واشنطن تجدِّد عرضها على إقليم كردستان لتأجيل الاستفتاء

واصلت أطراف دولية وإقليمية مساعيها للتوسط بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان للخروج بصيغة مرضية للجانبين في ما يتعلق باستفتاء الاقليم المزمع إجراؤه في وقت لاحق من الشهر الجاري.
وعلمت (المدى) من مصادر كردية رفيعة ان الخارجية الاميركية جددت عرض مبادرتها على قيادة الاقليم، الرامية الى تأجيل الاستفتاء مقابل رعاية مفاوضات بنّاءة بين بغداد وأربيل في غضون عامين الى ثلاثة أعوام، على ان يتم طرح تقرير مصير إقليم كردستان بعد ذلك في أروقة الامم المتحدة فيما إذا لم تتوصل الاطراف الى اتفاق خلال المدة المقترحة.

وقالت المصادر الرفيعة، التي تحدثت لـ(المدى) مفضلة عدم الكشف عن هويتها، ان قيادة إقليم كردستان تلقت العرض، وانها أكدت للجانب الاميركي انفتاحها على اية مبادرات للحوار والتفاهم المسؤول مع الحكومة الاتحادية.
وأضافت المصادر ان قيادة الاقليم طالبت بضمانات واضحة وصريحة لتلافي تجربة التنصل من الاتفاقات التي اعتمدتها الحكومات السابقة. واكدت المصادر أن الايام المقبلة ستشهد الاجابة على العرض الامريكي الجديد.
وهذه المرة الثانية التي تعرض الولايات المتحدة على قيادة اقليم كردستان مبادرة للتوصل الى حلّ للاستفتاء الذي تعارضه الحكومة الاتحادية. وكان بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس الاميركي وممثله في التحالف الدولي ضد داعش، قدم الى رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ذات العرض.
وكان بارزاني قد استقبل، في مقر إقامته في منتجع صلاح الدين الخميس الماضي، وفداً مشتركاً من دول التحالف الدولي، مؤلفاً من الممثل الخاص لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية في تحالف الحرب ضد إرهابيي داعش، والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش، وسفير الولايات المتحدة الأمريكية في العراق دوكلاس سوليمان وسفير بريطانيا لدى العراق
فرانك بيكر.
وكشف، يوم السبت، عن بعض تفاصيل المبادرة التي قدمت لرئيس الاقليم. وبحسب نسخة مسربة من الوثيقة، حصلت عليها فرانس برس، فإن المقترح يقضي بشروع الحكومة العراقية وحكومة الإقليم على الفور بـ”مفاوضات منظمة، حثيثة، ومكثفة (…) من دون شروط مسبقة وبجدول أعمال مفتوح على سبل حل كل المشاكل، تتناول المبادئ والترتيبات التي ستحدد العلاقات المستقبلية والتعاون بين بغداد وأربيل”.
وأكد كوبييش ان “هناك عرضاً، إذا وافق (الكرد) على هذا البديل فسيتم إجراء مفاوضات”، مشيرا إلى أنه يتوقع رداً من بارزاني خلال “يومين أو ثلاثة”.
ويتعين على الجانبين اختتام مفاوضاتهما خلال عامين إلى ثلاثة أعوام، ويمكنهما الطلب “من الأمم المتحدة، نيابة عن المجتمع الدولي، تقديم مساعيها الحميدة سواء في عملية التفاوض أو في وضع النتائج والخلاصات حيز التنفيذ”. في المقابل، بحسب العرض، “تقرر حكومة كردستان عدم إجراء استفتاء في 25 أيلول الحالي”.
وتحدد الوثيقة أن “يبقى مجلس الأمن متابعا لتنفيذ هذا الاتفاق من خلال تقارير منتظمة يقدمها الأمين العام للأمم المتحدة”.
