التمرًد ؟ لا، . . . إذن لنؤمن بالله ! (*) الحلقة الأخيرة !

2820
الى التمرد ؟ . . . لا، اذن لنؤمن بالله ! الحلقة الاخيرة !
مقتبس من كتاب (الاسلام بين الشرق والغرب) لعلي عزت بيجوفيتش

الأيمان بالله او التمرد – اجابتان مختلفتان للسؤال نفسه. في التسليم لله يوجد شيء من كل حكمة انسانية فيما عدا واحدة : تلك هي التفاؤل السطحي، فإن التسليم هو قصة المصير الانساني، ولذا فإن التشاؤم اذا كان نافذا اليه،
ينتهي مصيره الى التراجيديا المأساوية. هذا ما يقوله الفيلسوف (جاسيت) بعد ان قام بتحليله الى اعمق اعماقه.
الاعتراف بالقدر، استجابة مثيرة للقضية الانسانية الكبيرة التي تنطوي في جوهرها على المعاناة التي لا مردً لها. انه اعتراف بالحياة على ما هي عليه، وقرار واع بالتحمًل والصمود والتجمًل بالصبر. وفي هذه النقطة يختلف الاسلام اختلافا حادا عن المثالية المصطنعة وعن الفلسفة الاوربية التفاؤلية وحكايتها الساذجة عن (الافضل من كل ما هو ممكن في العالمين). ذلك لان التسليم لله هو ضوء يانع يخترق التشاؤم ويتجاوزه.

كنتيجة لاعتراف الانسان بعجزه وشعوره بالخطر وعدم الامن يجد ان التسليم لله في حد ذاته قوة جديدة وطمأنينة جديدة. ان الايمان بالله والايمان بعنايته يمنحنا الشعور بالامن الذي لا يمكن تعويضه باي شيء آخر. ولا يعني التسليم لله سلبية في موقف الانسان كما يظن كثير من الناس خاطئين.
في الحقيقة (كل السلالات البطولية كانوا من المؤمنين بالقدر). (آمرسن) – – ان طاعة الله تستبعد طاعة البشر والخضوع لهم. انها صلة جديدة بين الانسان وبين الله، ومن ثم بين الانسان والانسان.
انها ايضا حرية يكتسبها الانسان بمواصلته الايمان بقدره. ومواصلة الكدح والجهاد سمتان انسانيتان معقولتان، وفيهما يتحقق الصفاء و الاعتدال اذا نحن آمنا بان النتيجة النهائية ليست بأيدينا، انما علينا ان نسعى ونعمل، اما الباقي فبين يدي الله.

فلكي ندرك حقيقة وضعنا في هذا العالم، علينا ان نستسلم لله، وان نتنفس السلام، وإلا يحملنا الوهم والشك على ان نبدد جهودنا في الاحاطة بكل الاشياء ومحاولة معرفة اسرارها، فسرها عند الله، وكل شيء خاضع لارادته، علينا ان نتقبل المكان والزمان اللذين احاطا بميلادنا، فالزمان والمكان قدرُ الله وارادته. ان التسليم لله هو الطريقة الانسانية الوحيدة للخروج من ظروف الحياة المأساوية التي لا حل لها ولا معنى . . . ان الأيمان بالله هو الوسيلة الوحيدة من التحرر من درء التمرد والقنوط والعدمية وتقبًل القدر المحتوم.

ان الاسلام لم يأخذ اسمه من قوانينه ولا نظامه ولا محرماته ولا من جهود النفس والبدن التي يطالب الانسان بها، وانما من شيء يشمل هذا كله ويسمو عليه : من لحظة فارقة تنقدح فيها شرارة وعي باطني – – – من قوة النفس في مواجهة محن الزمان – – من التهيؤ لاحتمال كل ما ياتي به الوجود – – من حقيقة التسليم لله. انه استسلام لله – – والاسم للاسلام !

د. رضا العطار

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here