الإستفتاء في كردستان

 الإستفتاء هو طلب الجواب في الأمر المشكل ، هكذا تقول لغة العرب ومادام الأمر متعلق بمشكل فلا بد من إيجاد حل لهذا المشكل ، والحل هو في طلب رأي الناس حول موضوعة البقاء أو الإنفصال عن العراق القديم ، وبحسب المُتاح من الأشياء : إن هناك ثمة رغبة جامحة لدى كافة القطاعات والأحزاب في الإنفصال وتشكيل الدولة المستقلة ، يأتي هذا في ظل توجه شبه عام وتوافق دولي على ذلك ، ونحن بصفتنا الشخصية وبصفتنا الحزبية نقول : – لا مانع من ذلك طالما كان الشعب الكردي راغب ومصمم على ذلك – وننطلق في مقولتنا وقناعتنا هذه من واقع سياسي وإجتماعي وحتى ديني ، فللشعوب حق تقرير المصير إن هي راغبة بذلك ، وما المناكفات عن دستورية وعدم دستورية ذلك فهي مجرد أوهام يعرفها الجميع ، لأن العائلة الواحدة هناك لها حق الإنفصال والعيش بإستقلال وحرية ، وليس في ذلك مدعاة لتمزيق البيت الواحد أو العائلة الواحدة ، ثم إن الشعب الكردي شعب غني في ثقافته وتأريخه وإسهاماته المتنوعة في رفد حركة التطور الأممي ، وهذا ليس بخاف على أحد ومن غير اللائق مصادرة هذا الحق أو إحتسابه لأمم وشعوب ثانية .
إن العراق منذ سايكس بيكو وهو يتحمل صراع غير أخلاقي ودمج قهري لم يُسهم في إنصهار أو تقارب ، بل كانت حروب ودماء ودمار وحتى لا نردد كلمات الغير في إن الظلم على العراقيين واحد ، نقول هذا ليس صحيحاً فالظلم على الأكراد يأتي من خلال فرض الأمر الواقع عليهم ، والتاريخ يشهد إنهم كانوا دائماً يحملون رآية الإستقلال والتحرر ودفعوا في ذلك الكثير من الألم والمعانات ، وليس من اللائق ولا من الخلق ان نقف اليوم وننكر عليهم هذا الحق في ان يكون لهم دولة مستقلة وهي تمتلك كل مقومات ذلك ، بل هم أكثر حتى من الدول التي لها إعتراف دولي وأممي ،
ومن يدعي أو يتباكى على وحدة العراق فهذا لا يدري ماذا تعني الوحدة ، فلا تكون الوحدة بالقهر أو الجبر أو الإكراه ولا تكون الوحدة بالتغاضي عن الحقوق الواضحة ، ولهذا فمن يدعي الحرص على الوحدة عليه أن يعزز ثقة الناس بمن هم فعلاً منه ، ويقدم لهم ما يشعرهم بقيمة الوطن ومعنى المواطنة ، فقد سئم الناس من الشعارات والخطب والكلام الفارغ الناس تريد أفعالاً وليست أقوالاً ، ليس من الحكمة ان نتحدث عن الوحدة في ظل انعدام ابسط مقومات الحياة وهذا الكلام عن أهل الجنوب وأهل الوسط وأهل الغربية ،
ثم من يتباكى عن الوحدة العراقية هي دول طالما عاثت في العراق ودمرت كل شيء جميل فيه ، ليس من مصلحة تركيا أن يكون للاكراد دولة وفيها الكثيرمن الشعب الكردي ، وليس من مصلحة إيران أن يكون للاكراد دولة وفيها شعب كردي عظيم ، كان يوماً الداعي إلى الجمهورية والحرية ، والعراق وبفضل الجارين المسلمين جداً تحمل منذ عقود ألم ودماء ودمار وحروب لم تنته بعد .
ولهذا أقول للأخ رئيس الوزراء أن لا يلح في الكلام عن مشروعية ولا ومشروعية الإستفتاء ، فتلك ليست له بل عليه الإستفتاء إن حدث فهو من مصلحة العراق ومصلحة إقتصاده ومجتمعه ، فهناك حاجات ستلبى وهناك حاجات ونواقص ستسد ، ثم ماذا نريد برفضنا للإستفتاء ؟ هل معنى ذلك إننا نصر على إعتبار عراق سايكس بيكو القديم صحيح ؟ ثم إن لجنوب العراق ثقافات وممارسات تختلف عما لأهل الشمال فهل يجب التفكير بعد حين بإرغامهم على القبول بها أو ممارستها ؟ بإعتبار إنها الحق أو الصواب …
ثم عن اية دستور تتحدثون ، عن هذا الذي هو مليء بالأخطاء والتجاوزات والحشو ، عن أي دستور تتحدثون ومن منكم من لم يتجاوز عليه مراراً ، وهذا الفساد وهذا الترهل وهذه الفوضى وهذه وهذه …
دعونا عن مسألة الدستور ولننظر بعين الرعاية للمستقبل والواقع ، سيكون إنفصال كردستان أن حدث من مصلحة الجميع ، وستكون كردستان دعامة للأمن الوطني العراقي ، وستقطع أيد تحلم بعد داعش أن تورث لنا الفساد والإستحمار والإنقياد .
ومن هذا المنطلق ومن غيره من الإعتبارات أرجوا من جميع القوى السياسية النظر بعين الرعاية ومن غير مكابرة إلى مسألة إستقلال كردستان كواقع وكحقيقة ، وهي حاصلة فلا نحتاج لتضييع الجهود في اللغو والمهاترات والتنظيرات ، هذه حتمية تاريخية كما هي حتمية إنسانية ، ونحن نؤيد وبكل قوة ما ينتج عن الإستفتاء وما يترتب عليه ..

راغب الركابي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here