عشرة ايام ﻻ زالت تهزالعالم

دكتور/ علي الخالدي
يعتبرالقرن العشرين قرن النضال الوطني والتحرر القومي . فيه قامت أول دولة إشتراكية في العالم ، خارج المفهوم الكلاسيكي للنظرية الماركسية، القاضي بأن اﻹشتراكية ، ﻻ تقوم إﻻ في المجتمعات التي أبحرت في سلم التطوروالتقدم وخصوصا في المجال الصناعي ، الذي يخلق طبقة عاملة ، تمتلك إمكانيات تؤهلها إدارة النظام الإشتراكي . مع هذا أنتصرت ثورة أوكتوبرالإشتراكية وطبقتها العاملة لم يكن لها ذات وزن سياسي متطور صناعيا بالقياس ﻷوروبا الغربية وأمريكا ، وأقامت أول دولة للعمال والفلاحين في العالم ، وبذلك يكون مهندسها لنين قد أكد عمليا على عدم حتمية مقولة ماركس بأن إنتصار الثورة اﻹشتراكية ، يحصل في الدول المتطورة صناعيا ، وأثبت أن الماركسية ليست بنظرية جامدة فهي ذات ليونة لمن يحسن الغور بمفاهيمها بشكل يتماهي مع ظروف البلد الموضوعية، بدليل بقاءها هادية شعوب العالم للتخلص من إستغلال اﻹنسان ﻵخيه اﻹنسان في كل زمان ومكان
لقدأستشعرت الشعوب ومنها شعبنا بأن ثورة إكتوبرلم تقدم وصفة جاهزة لطريقة البناء اﻹشتراكي، فبدأت اﻷحزاب اليسارية في العالم تتعمق في اﻹبحار فيها ، وتوصلت بتحليلها الماركسي إلى أن عولمة المصالح اﻹقتصادية وإقتصاد السوق التي إتصف بها القرن العشرين، وإزدياد حدة تواصلهما بشكل منظور منذ بداية القرن الحادي والعشرين ، تطلب التصدي لهذه العولمة القائمة على اﻹضرار بمصالح الشعوب .فوجدت قواها الوطنية، أن إقامة نظام سلطوي إجتماعي مدني ، يسهل ويسرع طريق الوصول إلى العدالة اﻹجتماعية التي تدعو اليها الماركسية ، باﻹضافة ﻹعتبارها أن اﻹنسان غاية وهو أثمن راسمال ، وبقيمها تتمتع كافة مكونات المجتمع بحقوقها الإنسانية وبالحياة الحرة الكريمة في أجواء خالية من الصراعات الطبقية الفكرية واﻹجتماعية ، و في أجواء سلم دائم ومستقر ، تسوده المحبة والغفران . من هنا يمكن القول أن في القرن العشرين خُلقت مقومات النضال الوطني، وفي القرن الحادي والعشرين تواصل النضال من أجل بناء مجتمعات مدنية ، تساهم بصيرورتها كافة قوى المكونات اﻹجتماعية ، عبرتعبأتها في منظمات مجتمع مدني تعمل سويتاً على وضع مصالح الشعب الوطنية العليا في صدارة مهام بناءها المجتمع المدني .
بهذا الفكرالجديد الذي بدأء يتبلور بشكل ساطع في الشارع العراقي نداء بناء دولة ذات سلطات مدنية يعيدة عن النمحاصصة الطائفية ، يؤمل منه أن ُيتحول إلى تجربة رائدة للشعوب ، تسهل وصولها إلى العدالة اﻹجتماعية بدون نزاعات . حيث كل فئات مكونات المجتمع ستتحكم ببوصلة طريق السير اليها ، عبر رسروخ القيم الديمقراطية والحياة الحرة الكريمة بشكل سلمي يحاكي التحضر والتقدم العلمي
قبل خمسين عاما أحتفل شبيبة وطلبة العراق ، مع وفود من منظمات شبابية وطلابية من مختلف دول العالم بالذكرى الخمسينية لثورة أوكتوبر اﻹشتراكية العظمى ، وحاليا تجري اﻹستعدادات للمساهمة بالمهرجان التاسع عشرالذي سيعقد في سوتشي في ثورة أوكتوبراﻹشتراكية في منتصف تشرين اﻷول . وكأنهم بذلك يريدوا أن يؤكدو للعالم مع شباب وطلبة العالم . أن العشرة أيام التي هزت العالم كما كتب الصحفي اﻷمريكي جون ريد ، ﻻزالت تهزه ليومنا هذا ، حتى بعد مضي مائة عام على قيامها في17 اوكتوبرعند أطلاق مدافع باخرة أورورا قذاءفها على القصر الشتوي عام 1917 . و.بالرغم من كون شعبنا يعيش أجواء تحريراﻷرض من براثن داعش ، ويتصدى لمن يحد من نشاط منظماته المدنية نحو بناء سلطة مدنية لعراق ديمقراطي فدرالي موحد ، ومع هذا يواصل شبيبتنا التقليد الذي سار عليه زملائهم اﻷولون بضرورة إسماع صوتهم لطلبة وشبيبة العالم وهم يطالبوا بالتغييرواﻹصلاح
