العراق تحت برج البركان من جديد ! ..

العراق تحت برج البركان من جديد ! ..

دون أن تكتمل فرحتنا بالانتصار النهائي على عصابات داعش ، أو أن تجف أرض العراق من دماء مئات الأف من الشهداء والضحايا ، و إذا بالعراق يدخل في دوامة جديدة من أزمات و مخاطر خلقتها عملية الاستفتاء في الإقليم و التي دخلت حيز التنفيذ ، و التي ستسبب ـــ بلا محالة ــ نقصد نتائجها المعروفة مقدما ، ستسبب بإراقة مزيد من دماء و سقوط ضحايا من المواطنين العراقيين عربا و كوردا وتركمانا و غيرهم .
و هنا بالضبط يجب التجرد من مشاعر أو عواطف متحمسة ومؤيدة ، أو ناقمة و جياشة و رافضة ، لننطلق من الاحتمالات شبه المؤكدة للنتائج الخطيرة والمتوقعة و التي سوف تتمخض عنها في حالة الإصرار على المضي قدما حتى النهاية ، وحيث أن هذه الدوامة الجديدة ستُطال كلا الطرفين ، تاركة كثيرا من الضحايا مثلما اسلفنا ، و ذلك نتيجة لمضاعفتها و امتداداتها نحو ما تسمى ” بالمناطق المتنازع عليها ” .
إذ فمن المؤكد أن الحكومة المركزية سوف لن تتخلى عن كركوك و لا عن حماية سكانها ، فهذا واجبها الدستوري ، قبل أن يكون واجبها المهني أو الرسمي المشروع ، وهو الأمر الذي سيعني دخول القوات الأمنية الحكومية إلى كركوك لفرض سيادة الدولة و بسط الأمن هناك ، وهو الإجراء القانوني و الرسمي الذي سوف لن يعترض عليه أحد من قبل دول أو حكومات أو مؤسسات دولية ، ربما ، ما عدا إسرائيل فقط !! ، و لاسيما أن دولا كثيرة و مؤسسات دولية عديدة ، من ضمنها الأمم المتحدة و مجلس الأمن الدولي، فضلا عن دول كبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا و روسيا و كذلك الاتحاد الأوروبي ، هذا دون أن نذكر الجامعة العربية ، فهذه الدول مجتمعة قد نصحت بعدم إجراء عملية الاستفتاء ، محذرة من عواقبها الوخيمة ، و معلنة في الوقت نفسه دعمها لوحدة الأراضي العراقية .
إذن فأن عملية استخدام القوة و إجراءات فرض الأمن و السيادة في كركوك و ضواحيها ، أو في أية منطقة تابعة للحكومة المركزية تختلف الآن تماما عن مما كانت عليها في عهد النظام الديكتاتوري السابق . فمن هن ستكتسب إجراءات الحكومة المركزية في حالة اضطرارها لاستخدام القوة ـــ بغية فرض الأمن و السيادة ـــ نقول أن هذه الإجراءات ستكتسب شرعية دستورية ــ بتكليف برلماني ــ ناهيك عن شرعية إقليمية و دولية ، على اعتبار أن عملية الاستفتاء كانت أصلا غير دستورية ولا شرعية ، و بالتالي فأن هذه الإجراءات الأمنية للحكومة المركزية حتى لو لم تحصل على تأييد دولي علني و صريح فأنها ستقابل بصمت كنوع من الرضا والقبول .
فمن هنا لا يسعنا إلا أنه نقول بألم و أسى :
ـــ فليكن الله في عون شعبنا العراقي المسكين ــ وبكل مكوّناته ــ و الذي ما أن يكاد يخرج من أزمة دموية و شائكة طويلة ، حيث يزجونه فيها رغما على إرادته ، حتى يتم إدخاله في دوامة توتر واحتقان من مخاطر حروب وأعمال عنف جديدة وجديدة.
مهدي قاسم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here