سلام ابو آمنة..أنا من هذي المدينة ..!!

شاكر فريد حسن

كثيراً ما استمع في ساعات الصباح الى رائعة ” أنا من هذي المدينة ” التي كتب كلماتها الشاعر المقاوم المناضل طيب الذكر المرحوم توفيق زياد ، وتغنيها بصوتها العذب الدافىء الناعم الفنانة سلام ابو آمنة ، ومن الحان الفنان مارون أشقر .

انها أغنية راقية تحمل في داخلها كل معاني الحب والوفاء لمدينة الناصرة ، بلد التآخي والسلام والمحبة والوئام والتسامح الديني ، التي طالما زرناها في شبابنا المبكر وتعلمنا في مدرستها الثانوية وتخرجنا من معاطف معلميها الاوفياء لرسالة العلم ، وتجولنا في سوقها القديم العريق ، وصلينا في مساجدها وزرنا كنائسها ، وشاركنا في مخيماتها التطوعية واعراسها الوطنية ، واقتنينا الكتب والصحف والمجلات من مكتباتها ومعارضها ، واجترحنا النضال والكفاح من بيت الصداقة ، ومشينا في شوارعها في اول ايار .

سلام أبو آمنة غنت ” أنا من هذي المدينة ” في ذكرى صاحب كلماتها توفيق زياد تقديراً لشخصه ودوره النضالي والثقافي والتعبوي ، وأهدتها لمدينتها الحبيبة الغالية والعزيزة على قلبها الناصرة ، ولأهلها النجباء الاوفياء ، ورسالتها هي رسالة محبة وتآخي بين جميع طوائفها .

تقول سلام ابو آمنة :” أحببت كلمات هذه الأغنية لأن الراحل توفيق زياد عبر من خلالها عن انتماء كل فرد من أفراد الشعب الفلسطيني لقريته وبلدته ومدينته المليئة بالكبرياء والعزة والكرامة والتآخي في ما بينهم بشتى طوائفهم المختلفة على مر التاريخ .

سلام ابو آمنة فنانة فلسطينية ملتزمة ، صاحبة رسالة فنية عظيمة ، من ناصرة الجليل ، ولدت ونشأت فيها وتعلمت في مدارسها ، وترعرع الفن في قلبها منذ صغرها ، تغني على المسرح باحساسها وعفويتها وشفافيتها ولونها الغنائي الخاص ، وتنتقي الأغاني التي تحاكي اوجاع الوطن وآلامه ومشاعره ، بمرافقة العود الذي اتقنت العزف على اوتاره على السليقة .

درست سلام ابو آمنة الموسيقى الشرقية والمقامات ، وبدأت مشوارها في عالم الفن والغناء بالأغاني الكلاسيكية السماعية والطربية ، ولأم كلثوم خاصة ، واعتزلت الفن لفترة بسببب انشغالات الحياة وتربية الاطفال ، ثم عادت واتجهت نحو الغناء الوطني الملتزم ، الذي يمنحها الراحة والدفء والاحساس بالرضى ، ولا ترى نفسها الا من خلال هذا النسغ من الأغاني الوطنية الملتزمة ، ففيها التزام وطني وقيمي والتصاق بالهم الجمعي والوجع الفلسطيني المتواصل .

سلام ابو آمنة فنانة أصيلة راقية ، وخامة صوتية ، وحنجرة قوية فيها صفاءالزنبق ونقاء الينابيع ، وصوت دافىء فيه لون الزنبق ونوار اللوز وهو يتفتح في بدايات الربيع ، ويعبق حباً وأصالة ووجوداً وثباتاً ورسوخاً في تراب الوطن ، وايقاع جميل لحياتنا ونبضنا الوطني .

خطت سلام درباً شاقاً مليئاً بالاشواك وليس بالرياحين ، درب الاغنية الوطنية والسياسية ، الذي استمدته من فلسطينيتها وهويتها الكنعانية ، ومن قيم الانسان والحب والجمال .

غنت للوطن والارض والتراب وللأم الفلسطينية ، ولامست قلوبنا بأدائها الرائع وصوتها الجميل المخملي والحانها الهادئة ، وكأنها تراتيل وترانيم صلاة .

وكم تبكينا سلام ابو آمنة تأثراً حين تغني من كلمات الراحل محمود درويش قصيدة ” احن الى خبز أمي وقهوة أمي “.

سلام ابو أمنه عندما تغنين نزتوي من دفء كلماتك والحانك .

فيا عنباً تخمر وتحول لنبيذ في خوابي المحبة وقيم الخير والعطاء ، كيف لا نثمل من عبق صوتك ..؟!!

وسنبقى نردد معك :

انا من هذي المدينة من

حواريها الحزينة

من شرايين بيوت الفقر من

قلب الثنايات الحصينة

انا من شارع يوم الأرض من دوار

ايار

ومن ساحات صبرا وشاتيلا

والزقاقات التي لا تجروء

الشرطة

ان تدخلها عندما يشتعل الناس

غضب

عبق التاريخ فيها

والكرامة اسمها شامة عز

وشهامة

هي أمي هي أبي مهدي

ولحدي بيتي الدافىء

شمسي وقمري

وطني الأصغر وطني الأغلى

وعنوان التحدي

انا من هذي المدينة ومن

السوق القديم

من النبعة والكشاف والخلة

وبئر الأمير

ناسها أهلي وسماري رفاقي

في السلاح

أنفي منهم ومنهم كبريائي

وهمومي وجرحي ودوائي

انا من هذي المدينة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here