هزّات أرضية غامضة توجه أصابع الاتهام لشركات النفط فـي ذي قار

 ذي قار / حسين العامل

يعتقد عدد غير قليل من الأهالي في الأحياء والمناطق السكنية القريبة من حقل الغراف النفطي الذي تديرهُ شركتا بتروناس الماليزية وجابكس اليابانية، أن تكرار الهزّات الأرضية في قضاء الرفاعي ونواحيه، يعود إلى طريقة حفر الآبار النفطية التي تستخدمها الشركة المنفذة لأعمال الحفريات في حقل الغراف النفطي والمتمثلة بشركة (ول باد جي)، وقد أسفر هذا الاعتقاد الذي تستبعده هيئة الأنواء الجوية عن انطلاق تظاهرات مطالبة بالتحقيق في أسباب تكرار تلك الهزّات، فيما قامت مجموعة مسلحة بإطلاق قذائف الـ (RBG7) باتجاه الشركة المنفذة لأعمال حفر الآبار النفطية بالحقل المذكور .

قلق شعبي ومخاوف متجددة
دائرة الأنواء الجوية في محافظة ذي قار، أعلنت يوم الجمعة الموافق 18 آب 2017، تسجيل هزّة أرضية في قضاء الرفاعي تزيد قوتها على 4 درجات على مقياس ريختر، وفيما أكدت أن الهزّة شعر بها الكثيرون في مناطق متفرقة من قضاء الرفاعي وقلعة سكر والنصر وعدد من المناطق الأخرى في شمال المحافظة، إلا أن عدداً من أهالي قضاء الرفاعي، تظاهروا بعد الهزّة الأرضية للمطالبة بتشكيل لجنة من الخبراء للتحقيق في أسباب تكرار الهزّات الأرضية في مناطق شمال الناصرية، وفيما اتهموا الشركات النفطية العاملة بحقل الغراف النفطي باستخدام طرق حفر غير تقليدية تتسبب بحدوث تلك الهزّات، استبعدت دائرة الأنواء الجوية أن يكون تزايد النشاط الزلزالي في المنطقة ناجماً عن أعمال حفر الآبار النفطية.
المواطن شاكر عواد، أحد المشاركين بتظاهرة قضاء الرفاعي المطالبة بالتحقيق بأسباب تكرار الهزّات الأرضية في المناطق المحيطة بحقل الغراف النفطي أكد لـ(المدى) أن الهزات الأرضية أخذت تتكرر بعد أن قامت الشركات النفطية بأعمال حفريات غير تقليدية في حقل الغراف النفطي الذي يقع في قضاء الرفاعي. متابعاً: أن الأهالي يطالبون بتظاهراتهم تشكيل لجنة من الخبراء والأكاديميين للتحقيق بسبب تكرار الهزّات الأرضية في مناطق شمال الناصرية ولاسيما قضاء الرفاعي.
من جانبه قال المواطن فاضل نسيم الزركاني (متظاهر): إن الهزّات الأرضية عادت مرة أخرى لترعب أهالي مدينة الرفاعي. مضيفاً: أن المدينة تعرضت مؤخراً، الى هزتين بلغت إحداهما 4.4 حسب مقياس ريختر، أسفرت عن بعض الخسائر المادية وتشقق جدران بعض الدور، وسط تساؤلات الأهالي عن غياب رد الفعل الحكومي. لافتاً الى أن التساؤلات والشكوك باتت تراود أهالي المدينة عن سبب هذه الهزّات وهل هي عمليات استخراج النفط في حقل الغراف النفطي؟. داعياً الحكومتين المحلية والمركزية، الى تفعيل عمل اللجان التي شكّلت من قبل مجلس الوزراء في وقت سابق أو تشكيل لجانٍ جديدة للوقوف على الأسباب الحقيقية وطمأنة المواطنين.

