من يملك السلطة الحقيقية في ليبيا؟

لا تزال ليبيا تعاني من الفوضى ومن عدم الاستقرار السياسي والعنف من قبل مختلف الجماعات الإرهابية مثل “الإخوان المسلمين” وداعش والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بعد تدخل الولايات المتحدة ودول حلف الناتو عام 2011 في الشؤون الداخلية للدولة ذات السيادة واغتيال زعيمها معمر القذافي.

وفي الوقت الحالي تسعي قوتان متعارضتان إلى فرض السيطرة على البلاد ومن بينهما: حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج في طرابلس والمعترف بها من طرف الأمم المتحدة والبرلمان المنتخب من قبل الشعب وهو مجلس النواب في طبرق الذي يدعمه القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر.

تجدر الإشارة إلى أن حقق خليفة حفتر النجاحات الكبيرة في مكافحة المتطرفين والجهاديين خلال الأعوام الستة الماضية. وإضافة إلى ذلك بدأت عملية توحيد القبائل في البلاد بفضله. ويبلغ عدد أفراد في جيشه نحو 60 ألف مقاتل.

ويسيطر الجيش الوطني الليبي على أهم محطات النفط في منطقة الهلال النفطي التي تضم موانئ الزويتينة ومرسى البريقة وراس لانوف والسدرة ومن خلالها يتم تصدير نحو نصف النفط الليبي.

وفرض حفتر في أواخر مايو 2017 السيطرة على قاعدة الجفرة الجوية الاستراتيجية التي تقع على بعد 500 كيلومتر جنوب العاصمة طرابلس. وفي مطلع يوليو العام الجاري أعلن عن تحرير بنغازي ثاني أكبر المدن في البلاد بأكملها من كافة الجماعات الإرهابية. واحتفل بهذا الانتصار ليس سكان شرق ليبيا فقط فحسب بل سكان العاصمة طرابلس على رغم من مخاوف التعرض للاعتقال من قبل الفصائل التي تسيطر على المدينة.

وفي الوقت الحالي يسيطر الجيش الوطني الليبي على أكثر من 80 % من أراضي البلاد. وفي الواقع يملك خليفة حفتر الجزء الأكبر من السلطة الحقيقية في ليبيا.

بدوره يسيطر رئيس الوزراء، فايز السراج، على الجزء الغربي من ليبيا فقط لكنه لا يستطيع التأثير على الوضع في البلاد. وخلال مدة سنة ونصف لم يتمكن من توسيع صلاحياته خارج العاصمة طرابلس.

فإن فايز السراج ليس لديه القوات المسلحة. وتوجد العديد من الجماعات المسلحة في طرابلس وضواحيها والتي تدعم رئيس الوزراء الليبي لكنها لا تطيعه. في إقليم طرابلس يمكن السراج أن يعطى أوامر لكتيبة ثوار طرابلس برئاسة هيثم التاجوري فقط.

بالإضافة إلى ذلك لم يتمكن رئيس الحكومة الليبية من حل مشاكل الاعتداءات من قبل العديد من الجماعات المسلحة، وإعادة بناء نظام الرعاية الصحية ونظام العدالة، وتنظيم إمدادات الكهرباء بشكل مستمر.

من الواضح أن فايز السراج بدأ يفقد تدريجيا شعبيته بين السكان بسبب توفر المشاكل العالقة في البلاد ولذلك فقدت حكومته ثقة الليبيين.

وفي الوقت نفسه بدأ أنصار المشير خليفة حفتر حملة لجمع توقيعات من أجل فرص سيطرته على أراضي ليبيا كلها. وتطالب حركة “التفويض الشعبي لإنقاذ ليبيا” حفتر بالتقدم إلى العاصمة طرابلس. قال ناشطون إن الحملة جمعت حتى الآن 700 ألف توقيع من أجل الحصول على الدعم الشعبي قبيل انتهاء تفويض فايز السراج في ديسمبر المقبل.

من الطبيعي أن ستستغرق استعادة سيادة الدولة الليبية واستئناف عمل المؤسسات الحكومية فيها عدة سنوات. ولذلك يعتبر خليفة حفتر في الوقت الحاضر الشخصية الحقيقية الوحيدة في البلاد والقادرة لتأمين الاستقرار في المستقبل القريب.

أحمد صلاح

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here