خصخصة مجلس النواب العراقي ..!

تستقيم كل التعاريف لمجلس النواب العراقي مع الخط البياني المتدني لادائه في التشريع والرقابة، ماعدا صفته القانونية والاعتبارية في تمثيله للشعب العراقي، خلال دوراته المتلاحقة منذ سقوط الدكتاتورية، لتنطبق عليه صفة ( الفضائية) بامتياز، يتفرد به من بين كل برلمانات العالم، في سابقة لامثيل لها على مدى التاريخ .
هذا الواقع غير المعقول ولا المقبول لاداء السلطة التشريعية في العراق، ترسم لوحته النهائية حصيلة (الانجاز ) المتواضعة للبرلمان على مدى دوراته المتعاقبة، والتي اتسمت بتعطيل اصدار القوانين الاساسية المهمة في الحياة السياسية والاقتصادية للمواطنين، باتفاق قادة الكتل والاحزاب لحماية مصالحهم على حساب مصالح الشعب، والعمل على( تصنيع ) الازمات وادارتها، وفق توقيتات محسوبة لبقاء الحال على ماهو عليه، تحت عناوين الصراع الطائفي والعرقي لادامة الخراب وتطويره لمديات متصاعدة، دفع الشعب ومازال ضرائبه الدموية من خيرة ابنائه، وضرائبه الاقتصادية بشضف العيش وبفقدانه الأمل بحياة كريمة لاجياله .
هذا البرلمان ( العتيد ) تحول الى ائتلاف لمجموعة ( شركات ) تأتمر باوامر رؤساء الكتل في الحضور والغياب لتعطيل (النصاب )، خلافاً للقسم القانوني الذي يحدد مسؤلية الاعضاء في دفاعهم عن مصالح الشعب العراقي وفقاً للدستور والقانون . وليس ادل على ذلك من دعوة رئيس البرلمان الاخيرة لكتلة التحالف الكردستاني، بالعدول عن مقاطعتها لجلسات البرلمان منذ الثاني عشر من الشهر الماضي، على خلفية رفض البرلمان لاستفتاء كردستان، وقبل ذلك كان للكتل الاخرى جولات في منهج التعطيل باوامر من قادتها على مدى تاريخ البرلمان .
لم يشهد العراقيون طوال دورات البرلمان مسائلةً ولاحساب لــ (جوقات) المعطلين لجلسات البرلمان، أولئك المنتظمين في جلسات الاسترخاء في (كافتريا البرلمان) في اوقات الجلسات الرسمية، بهدف كسر النصاب تنفيذاً لاوامر قادتهم ،حتى تحول هذا السلوك الى (سلاح) سياسي لعقد الصفقات المشبوهة التي جرت البلاد الى الفوضى والخراب والارهاب، باعتراف الجميع .
ان معادلة ( الثواب والعقاب ) في مجلس النواب العراقي مقلوبة بالتمام والكمال، وذلك يتجسد في الفرق بين اداء عضو المجلس وامتيازاته ، فامام ضعف الاداء نتيجة الولاءات البعيدة عن المهنية والوطنية، تبرز نوعية وقيمة الامتيازات التي يحصل عليها نواب البرلمان العراقي، والتي تمثل اعلى مستواً بالمقارنة مع مثيلاتها في عموم برلمانات العالم، وهي نتيجة كافية ووافية الدلالة على ( خصخصة ) مجلس النواب العراقي لصالح قادة كتله وقادة الاحزاب المنضوية فيها ونوابهم، ليقدم هؤلاء ( القادة ) درساً جديداً للفساد لايحسدهم أحد عليه ..!.
علي فهد ياسين

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here