العبادي يحرِّك ملفَّ الهيئات المستقلّة من دون غطاء سياسي أو برلماني

بغداد / محمد صباح

يعوِّل رئيس الوزراء حيدر العبادي على الموافقة الضمنية التي منحه إياها التحالف الوطني قبل ثلاث سنوات لترشيح رؤساء إلى 14 هيئة مستقلة تدار بالوكالة منذ أعوام.
ويحاول العبادي هيكلة 3000 منصب رفيع يُدار بالوكالة، يشمل رؤساء الهيئات المستقلة، ووكلاء الوزارات، والمدراء العامين عبر لجنة شكلها قبل 9 أشهر يشرف عليها مكتبه الخاص بالاضافة إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بمساعدة خبراء من الأمم المتحدة.

وتقترب اللجنة الحكومية التي توشك على إنهاء مهامها، من إطلاق موقعها الإلكتروني الذي سيتقبل طلبات الترشح من مختلف الشرائح بعيدا عن الخلفيات السياسية.
وأعلن مكتب رئيس الوزراء، في شهر آب الماضي آليات الترشح لشغل المناصب العليا ورئاسة عدد من الهيئات المستقلة، مؤكدا أن المعايير التي وضعت في استمارة التقديم الإلكترونية “تضمن وصول الكفاءات لإدارة تلك المقاعد وإبعاد المحاصصة وعامل الانتماء الحزبي من شغلها”.
وكان العبادي قد أطلق حزمة إصلاحات في صيف 2015 تضمنت دمج وإلغاء 11 وزارة، وإحالة عشرات المدراء العامين إلى التقاعد. لكنّ كتلاً سياسية انتقدت هذه الإجراءات التي وصفتها بالمتسرعة وغير المدروسة. واصطدمت الإصلاحات الحكومية بالتغييرات الوزارية التي حالت حتى الآن دون تسمية بدلاء لثلاث وزارات شاغرة.
ويقول مصدر مقرب من مكتب رئيس الوزراء في تصريح لـ(المدى) إن “العبادي شكل لجنة وزارية قبل تسعة أشهر مهمتها وضع المعايير والبرامج الإلكترونية لاختيار رؤساء الهيئات المستقلة ووكلاء الوزراء والمدراء العامين بعيداً عن تدخلات الكتل والمحاصصة الحزبية”.
وأضاف المصدر، الذي فضّل الإبقاء على هويته طي الكتمان، ان “هذه اللجنة الوزارية التي ضمت مكتب رئيس الوزراء والأمانة العامة لمجلس الوزراء انتهت قبل فترة وجيزة من أعمالها التي وضعت البرامج الإلكتروني المصمَّمة لاعتماد آلية معينة للترشيح”، مؤكداً أنّ “البوابة الإلكترونية باتت جاهزة وستنطلق خلال الأيام القليلة المقبلة”.
وأوضح المصدر المقرب من مكتب رئيس الوزراء ان “المعايير التي اعتمدت في هذه البوابة الإلكترونية وضعت من قبل اللجنة الوزارية بمشاركة كبار الخبراء الدوليين الذين رشحتهم الأمم المتحدة للحكومة خلال فترة تطبيقها لحزمة الإصلاحات الأولى”.
وكانت لجنة سياسية سميت بـ(لجنة التوازن الحكومية)-قد تم إلغاؤها بعد حزمة الإصلاحات الاولى – تسلمت أسماء المرشحين لشغل مناصب وكلاء الوزراء في إطار مساعٍ لإعادة توزيع الدرجات الخاصة، التي تقدر بنحو 4 آلاف درجة، تنفيذاً لورقة الاتفاق السياسي الذي تمخضت عنه حكومة العبادي في 2014.
وواجهت لجنة التوازن، التي تضم في عضويتها 7 أشخاص من كتل مختلفة، أبرزهم روز نوري شاويس، وصالح المطلك، وعلي العلاق، وسلمان الجميلي، وبهاء الأعرجي، صعوبات في حسم الخلاف حول إعادة هيكلة 32 منصباً رفيعاً بين رئيس هيئة (بدرجة وزير) ووكيل وزير.