استبعاد تأثير الحفريات على الهزّات
من جانبه استبعد مدير دائرة الأنواء الجوية في ذي قار علي طارق، أن تكون الهزة الأرضية التي حدثت في قضاء الرفاعي مؤخراً ناجمة عن أعمال الحفر التي تقوم بها الشركات النفطية. وبيَّن طارق لـ(المدى) أن عمق الهزّة المسجّل يبلغ أكثر من (10) كم، في حين أن اعمق بئر نفطية في ذي قار لا يصل عمقها الى (3) كم، وهذا يجعلنا نستبعد أن تكون الهزّات الأرضية ناجمة عن أعمال الحفريات النفطية.
وأضاف طارق: أن الهزة الأرضية التي حدثت في قضاء الرفاعي لو كانت بفعل النشاط النفطي في حقل الغراف لما سجلتها خمسة مراصد عراقية، هي مراصد الرفاعي وبغداد والموصل وكركوك وبغداد، فضلاً عن المرصدين الإيراني والأوروبي. لافتاً الى أن لجنة الخبراء في الأنواء الجوية التي زارت القضاء في وقت سابق للوقوف على أسباب تكرار الهزّات الأرضية، توصلت الى أن المنطقة واقعة ضمن خط نشاط زلزالي وإن طبيعة تركيبة الطبقات الأرضية تتكون من صخور كلسية قابلة للتفتت والانهيار بفعل ارتفاع درجات الحرارة في اعماق الأرض .

صواريخ تستهدف الشركات
من جانبها أعلنت قيادة شرطة ذي قار يوم السبت 19 آب الجاري، عن استهداف إحدى شركات الحفر التابعة لشركة بتروناس النفطية العاملة في حقل الغراف النفطي في شمال ذي قار بصاروخ (RBG7) من دون خسائر بشرية، وذلك عقب يوم واحد من حدوث هزّة أرضية في قضاء الرفاعي يعتقد الأهالي أنها ناجمة من عمل الشركة المذكورة. وقال قائد شرطة ذي قار اللواء حسن الزيدي لـ(المدى) إنه في ساعة متأخرة من ليلة الجمعة 18 آب، تعرضت إحدى نقاط الحراسة لموقع شركة (ول بات جي) المتخصصة بحفر الآبار النفطية والتابعة لشركة بتروناس النفطية المستثمرة لحقل الغراف النفطي بقضاء الرفاعي، لإطلاق صاروخ نوع (RBG7) لم يتسبب بخسائر مادية أو بشرية .مضيفاً: في إثر ذلك قامت الأجهزة الأمنية باستنفار جميع عناصرها وبإسناد من الجهات الاستخبارية، حيث ضربت طوقاً أمنياً على محل الحادث وفتحت تحقيقاً موسعاً لمعرفة الجهة التي تقف وراء الحادث.
غير أن قيادة الشرطة عادت لتؤكد في اليوم التالي (19 آب 2017) اعتقال ثلاثة متهمين يشتبه بتورطهم بمهاجمة الشركة المذكورة، إذ ذكر بيان صادر عن القيادة تلقت (المدى) نسخة منه، أن الأجهزة الأمنية في ذي قار متمثلة بمديرية قسم شرطة الرفاعي ومكتب الاستخبارات في القضاء وفوج الطوارئ الرابع ومركز شرطة النفط، تمكنت بوقت قياسي وبأقل من 24 ساعة، من إلقاء القبض على ثلاثة من المشتبه بهم بعملية اطلاق صاروخ الـ(RBG7) على موقع شركة (ول باد جي) التابعة لشركة بتروناس المستثمرة لحقل الغراف النفطي غرب قضاء الرفاعي، مؤكدة نقل المتهمين لمركز احتجاز متخصص لإكمال التحقيق الأصولي معهم.
وكانت شركتا بتروناس الماليزية وجابكس اليابانية، فازتا بعقد تطوير حقل الغراف في محافظة ذي قار وجابكس اليابانية، ووقعتا في الـ19 من كانون الثاني 2010، عقداً مع وزارة النفط لتطوير الحقل المذكور يتضمن حفر 240 بئراً بحلول عام 2017، وهو ما يتيح رفع سقف الإنتاج النفطي من حقول الغراف ليبلغ 230 ألف برميل يومياً عام 2017، غير أن الشركة لم تبلغ سقف الإنتاج المتفق عليه حتى الآن، إذ يقدّر انتاجها الحالي بنحو 100 ألف برميل. دون أن يصدر توضيح من أيّ جهة عن سبب هذا الإخفاق.

