل في مختلف مراحل الحياة ، وكونها ابنة هذا المجتمع ، وبرهافة حسها وبصيرتها النافذة ، احست بالخطر الداهم الذي يلف المجتمع ، وابت على نفسها الصمت والانزواء بين جدران المنزل وانتظار الآتي ، فانطلقت ترسم الابتسامة وتوزع الفرح وتبث الامل والتفاؤل في النفوس ، ورسم صورة المستقبل لابناء المجتمع وللشباب الصاعد من الجنسين ، فكانت من اوائل الللواتي انضممن للعمل التطوعي من خلال عضويتها في لجنة العمل التطوعي التي اسسها المرحوم الشاعر احمد حسين ، كذلك عملت كمدرسة للطفولة المبكرة في مؤسساتها ، وفي المكتبة العامة ثم انتمت لجمعية” رم ” التطوعية الاجتماعية ، التي اسسها وبادر الى اقامتها شقيقها الشاعر رشيد عبد اغبارية في قرية مصمص .
احلام عبد اغبارية ليست انسانة طليعية ورائدة في مجتمعها فحسب ، بل هي مثقفة ، تعشق القراءة والادب ، وقد غاصت عميقاً في خزائن التراث والادب ، وانصهرت في بوتقة الابداع ، وصاغت الظروف التي عاشتها منها شخصية انسانية واجتماعية متميزة ، ومثقفة تدرك دور المثقف الريادي في عملية التحول والتغيير النوعي للمجتمع .
احلام عبد الحفيظ اغبارية تجمع بين الفكر والممارسة ، وبين القول والفعل ، وتجيد البحث عن المعرفة والسباحة في عمق البحر المجتمعي العريض والواسع ، وفي البر تقيم اعمدة لها بين انقاض الكلمات .
احلام اغبارية تجسد صورة الانسانة الواعية الطليعية المسلحة بالثقافة ، التي تسهم في بناء وتوطيد النسيج المجتمعي ، وتعمل لاجل مستقبل مشرق وواعد لاجيال الغد ، من خلال تنظيم الفعاليات الثقافية والفنية والاجتماعية والرحلات وحفلات الاعياد السعيدة المباركة .
احلام اغبارية لا تختلف عن النساء الفلسطينات ، فهي تطمح لرؤية وطنها حراً مستقلاً، وعودة اسراب الطيور التي هاجرت الى الديار .
نثمن الدور الطليعي الذي تؤديه الأخت الفاضلة احلام عبد الحفيظ عبر جمعية ” رم ” التطوعية ، ومساهمتها في عملية التنمية والنهوض بالمجتمع المصمصاوي . ولا شك ان المرأة في الحياة الاجتماعية وانخراطها في العمل الاهلي يمكن تقييمه بأنه ايجابي من الدرجة الاولى ، فقد تقدمت اشواطاً وحققت ذاتها بالمشاركة في النشاطات التي تقوم بها الجمعية في احيان كثيرة مع النخب والاطر المختلفة في سبيل نشر وتعميق الوعي الجماعي والوعي السياسي وصيانة هويتنا الوطنية .
بوركت احلام اغبارية ، نشد على يديك ، عاطاك العافية ، ودمت فخراً وذخراً لبلدك ومجتمعك ووطنك ، وقدماً نحو المجتمع المدني الحضاري ، مجتمع التقدم والرخاء والعدالة والمساواة الاجتماعية
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط