يلطمون على الحسين.. ويرقصون مع يزيد

الاعلام العراقي يتارجح هذه الايام بين قضيتين.. وحدين متعارضين.

الاولى هي تغطية مراسيم عاشوراء، وتقديم فعاليات اللطم على الحسين بن علي، اعترافا من العراقيين بوقوفهم الى جانب الحق، والثورة، والحقوق الطبيعية لكل البشر، كالتزام اخلاقي.

والقضية الثانية هي الدعوة للحرب الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وفرض الحصار ضد الشعب الكوردي لكونه مجرد مارس حق “استطلاع” لمعرفة رايه، في حق تقرير المصير.

اي، طرفي الارجوحه هما: يسارا، المطالبة بحق، للامام الحسين بالخلافة، ولشيوخ الكوفة باعادة دواوين العاصمة لهم، قبل 14 قرن..

ويمينا، استنكار حق، للشعب الكوردي، ولو بمجرد ابداء رايه حول تقرير مصيره، وتأمين مستقبل اجياله بالشكل الذي يرتأيه.

وجه النفاق هو انهم يدعون الوقوف الى جانب الحق، كمبدأ، عندما يطالب به صاحب الحق، على اساس انهم مستلهمين الدرس جيدا، من الامام الحسين.. نظريا… ولكنهم يدعون عمليا لقتل صاحب الحق الذي يطالب بالعيش بكرامة على ارضه، عملا بدرس يزيد.

والكوردي لا يطالب سوى بحماية ابنائه من بطش الديكتاتوريات العسكرية العنصرية، ومنع عودة الجيوش المدججة لسياسات التهجير العرقي وحرق القرى ورش الغازات السامة مرة اخرى.

وبهذا فان الاعلاميين، والنخب الشيعية، ورجال الدين يمارسون هذه الايام الخداع الجمعي، بشكل يقرب من الشيزوفرينيا، للحد الذي يذهل المتابع من شدة تطرفهم بين النموذجين.. الدعوة للحق، نظريا، ولمنع الحق عمليا…

بالتاكيد، يعرف هؤلاء المنافقون ان الخليفة الاموي يزيد بن معاوية، حين استوقف ركب الحسين القادم الى الكوفه، ضرب عليه الحصار، من اجل قتل اهله واتباعه جوعا وعطشا، حتى صار اسم الحسين، في بكائياتهم، هو “عطشان كربلا”.. ولكنهم بنفس الوقت يدعون لحصار شعب كامل عن طريق غلق المنافذ الحدودية عليه، بالتعاون مع حكومات لا تعرف ذرة من الرحمة مثل ايران وتركيا، التي لا تختلف سياساتها الاجرامية بحق الشعوب عن وحشية الشمر بن ذي الجوشن، الذي قطع بيده راس الحسين، او عمر بن سعد الذي اطبق على ركبه الحصار..

الشمر، ابن سعد، الحكيم بن طفيل، اليوم كلهم يجتمعون في البرلمان العراقي، يدعون لاطباق الحصار، والهجوم على الشعب واستباحة مدنه، بل والغاء كيانه الذي كان قد قدمه الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين.

كل ما قام به الشعب الكوردي، عمليا، يوم الاثنين، هو استطلاع راي لا اكثر، لمعرفة ارادته، وحريته باختيار طريقة العيش التي يرتأيها على اراضيه، وليس على اراضي الاخرين.. وحق هذا الشعب باستعادة المناطق التي استقطعها صدام حسين من ارض كوردستان، مثل كركوك وخانقين ومندلي وسنجار، اثناء رسم حدود كوردستان عام 1974…

للكورد حق بتامين مستقبل اجيالهم، وضمان عدم عودة الدبابات لشوارع مدنهم، والطائرات الحربية لقصف قراهم، وايقاف التلاعب المزاجي العنصري برواتب ابنائهم، وفرض الحصار الاقتصادي على مواطنيهم..

هذه الحقوق يدعوا لها اللاطمون في الحسينيات نهارا، مثل اتباع الحسين، ويرفضونها، بشيزوفرينيا في الاستديوهات ليلا، مثل اتباع يزيد.

حسين القطبي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here