الصواريخ توصل رسائل المتظاهرين
وسبق وأن تعرضت شركة بتروناس النفطية العاملة في حقل الغراف النفطي الى هجوم، حيث قام متظاهرون غاضبون بمهاجمة مقر الشركة في يوم الخميس (29 من تشرين الثاني 2012) وخرّبوا بعض الممتلكات العائدة للشركة واعتدوا على عاملين فيها على خلفية احتفالية خاصة أقامتها مجموعة من العاملين الأجانب في الشركة بالتزامن مع ذكرى عاشوراء. إزاء ذلك حذّر مراقبون في محافظة ذي قار، من الانعكاسات السلبية للاعتداء على مقر شركة نفطية أجنبية على واقع الاستثمار النفطي بالمحافظة.
وقال المهتم بالشأن النفطي رعد سالم الزهيري لـ(المدى): إن تكرار حالات الهجوم على الشركات الأجنبية العاملة بالحقول النفطية من شأنه أن يؤثر سلباً في تطوير الصناعة النفطية بالمحافظة وربما يرغم تلك الشركات على المغادرة وترك العمل. منوهاً الى أن رأس المال جبان، وإن تشجيعه على العمل وتطوير استثماراته في القطاع النفطي يتطلب توفير بيئة ملائمة وحماية كاملة. مستبعداً وجود مخططات سياسية وإقليمية لحرمان العراق من إمكانية رفع إنتاجه النفطي ودخوله كمنافس قوي في الأسواق العالمية عبر الضغط على الشركات النفطية وتهديدها لإرغامها على ترك العمل ومغادرة العراق. مشيراً الى أن القائمين بالهجوم على مقر شركة بتروناس الذي تزامن مع تظاهرة جماهيرية، أرادوا توصيل رسالة تعبّر عن رفض الأهالي لطريقة حفر الآبار النفطية في حقل نفط الغراف التي يعتقدون أنها السبب بتكرار الهزّات الأرضية.
بالشأن ذاته سبق وأن أعلن المدير الإقليمي لشركة بتروناس الماليزية في العراق عبد الملك جعفر، في العام الماضي، عن خطة لرفع إنتاج حقل الغراف النفطي من 100 ألف برميل يومياً الى 120 ألف برميل خلال عام 2017، فيما أشار الى التنسيق مع وزارة النفط وشركة نفط الجنوب بهذا الصدد، مؤكداً تسلم الشركة قائمة بمشاريع خدمية أعدتها الحكومة المحلية لتنفيذها في المناطق المجاورة لحقل الغراف.

دراسات وخطط وتوقعات زيادة الإنتاج
ويقدّر الاحتياطي النفطي في حقول نفط ذي قار بأكثر من 20 مليار برميل، تتوزع على حقول الغراف والناصرية وأبو عمود وحقل صبه، في حين يبلغ إجمالي الإنتاج الحالي من حقلي الغراف والناصرية نحو 165 ألف برميل يومياً. شركة نفط ذي قار كشفت عن خطة لتطوير الإنتاج النفطي في الحقول النفطية العاملة بالمحافظة، حيث قال المعاون الفني لمدير شركة نفط ذي قار علي خضير عباس لـ(المدى) إن الشركة تبني حالياً خططاً خاصة بتطوير الانتاج النفطي في حقول المحافظة المتمثلة بحقلي الغراف والناصرية خلال عامي 2017 و 2018. مضيفاً: فيما هناك دراسات وخطط مستقبلية لتطوير حقل أبو عمود الذي يضم حالياً 5 آبار نفطية .
وتابع عباس: فيما بلغت أعمال تطوير حقل صبه النفطي اكثر من 80 بالمئة، وحالياً العمل جارٍ لاستكمال العمل في محطة عزل الغاز من قبل شركة المشاريع النفطية إحدى تشكيلات وزارة النفط. مشيراً الى أن، الشركة تكثّف من جهودها حالياً لإنجاز المحطة نهاية العام الحالي 2017، استعداداً لتشغيل حقل صبه النفطي .متوقعاً أن يسهم تشغيل الحقل برفد الإنتاج النفطي في المحافظة بـ 25 ألف برميل يومياً، وهو ما سيرفع انتاج النفط من 165 ألف برميل الى 190 ألف برميل في المستقبل القريب. موضحاً أن الإنتاج الحالي من حقل نفط الغراف يقدّر بـ 100 ألف برميل وحقل نفط الناصرية يتراوح إنتاجه ما بين 65 ألف برميل إلى 70 ألف برميل .
المدى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here