بغداد تحتفي للعام الثاني بمؤتمر النساء تحت شعار (يا ابنة العراق انهضي)

 بغداد / انتصار الميالي

 تعديل التشريعات والأنظمة والاجراءات التي تتضمن تمييزاً وعنفاً ضد النساء

 اشراك النساء بنسبة الثلث كحد أدنى في الحكومة ومؤسساتها، وفي رئاسة اللجان النيابية

شهدت بغداد أمس اجتماعاً مختلفاً للنساء المدنيات وعرساً نسوياً يتحدى الإرهاب والممارسات الخاطئة وكثـرة الانتهاكات والعنف الذي يتعرضن له النساء في مدن العراق كافة، حيث عقدن مؤتمرهن الثاني تحت شعار (يا ابنة العراق انهضي) لدراسة دور المرأة العراقية في الحراك الاحتجاجي والذي كان هدفه العام، هو تفعيل دور المرأة وابراز أهميته وتمكينها من مواصلة الحراك الاحتجاجي المدني، ويأتي انعقاد مؤتمر النساء المدنيات في الحراك الاحتجاجي في بغداد بظروف تتطلب أن تلعب النساء فيها دوراً مميزاً خدمة لبلدهن العراق الذي يواجه أزمة الارهاب والفساد وسياسة التخبط والمحاصصة الطائفية والسياسية والتطرف.