ويتحدث المصدر الحكومي عن آلية الترشُّح ومعاييره بالقول إن “الاستمارة الإلكترونية عبارة عن حقول تتضمن حقلاً للكفاءة والخبرة والشهادة والاختصاص والبحوث، وتوضع في هذه الحقول درجات”. ولفت إلى ان “المنافسة ستكون بين المرشحين بعيدا عن التلاعب بالبرنامج الإلكتروني لأنه مصمم بطريقة دقيقة وعالية المستوى”.
ويؤكد المصدر الحكومي المطلع ان “اللجنة الوزارية تعمل تحت إشراف مباشر من مكتب رئيس مجلس الوزراء على وضع البرامج الإلكترونية وحتى طريقة التقييمات التي سيخضع لها كل المرشحين”، مشيراً الى أن “العمل سيكون محدداً ضمن توقيتات معينة لتسمية رؤساء الهيئات المستقلة وتقديمهم أمام البرلمان”.
ويلفت المصدر القريب من مكتب رئيس الحكومة إلى أن “اللجنة الحكومية ستحسم ملف الهيئات المستقلة على دفعتين، الأولى تقتضي تعيين رئيس جديد لـ14 هيئة مستقلة، في حين تستكمل تسمية رؤساء باقي الهيئات في الدفعة الثانية”، عازياً “تقسيم الصفقة” الى “الخشية من عدم تمرير كل الهيئات داخل مجلس النواب إذا ما قدمت في دفعة واحدة”.
ويؤكد المصدر السياسي أن “اللجنة الوزارية ستقوم بمهام أخرى بعد إكمال ملف الهيئات المستقلة، يشمل حسم ملف وكلاء الوزارات والمدراء العامين والمستشارين”. لكن المصدر أقر بوجود صعوبات كبيرة ستواجه هذه التغييرات داخل مجلس النواب.
ورغم هذه المخاوف، يؤكد المصدر الحكومي ان رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي حصل على موافقة ضمنية من التحالف الوطني على دعم المرشحين الذين اختارتهم اللجنة الوزارية في مجلس النواب.
ويصفُ تيار الحكمة الوطني دعوات رئيس الحكومة لإنهاء ملف إدارة الهيئات بالوكالة بـ “المحاولة العقيمة”، معتبراً ان “ذلك يندرج ضمن الدعاية الإعلامية أكثر من معالجة هذه الملفات”.
وكشف العبادي، في الـ5 من آب الماضي، عن عزمه إنهاء ملف إدارة الهيئات المستقلة بالوكالة، وأكد فتح باب التقديم أمام المواطنين عبر استمارة إلكترونية، سيتم إطلاقها قريباً.
ويقول رعد الحيدري، عضو تيار الحكمة في تصريح لـ(المدى) أمس، ان “اللجنة الوزارية ستواجه مشكلة كبيرة من خلال طلبات الترشيح التي يتوقع ان تصل الى الملايين مما يعني ان عملية فرز الأسماء وتدقيقها تستغرق وقتا وجهدا كبيرين قد لا تكفي لما تبقى من عمر الحكومة”، مشيرا الى ان “هناك أكثر من 3000 موقع يدار بالوكالة في الدولة
العراقية”.
وينفي الحيدري ان يكون رئيس الوزراء قد ناقش ملف الهيئات المستقلة باجتماعات التحالف الوطني الاخيرة، مبينا ان “التحالف فوّض العبادي قبل ثلاث سنوات بإنهاء ملف الوكلات في جميع المواقع إلا أنه تهاون وتأخر كثيرا”، مرجحاً “صعوبة تمرير هذه الأسماء في مجلس النواب لأنها بحاجة إلى توافق سياسي”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here