وفي سياق الوساطات، ، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، يوم الأحد، إن الاستفتاء الذي يعتزم إقليم كردستان العراق تنظيمه “سيصرف الانتباه عن الحاجة لهزيمة تنظيم داعش وإعادة بناء المناطق
المحررة”.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم المنظمة الدولية، ان “الأمين العام يحترم سيادة وسلامة ووحدة أراضي العراق ويرى ضرورة حل كل القضايا المعلقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان عبر حوار منظم وتسوية بناءة”. وتابع ان “الأمين العام يدعو كل الزعماء في العراق إلى التطرق إلى هذه المسألة بصبر وبضبط نفس”.
إلى ذلك، أعلن وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون انه سيتوجه الى إقليم كردستان في محاولة لإقناع رئيسه مسعود بارزاني بالتخلي عن الاستفتاء.
وقال فالون، خلال مؤتمر صحافي عقد في بغداد امس، “سأكون في أربيل لأقول لبارزاني باننا لا نؤيد استفتاء الكرد. نحن ملتزمون بسلامة العراق والعمل مع الامم المتحدة من اجل (بحث) بدائل عن الاستفتاء”.
وقدمت الأمم المتحدة قبل ذلك، مقترحا لرئيس إقليم كردستان يقضي بالتراجع عن مشروع تنظيم استفتاء مقابل المساعدة على التوصل إلى اتفاق شامل حول مستقبل العلاقات بين بغداد وأربيل في مدة أقصاها ثلاث سنوات.
إلى ذلك، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، امس الاثنين، ان الاستفتاء المرتقب في اقليم كردستان “سيشكل مبادرة غير مناسبة”، داعيا إلى حوار بين بغداد واقليم كردستان.
وقال الوزير الفرنسي، قبيل بدء اعمال الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة في نيويورك، “يشتمل الدستور العراقي على عناصر شديدة الأهمية بشأن الحكم الذاتي، يجب احترامها وتثبيتها وتأمينها في إطار حوار بين بغداد وكردستان. ويبدو لنا أن أي مبادرة أخرى ستكون غير مناسبة”.
وأضاف لودريان “إننا في العراق للإعداد لمرحلة ما بعد داعش وبالنسبة إلينا فإن ما بعد داعش يفترض نظام حكم يشمل الجميع ويحترم الدستور العراقي وبعده الفيدرالي والمجموعات التي تشكله ووحدة أراضي العراق”.
إلى ذلك، وجهت المحكمة الاتحادية العليا، امس، إيقاف إجراء إقليم كردستان المقرر في 25 من الشهر الجاري. وجاء قرار المحكمة ردا على طلب تقدمت به الامانة العام لمجلس الوزراء للنظر بقانونية إجراء الاستفتاء.
وتضمن الخطاب الحكومي، الذي حمل تاريخ الـ14 من أيلول الجاري، الى المحكمة الاتحادية بيان رأيها “بشأن مدى جواز قيام الإقليم أو اي محافظة غير منتظمة بإقليم بتنظيم استفتاء يتضمن الوقوف على رأي مواطني الجهات المذكورة آنفا في الاستقلال عن جمهورية العراق في ضوء نصوص دستور العراق النافذ لسنة 2005”.
وأجابت المحكمة الاتحادية، في بيان مقتضب حصلت (المدى) على نسخة منه امس، “بعد المداولة ولتوفر الشروط الشكلية القانونية في الطلبات، أصدرت امراً ولائياً بإيقاف إجراءات الاستفتاء المنوي إجراؤه في 25 أيلول لحين حسم الدعاوى المقامة بعدم دستورية القرار المذكور”.
إلى ذلك، أكد المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء حيدر العبادي الطلب المقدم الى المحكمة الاتحادية. وقال بيان لمكتب رئيس الوزراء إنه “وجه طلبا الى المحكمة الاتحادية بشأن عدم دستورية إجراء انفصال أي إقليم او محافظة عن العراق، وكذلك إصدار أمر ولائي بإيقاف إجراءات استفتاء انفصال اقليم كردستان، وبناءً عليه وافقت المحكمة الاتحادية على الطلب”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here