تحليل: ماذا سيحدث في اليوم التالي لاستفتاء كردستان؟

من المقرر أن يصوت سكان إقليم كردستان، على استفتاء الاستقلال يوم الخامس والعشرين من الشهر الجاري، حيث ستطرح بطاقة التصويت سؤالا “هل تريد أن يصبح إقليم كردستان والمناطق الكردستانية خارج إدارة الإقليم دولة مستقلة؟”.

ونشر موقع “بي بي سي” تقريرا ي قامت خلاله هيئة الإذاعة البريطانية بتحليل ما سيجري في الإقليم والعراق في اليوم الذي سيلي التصويت على الاستفتاء، حيث أفادت أن “غالبية المصوتين في المناطق المشمولة بالاستفتاء هم من الكرد، ولديهم تاريخ قوي من السعي باتجاه تقرير مصيرهم، لذا سيكون في حكم المؤكّد أن النتيجة ستأتي بالموافقة”.

ونقل الموقع عن الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، ميتشل نايتس، قوله بأنه “لا توجد آلية كي ينفصل جزء من العراق عن كامل الدولة، وبالتالي لن يطلق الاستفتاء الكردي عملية كتلك التي أطلقها الاستفتاء الذي جرى مؤخراً في بريطانيا، حول البقاء في الاتحاد الأوروبي أم الخروج منه”.

وأوضح أن أحد الأسباب التي دفعت لإجراء الاستفتاء، كان “السياسة الداخلية” في كردستان، حيث تجاوز رئيس الإقليم ، مسعود البارزاني، فترة ولايته في الحكم، ويريد البدء في عملية الاستقلال رمزياً قبل أن يتنحَّى في انتخابات الإقليم المقبلة، التي من المُقرر إجراؤها، في الأول من تشرين الثاني المقبل.

وأضاف أن “هناك سببا آخرا يتمثل بإيجاد تفويضٍ جديد للكرد كي يحصلوا على دعمٍ دولي من أجل خروج نهائي، على أساس التفاوض، من العراق وإعلان دولة جديدة تعترف بها الأمم المتحدة، ربما في غضون السنوات الخمس أو العشر المقبلة”.

وأشار تقرير الموقع إلى أن قيادة إقليم كردستان ستمضي، على الأرجح، قُدماً في الاستفتاء، لأن العراق وتركيا وإيران والمجتمع الدولي فشلوا في صياغة مزيج فعال من التهديدات والوعود لإرغام الإقليم على تأجيل الاستفتاء، حيث من المتوقع أن تدين تركيا الاستفتاء في خطاباتها، لكنها لن تغلق حدودها أو تغلق خط الأنابيب الحيوي لصادرات النفط الكردستانية.

وتابع أن ” إيران والقوات الاتحادية العراقية والميليشيات الشيعية المدعومة إيرانياً، فعلى الأرجح لن يهددوا على نحوٍ جدي الدفاعات الكردية المُجهَّزة جيداً”، مبينا أن “أكثر الوعيد الصادر عن إيران وتركيا يهدف إلى كبح تأثير أحجار الدومينو المحتمل الذي قد يشجِّع كرد إيران وتركيا وسوريا، على بذل جهودٍ انفصالية أكبر”.

وبحسب محللين فأن “العديد من الساسة العراقيين البارزين أعلنوا سراً بأنهم يعتقدون أنَّ إقليم كردستان يصبح ببطء وعلى نحوٍ لا رجعة فيه دولة مستقلة، لكن ليس هناك قائدٌ عراقي بإمكانه قول ذلك علناً، لأسباب ليس أقلها اقتراب الانتخابات العامة والمحلية في العراق، في شهر نيسان، ولا يرغب أي رئيس وزراء عراقي أن ينقسم العراق رسمياً في عهده”.

ويرى مراقبون أن بغداد قد تعمل جاهدة على تأجيل الاستفتاء، عن طريق عرض مفاوضات جديدة بشأن نقل سلطات أكبر إلى إقليم كردستان، كما ان أربيل وبغداد ستناقشان قضية كركوك وباقي ما يطلَق عليها المناطق المتنازعة الشائكة، وهي المناطق التي يسيطر عليها في معظمها إقليم كردستان ذو الأغلبية الكردية.

وبالعودة إلى وضع إقليم كردستان، ذكر الموقع أن الإقليم حظي بالحكم الذاتي منذ انسحاب قوات الرئيس السابق، صدام حسين، من مناطق في شمالي العراق بنهاية حرب الخليج 1991، وقام الكرد بإنشاء برلمانهم ووزاراتهم وقواتهم المسلحة، حتى أنّهم استخدموا عملة مختلفة عن “عراق صدام”، وحصلوا على 17% من عائدات النفط بموجب اتفاق أشرفت عليه الأمم المتحدة.

لكن بغداد بدأت تنازع بشأن وضعية الحكم الذاتي في إقليم كردستان بعد سقوط النظام السابق عام 2003، وانتهت المفاوضات مع أربيل إلى طريقٍ مسدود، وقد أكد بارزاني، مؤخراً القرار المتعلِّق بالبقاء كجزء من العراق بأنَّه “خطأً كبير”.

وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية، فان الكرد وخلال السنوات الـ14 الأخيرة، وسعوا المناطق التي يسيطرون عليها فعلياً، لتضم مناطق تحتوي على احتياطات نفطية أو تعيش بها أعدادٌ كبيرة من غير الكرد، كمحافظة كركوك، ووصلت صادرات الكرد من النفط إلى 600 ألف برميل يومياً، وذلك عبر جذب المستثمرين الدوليين وتصدير النفط عبر خط الأنابيب العراقي التركي إلى محطات الشحن في البحر المتوسط.

وتابعت أنه رغم كل ما سبق ذكره، فأن إقليم كردستان لا يزال يفتقر إلى العديد من الخصائص الحاسمة بالنسبة للدولة، وليس بإمكانه تأمين قروض سيادية بأسعار فائدة مقبولة، أوالحصول على شهادات المستخدم النهائي لشراء الأسلحة بالطريقة نفسها التي تتمتَّع بها الدول التي تحظى باعتراف الأمم المتحدة، كما ان بغداد تهدد مبيعات النفط الكردية دورياً عن طريق طعونٍ قانونية.

إضافة إلى ذلك تسيطر بغداد على المجال الجوي الكردي، حيث يتعين على سكان إقليم كردستان استخدام جوازات السفر العراقية، وأن يعانوا من القيود المفروضة على التأشيرات تماماً كالعراقيين، هذا على الرغم من كون إقليم كردستان أكثر أمناً من العراق الاتحادي.

الجدير بالذكر ان رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، قال يوم أمس الاثنين، بعد لقائه وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، إنه “لم يبق خيار آخر سوى الاستقلال”، مؤكداً على أن “الدعوات لتأجيل الاستفتاء من أجل الحوار مع بغداد فقط، دون معرفة مضمونه وطبيعة الضمانات الدولية، لا تؤجل الاستفتاء”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here