أخجل أن أقول لكم السلام عليكم لأنني نسيت السلام

د . خالد القره غولي
ووددت إنطلاقا من دوافع الأخوة والصداقة والزمالة بيننا أن أقدم لكم وصايا مجانية لعلك تنتفع بها كي لا يصيبكم ما أصابني .. وقد رأيتني وأنا أودعك إلى فضاء بعيد .. كيف أن أشهري ممزقة وأسابيعي أصابتها جروح غائرة وأيامي تحطمت وساعاتي تناثرت ودقائقي تمرضت .. حتى الثواني حائرة ، تائهة أضلت الطريق .. أيها الأخ والزميل ٢٠١٧ تعلم ما أمتلك من قوة فأنا أطول منك لأنني عام كبيس! لم ينفع معي لأنني دخلت العراق وتجولت بين الشوارع والمزارع والحقول ودعاني يوم الجمعة لزيارة مدن دخلها الدواعش .. وتحديدا مدينة إسمها ( الرمادي ) سمعت عددا من الأعوام القديمة عندما كنا أنا وأنت صغارا كيف يتحدثون عنها وعن فراتها ونخيلها وباديتها وشوارعها وجوامعها وجامعتها بنشوة وفرح .. عن مدينة تعطرت بالطيب وأهلها والشهامة تتناثر بين عيونهم.. كنت أتمنى أن أزور الرمادي وهاأنا كبرت وأردت أن أسأل أخي عام ( 2015 ) عنها فقالوا لا يعرف أحد ما مصيره فقد خطفه لصوص وعتاة من الظالمين .. لا أطيل عليك دخلت إلى الرمادي .. فلم أجد أو أعثر على ما سمعت !

أكوام من حجارة وتلال من التراب غصت بها هذه المدينة .. جوامع وقباب مهدمة .. مبان محطمة .. بيوت ومدارس تساوت مع الأرض .. أما أهلها فالحزن لا يفارق وجوههم .. لم أر طفلا يضحك أو يلعب .. القهر واليأس أصاب حتى الفرات .. أصاب حتى جسور المدينة لاشيء غير الدم والدخان ورائحة البارود في الرمادي .. توسلت بهم أن يخرجوني من هذا المكان كي أزور صديقا عزيزا لأبي !
سألنا عنه فأجابونا أنه في المخيم ..

ما هو المخيم !

لا أدري !

أرشدوني إلى مواقع المخيم كي أنقل سلام أبي إلى صديقه .. دخلت إلى قطعة من أرض يغمرها الطين وقطع سميكة ملوثة من قماش يسموه خيام!
سألت نفسي ما هذا!

فأجابني طفل مريض وآخر يرتجف من البرد وآخرون جياع أنهم هنا منذ سنتين .. بكيت حزنا أخي ٢٠١٧ حين رأيت النساء والشيوخ والعجائز شبه موتى

وأين؟

في العراق .. ومن أين ؟ من الرمادي..
لا أطيل عليك وأوصيك أن تجمع شهورك وأيامك للذهاب إلى هناك.. إلى المخيمات أخي عام ٢٠١٧ وإياك أن تخرج من العراق إلا وقد أغلقتم مخيمات الذل والعار والهزيمة .. وسأوصي أخي عام ٢٠١٨ بأن ينقل لي ما نفذته لهؤلاء الفقراء الصابرين المحتسبين ..
وداعا أخي .. وكل عام وأهل المخيمات بألف خير وأن يكون عامي آخر عام لهم..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here