الوساطة في أزمة العراق.. ودور الأردن

فاتح عبد السلام

عندما ترفض الحكومة العراقية الوساطة الاردنية للمباشرة بجلسة حوار بينها واقليم كردستان، تكون أمام خيار آخر يتضح من منطق سير الاحداث ، وهو عقد الحوار المباشر داخل العراق من دون وساطات خارجية . لافروف وزير الخارجية الروسي قال صراحة قبل يومين أنّ بلاده مستعدة لتكون وسيطاً إذا احتاج الطرفان المتنازعان الى وسيط .

دخول أي وسيط خارجي، يعني انّ النزاع الحالي سيتحول من دون إرادة أطرافه الى إطار إقليمي أو دولي ، وسوف يأخد مديات طويلة في وصول أطرافه الى نقاط تفاهم ، من الأسهل كثيراً الوصول اليها على طاولة داخل العراق، لاسيما إنّ الأطراف يعرف بعضها البعض الآخر ، وسبق أن عملت قبل احتلال العراق وفي خلال فتزة احتلاله اللعينة ،وكذلك بعد ذلك وصولاً الى السنة الماضية التي بدأت فيها عمليات تحرير الموصل والتي افتتحت قوات البيشمركة الصفحة الأولى منها ضمن خطة القيادة العامة التي حددت لكل طرف مساراً في العمليات.

وبرغم انني أميل إلى إنّ تباشر بغداد وأربيل الحوار الصريح تحت سقف البلد الواحد الآن، أرى في الوقت ذاته أنّ أفضل وسيط إذا ما تعقدت المجريات ، في هذه الأزمة ،هو العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ، فهو الأكثر حرصاً من جميع الاطراف الدولية والاقليمية كإيران وتركيا على استقرار المنطقة ،لأنّ بلده عرف المعاناة الأكبر بسبب حروب المنطقة وتداعياتها ، وكل ما حصل في العراق وسوريا و فلسطين ولبنان انعكس بشكل سلبي وضاغط على الاردن البلد الصغير في موارده والكبير في خبرته كعامل استقرار في الحيز الجغرافي الأكثر عنفاً واضطراباً في الشرق الأوسط .

تأخير الحوار في هذا النزاع ، ليس من مصلحة أي طرف، بل إنّ التأخير هو إفساح واضح لمجالات التدخل الخارجي من الطامعين إيران وتركيا، وهما دولتان تعتاشان على ضعف الحكم في بغداد وتذبذبه وهشاشته.

على أربيل أن تفكر بجعل بغداد خيارها الأول ، ربما لم يبق لها خيار آخر بشهادة الأزمة الأخيرة ، وعلى بغداد أن تعي من دون تعال أو تشف أو غرور، مسؤوليتها الدستورية في حل أية مشكلة داخل البيت العراقي وليس خارجه .
الزمان

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here