الطفولة المنتهكة في العراق!

محمد واني 

يعتبر العراق من أكثر بلدان العالم فسادا وأكثرها خطورة على حياة الإنسان بحسب التقارير السنوية التي تصدرها منظمة الشفافية الدولية، القتل على الهوية والخطف وانعدام النظام والقانون وانتشار ظاهرة المجاميع المسلحة خارج إطار القانون تمارس الجرائم بحق المواطنين، وقد اعترف رئيس الوزراء العراقي قبل فترة بوجود “100 ميليشيا خارج القانون وتحمل هويات الحشد الشعبي”.

وقد وجدت عصابات إجرامية دولية منظمة في العراق مكانا مثاليا لتمارس فيه أعمال الخطف والقتل، وشكلت هذه العصابات الدولية مع مجرمي الداخل شبكة “مافيا” قوية، استطاعت خلال فترة وجيزة من الحكم الحالي أن تتسلل إلى معظم منافذ الدولة الأساسية، وتمتد أذرعها الطويلة إلى معظم مرافق الدولة الأساسية وبخاصة الوزارات الأمنية؛ الداخلية والدفاع والأمن ومؤسسات الشرطة والأمن العام، ولها أنصار ومؤيدون داخل الميليشيات المسلحة والأحزاب المتنفذة.

وإذا كانت منظمات “المافيا” الإرهابية في العراق تقوم بعمليات تجارية تقليدية مشبوهة مثل خطف الناس وقتلهم مقابل المال أو شراء ذمم الموظفين الحكوميين الكبار أو إمداد الإرهاب الدولي في الداخل بالسلاح والعتاد لزعزعة الأوضاع الأمنية وكذلك سرقة السيارات ثم بيعها من أجل تمويل العمليات الإرهابية، فإنها استطاعت أن تطور من تجارتها لتشمل “بيع الأطفال”!

التجارة الجديدة أيضا التي أثارتها وسائل الإعلام العالمية تفوق في بشاعتها وفداحتها الأنواع الأخرى، لأنها تمس كائنا بريئا، لم يخض بعد غمار الحياة المعقدة، يتعامل مع الواقع بمنتهى الصدق والبراءة بعيدا عن الغش والخداع، وهم الأطفال، والطفل بحسب وثيقة حقوق الطفل الدولية هو ألا يتجاوز عمره الثامنة عشرة عاما، في حين ربط الإسلام سن الطفولة بـ”البلوغ”، وقد قدرت القوانين والشرائع الدولية هذه الفترة الزمنية من عمر الأطفال بعين الاعتبار، فاهتمت بها اهتماما بالغا، وأفردت لها قوانين خاصة تلائم المرحلة العمرية الحرجة، وبخاصة الدول الغربية المتقدمة التي أولت اهتماما كبيرا بهذه الشريحة الأساسية في المجتمع، فشرعت قوانين وتشريعات خاصة ترعى مصالحهم وتهتم بأمورهم، فالأولوية في المكاسب والامتيازات دائما لمصلحة الأطفال، باعتبارهم رجال الدولة، تقع عليهم أعباء مسؤولية المحافظة على البلاد في المستقبل، وخطف الأطفال أصبح ظاهرة مخيفة في بغداد العاصمة من قبل مجموعات منظمة وتجار الأعضاء البشرية وبيع الأطفال وتهريبهم خارج العراق بل كابوسا يؤرق العوائل البغدادية.

ففي تقرير أصدرته منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة (اليونيسيف) ذكر “أن 3.6 ملايين من أطفال العراق- أي طفل من كل 5 أطفال في البلاد- معرضون لمخاطر الموت والإصابة والعنف الجنسي والاختطاف والتجنيد القسري في صفوف المجموعات المسلحة”، ويقول التقرير “إن 1496 طفلا اختطفوا في العراق في الأشهر الـ36 الأخيرة، أي بمعدل 50 طفلا في الشهر الواحد، أجبر الكثيرون منهم على القتال أو تعرضوا للاعتداء الجنسي”، وخلص التقرير إلى “أن اختطاف الأطفال من بيوتهم ومدارسهم ومن الشوارع أصبح ظاهرة مخيفة.

هؤلاء الأطفال يجري انتزاعهم من أسرهم ويتعرضون لأبشع أشكال الاعتداء والاستغلال”. وبحسب “يونيسيف” فإن “حياة الأطفال معرضة للخطر. يقتل الأطفال، ويتعرّضون للإصابات، ويستخدمون دروعا بشرية ويشهدون عنفاً فظيعاً لا يجدر بإنسان أن يشهده”.

ومن بين هؤلاء من أجبر “على المشاركة في القتال والعنف”، وتوجد في بغداد وبعض المحافظات الجنوبية معسكرات لتدريب الأطفال على السلاح “ويقوم على التدريب شخصيات قاتلت في الحشد الشعبي وضباط سابقون وحاليون في الجيش العراقي”.

هذا هو العراق العظيم! الذي تستميت الدول الإقليمية وأميركا والدول الأوروبية من أجل المحافظة عليه كواحد موحد وتضغط على الأكراد للاندماج فيه!

* كاتب عراقي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here