الحكيم والصدر بين الاصلاح والترميم الداخلي

جعفر جخيور

مررنا نحن الـعراقيين بسجال طويل، دام قرابة اربعة عشر عام، دون ان يتمخض بنتائج ايجابية او على الاقل بعض ما كنا نصبوا اليه، حتى اصاب المجتمع العراقي الاحباط واليأس، ناهيك عن ازمة فقدان الثقة بين المواطن و السياسي “التنفيذي و التشريعي”، وهذا ما قد يصيب الحركة السياسية بالشلل التام، من خلال عزوف المواطن عن الذهاب للانتخابات القادمة، وقد يقف بالضد منها ويحاول ان يثبط كل النوايا الداعمة لها.

يتطلب الوضع العراقي بصورة عامة، حراك عام وشامل، يجري بخطين متوازين احدهما داخلي، والاخر خارجي، بعد تشخيص الاخطاء، و وضع اليد على مكامن الخلل، وايجاد السبل الكفيلة لمعالجتها.

ان العراق متأثر سلباً من العزلة الخارجية، وهي صنيعة السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة، والتدخل السلبي الذي لعبته بعض دول الجوار، بعد ان وجدت اذاناً صاغية، وقلوب ملبية، وايادي ترتفع بالترحيب لذلك، لتنفيذ هذه الاجندة الخارجية تحت مسميات طائفية ومذهبية، وذرائع وحجج واهية، سرعان ما ذهبت ادراج الرياح ما ان ظهرت عليها شمس الحقيقية.

يعاني العراق ايضا من تفكك النسيج المجتمعي، والتشضي بين افراد المجتمع، حتى بات الفرد يتحرك ضمن نطاق ضيق “وعي و مكان” بسبب الارهاصات التي عاشها في ضل حقبة مظلمة، مزقت أواصر حتى افراد البيت الواحد، ناهيك عن الجيران والاصدقاء وابناء المحلة الواحدة، وهذا هو الاشد خطورة على مستقبل البلاد والعباد.

يتطلب الوضع بجانبيه الداخلي والخارجي، تحركات فاعلة وجادة لـلملمة الوضع، واصلاح ما يمكن اصلاحه، و الوقوف على العلل الحقيقية وطرق علاجها، شريطة ان تكون تلك النوايا صادقة، ذات طابع وطني خالص، هدفها بالاساس اللحمة الوطنية بين العراقيين، ورفع الحيف، ونبذ كل الاصوات النشاز والطائفية، والعزف على وتر الوطنية وترك العمالة والتبعية.

يتجلى واضحا ً لمتتبع الشأن السياسي واخبار الشارع العراقي، التحركات الاخيرة للسيد عمار الحكيم والسيد مقتدى الصدر، فقد اخذ السيد الحكيم على عاتقه رص الصف الوطني، والدعوة لتوحد جميع ابناء الطيف العراقي وترك كل المسميات الجانبية والالتفاف حول مسمى واحد وهو العراق، وقد عبر عن ذلك بالدعوة لتشكيل كتلة عابرة للمكونات، تضم بين طياتها كل النسيج الوطني، فتكون هي عصب الحكومة القادمة، تمثل كل ابنائه، وحريصه كل الحرص على ان يأخذ كل ذي حقا ً حقه، ضمن خيمة كبيرة تضم الجميع، ألآ وهي الدستور العراقي، رافضا ً بذلك كل الاصوات الداعية للتقسيم والانفصال، مشددا ً على اللحمة العراقية الوطنية.

انتهج السيد الصدر ذات النهج اذ يعمل على عودة العراق للمحيط العربي والإقليمي، والعمل على مبادئ حسن الجوار، واحترام المصالح المشتركة، وفتح صفحة جديدة من العلاقات مع الجميع، وتعزيز التعاون في جميع المجالات كافة، فيما يخدم المصلحة الوطنية، خصوصا ً وان البلد قد خرج من حرب ضروس، يحتاج فيها تظافر كل الجهود الدولية في عملية البناء والاعمار، واخراج العراق من العزلة التي فيها.

نترقب بشغف ما ستفضي اليه تحركات الحكيم والصدر، املين وبشدة ان تتحقق كل النوايا العراقية الصادقة، معلقين بذلك امالنا عليها، خصوصا ً وان التحركات تصدر من اشخاص تملك ارث عريق ومشرف، وبيوت افنت حياتها في سبيل العراق والعراقيين.

هل سيحقق الحكيم والصدر ما يمنيان به النفس؟ هذا ما ستفرزه احداث الايام المقبلة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here