تأملات في القران الكريم ح356

تأملات في القران الكريم ح356
سورة الشورى الشريفة
للسورة الشريفة فضائل وخصائص كثيرة منها ما جاء في كتاب ثواب الأعمال عن الامام الصادق عليه السلام : من قرأ حمعسق بعثه الله يوم القيامة ووجهه كالثلج أو كالشمس حتى يقف بين يدي الله عز وجل فيقول عبدي أدمنت قراءة حمعسق ولم تدر ما ثوابها أما لو دريت ما هي وما ثوابها لما مللت قراءتها ولكن ساجزيك جزاءك أدخلوه الجنة وله فيها قصر من ياقوتة حمراء أبوابها وشرفها ودرجها منها يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها وله فيها حوران من حور العين وألف جارية وألف غلام من الغلمان المخلدين الذين وصفهم الله تعالى .

بسم الله الرحمن الرحيم

حم{1} عسق{2}
تقدم الكلام عن الحروف المقطعة في اوائل السور , ونضيف ما اورده الفيض الكاشاني في كتابه تفسير الصافي ج4 “عن الصادق عليه السلام معناه الحكيم المثيب العالم السميع القادر القوي” , وكذلك ما اورده القمي في تفسيره بهذا الخصوص ” عن الباقر عليه السلام هو حرف من اسم الله الأعظم المقطوع يؤلفه الرسول والأمام عليهما السلام فيكون الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب ” .

كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{3}
تستهل الآية الكريمة خطابها للرسول الكريم محمد “ص واله” ( كَذَلِكَ ) , مثل ذلك , ( يُوحِي إِلَيْكَ ) , الذي يوحى اليك يا محمد “ص واله” , ( وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ ) , اوحي الى الرسل والانبياء “ع” قبلك , ( اللَّهُ الْعَزِيزُ ) , في ملكه , الغالب , المنيع , ( الْحَكِيمُ ) , في صنعه وتدبيره وتشريعه .

لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ{4}
تستمر الآية الكريمة ( لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) , خلقا وملكا وتدبيرا , ( وَهُوَ الْعَلِيُّ ) , على خلقه , العلي في ذاته , ( الْعَظِيمُ ) , المتفرد بالعظمة .

تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{5}
تضيف الآية الكريمة ( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ ) , يتشققن او يتصدعن من عظمته جل وعلا , ( وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ) , ملازمين التسبيح والتنزيه والتعظيم , ( وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ ) , لفظ النص المبارك عام والمعنى خاصا بالمؤمنين التوابين , ( أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ ) , كثيرة المغفرة للتوابين , ( الرَّحِيمُ ) , بهم , وهذا الاسم الشريف خاصا بالمؤمنين مما يشير ويدل على اختصاص النص المبارك عليهم دون غيرهم .

وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِيَاء اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ{6}
تستمر الآية الكريمة في خطابها للرسول الكريم محمد “ص واله” مبينة ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِيَاء ) , اصنام , شركاء , ( اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ ) , رقيب على اعمالهم فيجازيهم عليها , ( وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ) , وما انت يا محمد “ص واله” عليهم بوكيل لتحفظ اعمالهم , ما عليك الا البلاغ .

وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ{7}
يستمر الخطاب في الآية الكريمة مضيفا مبينا ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ) , مثل ذلك الوحي اوحينا اليك يا محمد “ص واله” , ( قُرْآناً عَرَبِيّاً ) , بلغتك ولغة قومك , ( لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى ) , لتحذر به سكان مكة , ( وَمَنْ حَوْلَهَا ) , وسائر الناس , ( وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ ) , يوم القيامة حيث تجمع فيه الخلائق , ( لَا رَيْبَ فِيهِ ) , لا شك بوقوعه , ( فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ) , سينقسم ذلك الجميع الى فريقين , فريق في الجنة والفريق الاخر في النار .

وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ{8}
يستمر الخطاب في الآية الكريمة مضيفا ( وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ) , على دين واحد , ( وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ ) , بالتوفيق الى الهداية , ( وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِير ) , اما الكفار فيتركهم بلا مدافع عنهم ولا ناصر لهم من العذاب .

أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{9}
تستمر الآية الكريمة ( أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء ) , اصنام , زعموا انهم شركاء لله تعالى وشفعاء لهم , ( فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ ) , الناصر للمؤمنين , متولي امورهم , ( وَهُوَ يُحْيِي المَوْتَى ) , وحده جل وعلا القادر على ذلك , ( وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) , وهو جل وعلا القادر على كل شيء من غير استثناء .

وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ{10}
تضيف الآية الكريمة ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ ) , مع الكفار او فيما بينكم , فتعددت على اثر ذلك المذاهب والمسالك , ( فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ) , فله الحكم جل وعلا يوم القيامة , ( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي ) , الذي آمنت به واعبده , ( عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ) , اعتمدت عليه ووثقت به , ( وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) , ارجع بالموت او يوم القيامة .

فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ{11}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) , مبدعهما او موجدهما من العدم على غير سابق مثال , ( جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً ) , من نفس الجنس “البشري” , ( وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً ) , ذكورا واناثا , ( يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ) , يبثكم ويكثركم بالنسل والتوالد من ذكر وانثى , ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) , لا يماثله شيء , ( وَهُوَ السَّمِيعُ ) , لكل قول او صوت في اي مكان وزمان , ( البَصِيرُ ) , بكل شيء .

لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{12}
تضيف الآية الكريمة ( لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) , مفاتيح خزائنها , او اسبابها او اتساق نظامها … الخ , ( يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ ) , يوسعه ويعدد اسبابه ومصادره امتحانا او اجرا وثوابا , ( وَيَقْدِرُ ) , ويضيق الرزق على من يشاء ابتلاء او عقابا , ( إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) , فيقضي وفقا للمصلحة .

حيدر الحدراوي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here