قُسمت الوفود المحيية للذكرى الخمسين لثورة أوكتوبرالى مجموعات توزعت على مدن اﻹتحاد السوفيتي للإطلاع على إنجازاتُها خلال خمسين عاما . كان نصيب وفدنا مدينة ستالين غراد ( فولغا غراد) ، هذه المدينة التي لم تُبقي النازية حجر قائم فيه إلا وساوته باﻷرض، إلا أن الطبقة العاملة الروسية أعادت لنهر الفولغا عروسه بحلة جديدة جعلها تحتل موقعها ضمن أجمل مدن العالم .
كل ما تذكرته من تجولنا في المصانع والكولخوزات ، وإسلوب حياة الناس في ظل اﻹشتراكية ، أن أغلب ماكان يحلم به لنين ورفاقة هو الذي وقف وراء دهشتنا على ما وصل اليه اﻹتحاد السوفيتي من نجاحات جبارة في كافة اﻷصعدة العلمية والصناعية خلال خمسين عاما من عمر الثورة . يؤسفني لعد م إمتلاكي صور تدعم ذلك ، سوى الصورة المرفقة عن زيارتنا لمحطة الفولغا الكهرمائية التي بنيت بوحي من فكرة لينين كهربة البلاد السوفيتية
بعد تجولنا في منطقة فولغاغراد (ستالين غراد) إجتمعت الوفود في مدينة لينين غراد، سانت بطرسيرغ حاليا ، توزع وفدنا على اللجان المختصة ، التي قدمت فيها الوفود دراسات تناولت دور الشباب والطلبة في المهام الوطنية ، منها دراسة عن المسالة القومية تحت عنوان شباب العراق يناضل من أجل الديمقراطية والحكم الذاتي لكردستان العراق
لقد أعادت إستعدادات شبيبتنا وطلبتنا للمساهمة في المهرجان التاسع عشر لذهني مساهمة وفدنا في إحتفالات شبيبة العالم بالذكرى الخمسين ﻹندﻻع ثورة أوكتوبر في عام 1967 ، وما كان يدور في خلدي من سؤال ، هل سيُحتفل بذكراها المئوية في القرن الحادي والعشرين ، الذي شهد عقده الثاني أنهيار المعسكراﻹشتراكي بما فيه ما أنجزته ثورة أكتوبراﻹشتراكية ، جراء فشل اﻷنظمة اﻹشتراكية في خلق قادة نظام إشتراكيين حقيقيين ، يتمسكون بمقولة أن اﻹنسان أثمن رأسمال ، وإن غايتهم اسعاده ، لكونهم إنشغلو (إلا ما ندرمنهم) ، بتحويل أنفسهم أفندية ذو ياقات بيض، فإنعزلوا عن الشعب وإنقادوا لما كانت تحيكه الدول الرأسمالية من مؤامرات على اﻹشتراكية ، مستغلة الفشل في تطبيق مفاهيمها على واقع ظروف بلدانهم الذاتية والموضوعية
كانت مهرجانات وفعاليات الشبيبة والطلبة العالمية تضع مسالة كسب التضامن مع نضالها الوطني في أولياتها ، و مما أتذكره عن المهرجان التاسع الذي أحتوته صوفيا عاصمة بلغاريا عام 1968 وكذلك المهرجان العاشر في برلين الديمقراطية عام 1973، يعيد إلى اﻷذهان حاجتنا إلى تضامن شبيبة وطلبة العالم ، مع شعبنا وهو يمر بظروف إستثنائية ، تملي على وفد نا الذاهب لسوتشي مهام طرح تجربته في بناء العراق الجديد ، وعملية شق طريق بناء الدولة المدنية الديمقراطية وصولاً إلى العدالة اﻹجتماعية . متبادﻻ الراىء
وإياهم ، باﻹستقادة من التجربة الغنية التي جاءت بها ثورة أوكتوبر وحركات التحرر الوطني وروحية التضامن اﻷممي بين الشعوب

صورة لوفدنا مع الوفود عند زيارة المحطة الكهرمائية على نهر الفولغا ، عمرها خمسين عاما

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here