وهذه كلها عقبات تجعل من النساء العراقيات أكثر صلابةً وإصراراً على أخذ دورهن ومكانتهن وتحمّل المسؤولية نحو الاصلاح الحقيقي والتغيير ومقاومة كل المساعي التي تحاول أن تحبط سعيهن والرجوع بهن الى عصور الرق والظلام، المؤتمر النسوي للحراك الاحتجاجي، هو خطوة لتتويج نضالات المرأة العراقية في ساحات الاحتجاج في عموم البلاد، وهو فرصة للتحاور وتقييم التجربة والخروج بنتائج وتوصيات تمكّن النساء من انطلاقة جديدة لنشر ثقافة عصرية تحقق للمرأة المساواة والعدالة عبر الاصلاحات القانونية والتشريعية التي تضمن للنساء تبوأ مواقع متقدمة في مراكز صنع القرار وبالشكل الذي ينسجم مع حجم تضحياتها اليومية وأهمية دورها ومكانتها وكفاءتها في بناء الدولة والمجتمع وإحلال السلام، وركزت النساء المدنيات في كلمتهن، على أهمية استنهاض الهمم للوصول الى الاعتراف الكامل بالدور الرائد الذي تلعبه النساء في المرحلة الراهنة، والتي تستدعي تضافر كل الجهود والقوى الخيّرة في تصديها للفساد والمفسدين ومحاربتها الارهاب والتطرف والطائفية لبناء عراق مدني يكفل العدالة للجميع ويعترف بحق المرأة في المشاركة وفي جميع المجالات وفق مبدأ المساواة (المادة 14 من الدستور) و تكافؤ الفرص (المادة 16 من الدستور). في ظروف استثنائية لاتخلو من التعقيد والأزمات السياسية المفتعلة، تصر النساء اليوم على إبراز دورهن في خدمة البلد وتقديم كل العون للخروج من حالة التخبط بسبب نهج المحاصصة الطائفي والفساد إلى مرحلة البناء والإصلاح الحقيقي وترميم ما أفسده الفاسدون في النظام العام، متحديات كل العقبات التي تواجه مسيرتهن، متصديات بعزم وإصرار للهجمات والمواقف الرجعية التي تحاول أن تكبّل عزيمتهن بأفكار متطرفة تحاول النيل من كرامة وإنسانية المرأة العراقية من جانب، وهدم كل خطوة نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية من جانب آخر.
المؤتمر الثاني للنساء المدنيات هو تأكيد على استمرار النضال النسوي المدني عبر كل الوسائل والإمكانات المتاحة، وخطوة أخرى تسجلها النساء لتثبيت مواقفهن السياسية والاجتماعية تجاه قضية الشعب والوطن، وهو مناسبة للتحاور والتشاور ومناقشة الهموم والتحديات التي تواجهها النساء يومياً والتي تحاول أن تحبط من عزيمة النساء للخروج بآليات عمل يمكن من خلالها المساهمة في اتخاذ خطوات حقيقية في إصلاح التشريعات القانونية والإجراءات الحكومية بما يضمن مشاركة حقيقية وملموسة للمرأة عبر منحها المزيد من الفرص والإمكانات لتكون في مواقع قيادية متقدمة تليق بالجهود النسوية المبذولة من اجل مصلحة البلاد أولاً والنساء ثانياً.
لم ولن تكلّ النساء العراقيات عن المطالبة بالإصلاحات القانونية والاجتماعية، لا بل سيعمل المؤتمر على استنهاض كل الهمم نساءً ورجالاً لمطالبة السلطات (التشريعية والتنفيذية والقضائية) بمتابعة تنفيذ التزاماتهم الوطنية والدولية تجاه قضية المرأة وقضايا الشعب والوطن، والعمل على تنفيذ الخطط والستراتيجيات الوطنية التي تؤكد على أهمية تأهيل وتمكين النساء للمساهمة في بناء الدولة المدنية.
(يا ابنة العراق انهضي) لم يكن شعاراً بسيطاً أو طارئاً، بل شعار اقتبسته النساء المدنيات لاستنهاض النساء ودفعهن لمواجهة الصعاب بعزم أكبر، وهذا ما لاحظناه في مواقفهن الوطنية أثناء تقديم الدعم والمساندة لقوات الجيش العراقي البطلة، بكل صنوفه في معركته لتحرير الموصل والمدن الأخرى من الإرهابي الداعشي والتي تكللت بالنصر، ومن خلال مؤازرتهن لأهالي المدن المنكوبة عبر تقديم المساعدات الإنسانية، واحتفائهن بالنصر ومساندتهن للنساء النازحات والمتضررات من العنف والإرهاب.
نعم أنها إرادة صلدة ستعبّر عنها النساء المدنيات في مؤتمرهن الثاني المرتقب، وهو مشهد كبير يستحق الاهتمام لما يتضمنه من محاور تدل على وعي وإدراك حقيقي للمسؤولية التي تتحملها نساء العراق، وهن يقفن جنباً إلى جنب مع الرجال في مواقف كثيرة ومتعددة أكثرها إشراقاً هي مشاركتهن في التظاهرات والاحتجاجات رغم التحديات الاجتماعية، ليرفعن أصواتهن عالياً للمطالبة بالإصلاح والتغيير والقضاء على الفساد ومحاسبة المفسدين وإعادة الهيبة للعراق.
ويُعد هذا المؤتمر خطوة جديدة تهدف إلى تسليط الضوء على الأدوار الرائدة التي تلعبها النساء في هذه المرحلة الراهنة، والتي تتطلب المزيد من تضافر الجهود والمواقف والرؤى لدى القوى الوطنية الخيّرة التي تطالب بالإصلاح الكامل والشامل وتخليص البلاد والنظام من الفساد والمفسدين ومحاربتها الإرهاب وكل أشكال التطرف والكراهية والطائفية، لأجل بناء عراق مدني معافى من الظلم والفساد والإرهاب، مبني على أسس العدالة الاجتماعية ويحترم الحقوق الإنسانية للمرأة ويمنحها الحق الكامل بالمشاركة وفي المجالات كافة.
