اتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان يرد على بيان “لجنة حكماء أهل السنة” بشأن الاستفتاء

ردّ اتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان، اليوم الأحد، 24 أيلول، 2017، رداً على بيان “لجنة حكماء أهل السنة” بشأن استفتاء الاستقلال، متسائلاً فيه: “كيف يمكن لمن يعتبر نفسه مسلماً وعالماً حكيماً، أنْ يمنع شعباً من الشعوب – وبالأخص الشعب الكوردي المسلم المتعايش منذ القدم معكم- بممارسة أبسط الحقوق وهي الاستفتاء لتقرير المصير”.

وكانت لجنة حكماء أهل السنة أصدرت بياناً أمس السبت، من 9 نقاط جاء فيه: “نرفض رفضا قاطعا إجراء استفتاء إقليم كوردستان المزمع عقده بتاريخ 25-9-2017 جملة وتفصيلا ورفض سياسة فرض الأمر الواقع والتمدد على حساب الوطن”، داعية إلى “محاكمة كل من روج وشجع ودعم فكرة الاستفتاء من أجل الاستقلال ودعوة الشعب العراقي بكل أطيافه للوقوف بحزم وقوة وإجهاض عملية الاستفتاء المؤدي إلى التقسيم ، ندعو الحكومة برئاستها الثلاث لأخذ دورها الذي اقسمت عليه بالحفاظ على وحدة العراق واتخاذ كافة الاجراءات والتدابير اللازمة من اجل ان يبقى العراق واحدا موحداو دعم اجراءات الحكومة باتخاذ أي إجراء تراه مناسبا سياسيا أو عسكريا لمنع تقسيم البلد ومنع انزلاقه نحو الحرب الاهلية ، وتطالب لجنة الحكماء قوة احرار العراق حشد شعبي التابعة لدار الافتاء العراقية للقيام بأي مهام تكلف بها من قبل هيئة الحشد الشعبي والحكومة العراقية، ونطالب هيئة الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي والهيئات الدبلوماسية العاملة في العراق بأخذ دورها بالحفاظ على تعهداتها التي اصدرتها بقرارات تضمن سلامة ووحدة العراق أرضاً وشعباً”.

وأصدر اتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان بياناً هذا نصه:

رد علماء الدين الإسلامي في كوردستان حول بيان ما يسمى بلجنة حكماء أهل السنة

بتاريخ 23/9/2017 أصدرت ما يُسمى بـ – لجنة حكماء أهل السنة التابعة لدار الإفتاء العراقية – بياناً مضاداً لإستفتاء إستقلال إقليم كوردستان، أباحت فيه دماء و أعراض و أموال و كرامة مواطني كوردستان، وأجازت للجيش العراقي والحشد الشعبـي إتخاذ كل الإجراءات السياسية و العسكرية ضد شعب الإقليم .