المؤتمر الذي تميز بحضور الشابات والنقابيات والنساء البسيطات، تم فيه مناقشة ورقة العمل التي أعدتها اللجنة التحضيرية بحرص واهتمام بالغين والتي تضمنت خمسة محاور هي (المحور الاجتماعي و المحور الثاني: الانجازات التي حققتها الحركة الاحتجاجية – المحور الثالث: الإمكانات الداعمة لتحقيق أهداف الاحتجاج – المحور الرابع: التحديات والمخاطر التي تواجه الحراك – المحور الخامس: الخلاصات والتوجهات) ادارتها مجموعة من ناشطات الحركة الاحتجاجية. حيث تم تقديم مجموعة من الملاحظات والتعديلات القيّمة التي أقرها المؤتمر مع مجموعة من التوصيات التي تضمنها البيان الختامي للمؤتمر.
واختتم المؤتمر فعالياته بالتعريف باللجنة التحضيرية وتقديم الشكر للشخصيات والمنظمات النسوية التي ساهمت في دعم المؤتمر مادياً ومعنوياً لإنجاح مهامه.
جدير بالذكر، أن المؤتمر الذي عقد في ظروف استثنائية، أكدت فيها النساء على مواصلة النضال حتى تحقيق العدالة والديمقراطية في دولة مدنية. وقد خرج المؤتمر بعدد من التوصيات التي جاء فيها: “إزاء هذا الواقع المزري للمرأة العراقية، اقتحمت العديد من النسوة ساحات التظاهر والاحتجاج للتعبير عن استيائهن واستنكارهن، كما كثفت منظمات المجتمع المدني المهتمة بالشأن النسوي من حملات المدافعة والمناصرة مع المؤسسات التشريعية والحكومية والقضائية، وحتى مع الجهات الدولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي وممثلي السفارات الدولية في العراق، للضغط باتجاه مجموعة من الإصلاحات السياسية والتشريعية ومن أبرزها:
1. توحيد جهود وعمل منظمات المجتمع المدني المعنية بقضايا المرأة وضرورة العمل على توزيع الادوار والتخصص لتتمكن من خلق رأي عام مؤثر، وقادر على التعبير عن مطالب النساء.
2. اعادة هيكلة المفوضية العليا للانتخابات، بما يضمن تمثيلاً أوسع لأطياف المجتمع، بما في ذلك النساء، على أسس النزاهة والكفاءة والخبرة، وتعديل قانون الانتخابات من خلال عدم احتساب من تحصل على قيمة المقعد الانتخابي ضمن حساب الكوتا.
3. دعم منظمات المجتمع المدني في برامج التوعية استعداداً للانتخابات المقبلة، اضافة الى دعم برامجها لتمكين المرشحات وبناء قدراتهن سياسياً واعلامياً.
4. توفير الموارد البشرية والتخصيصات المالية اللازمة في ميزانية الدولة، لتطبيق خطة العمل الوطنية للقرار (1325) وكذلك بنود البيان المشترك بين الحكومة العراقية والأمم المتحدة بخصوص جرائم العنف الجنسي المرتكبة من قبل عصابات داعش الإرهابية.
5. الإسراع بتشكيل مجلس الخدمة الاتحادي لإعادة النظر في المنظومة الادارية للدولة على اساس الكفاءة والنزاهة والاخلاص وحب الوطن، ونبذ المحاصصة الطائفية والحزبية في الوظيفة العامة.
6. اشراك النساء بنسبة الثلث كحد أدنى في الحكومة ومؤسساتها، وفي رئاسة اللجان النيابية، والهيئات المستقلة وفي لجان المصالحة الوطنية واغاثة النازحين وغيرها، عملاً بأحكام الدستور 14 و16 و 20 و49.
7. اشراك منظمات المجتمع المدني والنساء في جميع لجان تنفيذ الصلاحيات، بنسبة لا تقل عن الثلث، وكذلك اشراكهن على مستوى المجتمعات المحلية في وضع السياسات والستراتيجيات الوطنية لتحقيق التماسك الاجتماعي والسلم الأهلي، ومكافحة الارهاب والتطرف.
8. الإسراع بسن قانون مكافحة العنف الأسري استناداً للمادة 29 من الدستور، بعد أن وصلت نسبة التعنيف البدني واحدة لكل خمس نساء عراقيات للفترة 2006-2017 وقانون لتجريم التحرش الجنسي، اضافة الى تشريع قوانين لحماية المرأة والمدافعات عن حقوق المرأة وتفعيل النصوص المتعلقة بحقوق العاملات في قانون العمل سنة 2016.
9. تشكيل الهيئة الوطنية المستقلة لتمكين المرأة كمظلة رسمية معنية بمتابعة الآليات والستراتيجيات والخطط الوطنية المعنية بالنهوض بالمرأة، باعتبارها الآلية المناسبة لضمان شراكة مختلفة الجهات الحكومية والمؤسسات التشريعية والقضائية ومنظمات المجتمع المدني والمراكز البحثية ووسائل الإعلام لتحسين واقع المرأة.
10. تعديل قانون الأحزاب السياسية وحث الاحزاب والتجمعات السياسية على تطوير برامجها وفقاً لمعايير النوع الاجتماعية والعدالة الاجتماعية، وكذلك بما يضمن تطبيق التمييز الايجابي للمرأة داخل الأحزاب في نسبة مشاركتها ومنحها الفرصة للوصول الى المراكز القيادية واتخاذ القرار داخل هياكلها التنظيمية.
11. تعديل التشريعات والأنظمة والاجراءات التي تتضمن تمييزاً وعنفاً ضد النساء، وتتنافى مع احكام الدستور والتزامات العراق الدولية في مجال حقوق الإنسان، منها على سبيل المثال، قانون العقوبات وقانون اصول المحاكمات الجزائية، وقانون الأحوال الشخصية، وقانون الاثبات، وقانون الاتجار بالبشر، وتعليمات واجراءات الحصول على جواز سفر وبطاقة السكن، والمعاملات المتعلقة بالجنسية والأحوال المدنية.
12. تغيير الصورة النمطية للمرأة في الإعلام والمناهج الدراسية التي يغذيها الارهاب والعنف والفتاوى الدينية المتطرفة والأعراف العشائرية التي تتنافى مع حقوق الإنسان.

المدى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here