باسم علماء الدين الإسلامي في كوردستان نرفض بيانهم رفضاً قاطعاً جملة و تفصيلاً، ونتسائل: كيف يمكن لمن يعتبر نفسه مسلماً وعالماً حكيماً، أنْ يمنع شعباً من الشعوب – وبالأخص الشعب الكوردي المسلم المتعايش منذ القدم معكم- بممارسة أبسط الحقوق وهي الإستفتاء لتقرير المصير؟ في حين أنَّ الاستفتاء فرعٌ لمبدأ الشورى في الشريعة الإسلامية وقد قال تعالى في مدح المؤمنين: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} وهي مبدأ إنساني إجتماعي أخلاقي إلى جانب كونها قاعدة لنظام الحكم في النظم الإسلامية، والاستفتاء من أجل الاستقلال يتطابق مع مبدأ العدل المأمور به في كتاب الله حيث قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ } ولا يخفى عليكم إنَّ مبدأ ( أنْ يكون لكلّ أمّةٍ وشعبٍ دولته المستقلة يحكم نفسه بنفسه ويكون له الحرية في تقرير مصيره) يتوافق مع قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، فنحن نرفع هذه الآية عالياً علو السماء ومؤمنون بمفاهيمها التي بلّغها رسولنا الكريم إلى سائر الشعوب والأمم، حيث تفسح في أعماق معانيها أنَّ كل بني إنسانٍ إخوة في الإنسانية وأنَّ كل الشعوب سواسية أمام العدل الإلهي لا فضل لواحدٍ على غيره إلا بالتقوى، كما ويحل لكل شعبٍ ما هو حلالٌ للشعوب الأخرى، وأنَّ لكل شعبٍ الحق الكامل أن يفتخر بهويته القومية لكونها جعلاً إلهياً، وله الحق الكامل في تقرير مصيره وليس هناك شعبٌ مختارٌ بين الشعوب يفعل ما يشاء و يحكم مايريد، ويحلُّ له ما لا يحل لغيره، وليس هناك شعبٌ مقيّدٌ بالأغلال حُرَّم عليه التمتع بحق الحياة و حقوق الإنسان و التطور والبناء في هذا الكون، و نستغربُ عمن ينتمي لهذا الدين الحنيف و يقرأ ايات القرآن الكريم ووصية الرسول: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ومن ثَّم يقف ضد حقوق الإنسان و حريته وإرادته.

فالاستفتاء هو حق طبيعي لشعب كردستان وجميع شعوب العالم ويجب أنْ نمارس هذا الحق الطبيعي، ومنع مواطني إقليم كوردستان من حقّ الاستفتاء لتقرير مصيره يُعتبر ظلماً واضحاً وفاضحاً، وقد قال تعالى: {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} و كذلك يُعدّ خرقاً سافراً للمقرّرات والمعاهدات والمواثيق الدّولية الّتي أقرَّتها الدّول الإسلاميّة وغيرها، و من حقنا أن نتسأل: لم هذا الإصرار على حرمان هذا الشعب من ممارسة هذا الحق الذي يحق لغيرنا؟ ‏الإسلام لم يمنع أحداً أنْ يُعبِّر عن رأيه، رجلاً كان أو إمراة، مسلماً كان أو غير ذلك، لكن لجنة ما يسمى بـ – حكماء أهل السنة-تحُرِّم على مواطني الإقليم هذا الحق المشروع، لا شكّ أنَّ بيانهم العجيب هذا يجعل عقول حكمائهم تبدوا رجعية عنصرية أكثر فأكثر، ويجعل من الإسلام – حسب حكمهم- أنْ يظهر كدين ديكتاتوري قمعي، في حين أنَّ الاسلام دين الرحمة و المحبة والأخوة، ولو أنَّ أعينهم نظرت إلى نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية لعلموا حق اليقين أنَّهم على خطأ و ويخطون عكس أصول الإسلام الحنيف.

وكنا نتوقع أنْ يصدر مثل هذه البيانات، خصوصاً وأن تاريخ العراق شاهدٌ على كونه حافلاً بوجود الشوفينين الذين يصبغون القمع والإستبداد بصبغة الدين والشرع الحنيف، وأنَّ العقلية البعثية والشوفينية التي أباحت دماء وأعراض وأموال الكورد في الماضي وأعطت الشرعية لحكام العراق في الظلم و الإستبداد سيطرت تماماً على أفكارهم.

وأخيراً نقول لهم : إنَّ اراقة دم أيّ كوردي و عراقي يكون على عاتقكم وعاتق فتاواكم الشوفينية، والتأريخ سجل كيف أنَّ فتاواكم الشوفينية أشعلت النار على دماء العراقيين، وأصبحت سبباً للقتل والدمار وإراقة الدماء بين المسلمين، بدل أن تكونوا سبباً للخير والسلام والوئام .

اتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان

4 محرم 1439هـ – 24/ أيلول – 2017 م

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here